عباس البخاتي يكتب لـ(اليوم الثامن):
يوم القدس العالمي.. بعيدا عن العاطفة
بعيدا عن التحامل...فلا زلت وإياكم على دين واحد، فلا تخرجونا من الملة فأنا على بصيرة من أمرنا ونعي ما نقول.
تعودنا في ميدان الكتابة، أن نتحدث من حيث نحن لا من حيث ما يدعيه المنتفعون، أو يتمناه النرجسيون.
ان الكتابة من حيث أنت تجعل قلمك، صادقا فيما يسطر، كونه يعكس ذاتك ورؤيتك، كما تعطي لحرفك اثرا في نفس القاريء، فهو يصدر عن مشاعر صادقة بعيدة عن المحاباة ومجانبة الحقيقة، كالذي نؤكده في حديثنا المتعلق بالقدس ويومها العالمي.
التحضيرات في إيران قائمة على قدم وساق، إستعدادا لإحياء يوم القدس، يشاركها المناهضون للكيان الصهيوني من بعض البلدان.
الإحتفال بيوم القدس جاء تلبية لدعوة قائد الثورة في إيران السيد الخميني، بعد الإطاحة بنظام الشاه وانتصار الثورة الإسلامية، حيث أكد على ان تكون الجمعة الاخيرة من شهر رمضان يوما عالميا للقدس.
بعيدا عن العاطفة، فليس لمنصف ان يبدي ادنى مقدار من الإعتراض، على ضرورة ان تكون للأمة الاسلامية كلمتها، في رفض التعدي على الكرامة ومصادرة الحقوق، خصوصا ما يمارسه الإحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
كما تحسب للقيادة الإيرانية هذا الإهتمام، بقضايا الأمة المصيرية ووقوفها في صدارة الدول، الرافضة لسياسة الاحتلال ومن يقف ورائها من الدول العظمى، برغم ما تعانيه من مشاكل وتحديات تستهدف أمنها القومي.
البعد المؤسساتي والوعي الجماهيري الساند والإرادة السياسية المنسجمة، كلها عوامل جعلت من إيران هي الوحيدة التي تجاهر بدعمها لقضية الشعب الفلسطيني وتطلعاته في إستعادة أرضه.
بناء على ذلك مهما يكن حجم التأييد الإعلامي، والزخم العاطفي مع فعالية يوم القدس، فهي تبقى أفكارا متبناة من أشخاص أو مؤسسات شعبية او نقابية أو حركات سياسية، وغالبا ما يتعارض ذلك مع القرار السياسي لهذا البلد او ذاك، وعليه يبقى تأثيرها محدودا، ما لم تدعم تلك الأفكار ويتم تبنيها من قبل الدول، لأن قراراتها تكون ذات اثر بالغ، لأنها حتما مبنية وفق تفاهمات دولية ومصالح متبادلة.
جدير بالذكر ان بعض الأنظمة لا تتفق مع الرؤية الإيرانية حيال قضية القدس، لكنها تغض الطرف عن ما يصدر من حراك شعبي ووهج أعلامي، من بعض الأحزاب والحركات على أراضيها فضلا عن مواطنيها_مادام هذا الأمر لا يمس أمنها القومي.
في العراق الأمر مختلف بخصوص تلك الممارسة، عما يحدث في بقية دول العالم فضلا عن دول الجوار، اذ يلحظ المراقب ان هنالك حالة فيها شيء من الإفراط في التفاعل مع تلك المناسبة، وإن ادى ذلك الى إستفزاز شرائح من المجتمع العراقي، أو تجاوز الأعراف الدبلوماسية في توجيه النقد اللاذع، للدول التي تربطها علاقات تعاون مع إسرائيل، وبنفس الوقت لتلك الدول علاقاتها مع طهران، والتي تشهد تطورا ملموسا بالرغم من رعايتها وقيادتها للمحور المناهض لإسرائيل والرافض للتطبيع معه!
الإفراط الذي أشرنا إليه لم يكن هو المأخذ الوحيد، الذي يسجل على أغلب الفعاليات المنسجمة "عاطفيا" مع حالة التحشيد ضد الكيان الغاصب، بل إن التفريط هو الأكثر وقعا في نفوس أبناء الشعب العراقي ولإعتبارات عدة.
إذ يفتقر العراق للعوامل المشار إليها آنفا، والتي جعلت من إيران إنموذجا يشار له، ومكنتها من قيادة المشهد المناويء لإسرائيل وفرضت نفسها كفاعل مؤثر جدا في المعادلة، فالعراق ليس إيران في وحدة قراره السياسي، في ظل التعددية السياسية والمذهبية والدينية والقومية، والتي أصبحت عرفا يصعب مغادرته في عراق ما بعد ٢٠٠٣.
العراق ليس شبيها لإيران في رصانة مؤسساته العسكرية والسياسية، والتي يمكن الإعتماد عليها في حال جعلته الأقدار، بمثابة راس حرية المواجهة المرتقبة مع الاحتلال الإسرائيلي.
ان ما عاناه الشعب العراقي ولا زال من نقص في أبسط متطلبات الحياة وصعوبة تحقق حلم ابناءه، في عراق امن بعيد عن سطوة السلاح، والفساد المالي الذي تغذيه قوى اللادولة.. كل تلك المعوقات ساهمت في ابعاد قضايا الامة عن صدارة إهتماماته، كون المزاج العام للنخب والجماهير، يميل نحو تهيئة متطلبات العيش الكريم للشعب، وتجاوز سنوات الحرمان والحروب العبثية التي جعلته وقودا لها.
عدة تساؤلات تدور في أذهان "البعض" موجهة للجهات النافذة في العراق والتي تدفع باتجاه التصعيد مع دول التطبيع تارة وضد الوجود الأمريكي في العراق تارة أخرى، وإن كان الواقع كفيل بالإجابة عنها.
ماهو تعليقكم حول العلاقة الودية بين إيران وبعض العواصم التي كانت سباقة لبناء علاقات متينة مع إسرائيل؟
ما هو موقفكم من الحوار الحاصل بين طهران والرياض والذي من المؤكد ستكون له تداعيات إيجابية على المنطقة برمتها خصوصا ما يتعلق بالشأن اليمني؟
بأي لغة ستخاطبون الجماهير في حال افضى نجاح الحوار الإيراني _السعودي الى فتح آفاق جديدة لحوار أمريكي _إيراني، خصوصا بعد وصول الحمهوريين الى السلطة ورؤيتهم الخاصة تجاه الملف النووي الإيراني المختلفة عما كانت عليه في عهد ترامب؟.