مسعود احمد بيت سعيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
اليمن يمن والحكمة يمانية
اليمن السعيد جرحه نازف ، فالحرب مازالت مستمرة. خمس سنوات عُجاف ، واليمن ينزف دماً وجوعاً وحرماناً . حرب عدوانية عبثية ظالمة تحصد الأبرياء من الاطفال والنساء والشيوخ والفقراء وعموم الذين لا علاقة لهم بصراع المصالح ومكاسبه
حصار وتجويع وقصف جوي وإنزال بري وبحري ضد شعب عربي اعزل من كل شيء، الا من الارادة والصبر والايمان.
ماذا يجري في اليمن السعيد؟
لا نعلم ماذا؟ يقولون الدفاع عن الشرعية، عن اي شرعية يتحدثون
يفقد المرء صوابه عندما يسمع هذا الهذيان، اي شرعية هذه التي يباد اليمن عن بكرة ابيه لأجلها.
يجيبوا المد الايراني فهل مواجهه المد الايراني استراتيجياً تتطلب تدمير اليمن ؟ يعجزوا عن الاقناع
ولو فرضنا جدلا ايها الأشقاء المحترمين ان مخاوفكم سليمة وان ايران لها اطماع توسعية في المنطقة ، ما علاقة هذا بالحرب على اليمن .جماعة أنصار الله مكون من مكونات اليمن ولا يستطيع احد إلغاؤه ،ناهيك انه حليف تاريخي للملكة العربية السعودية .
دُمرت العراق وسوريا واليمن وليبيا بمن ستواجهون المد الايراني الوهمي المزعوم ؟ بالأساطيل الامريكية اليس هذا مخجل ومعيب؟ رغم ذلك لا يشكل ضمانه امنة. الضمانة الامنة الوحيدة لأي بلد عربي هو الحضن العربي الدافئ وترتيب البيت العربي الكبير رغم ما اصابة من عطب على مر السنين . "ستثبت الايام سلامة هذا الخيار " مهما كان بعيد المنال وفق معطيات الراهن . كل الخيارات الاخرى صعبة ومكلفة للطرفين. تحت كل الظروف يبقى هذا أفضل الخيارات. ما هو البديل الاخر؟ تدويل الاوطان وماهي الضمانات؟ واين تجارب التاريخ ؟
ان الشعبين الشقيقين تربطهم اواصر وعلاقات تاريخية مديدة وخاصة. المهم ان تملك المملكة العربية السعودية الشجاعة وتعلن فورا وقف إطلاق النار ووقف الحرب الإعلامية ورفع الحصار من جانب واحد. وفتح حوار وطني يمني شامل، ويمني سعودي برعاية الجامعة العربية . هذا ليس تمني بل سنصل اليه ولكن بعد خسائر كبير. ان فرض المصالح بالقوة لا يشكل خيار ناجعاً ومضمون النتائج. رغم الالم المرير لسنا مع ادامة الخلافات العربية الى الابد، فالعالم العربي على صفيح ساخن ولا يحتمل المزيد من النار .ان الحوار الاخوي والصادق بين جميع الأطراف دون إقصاء اي مكون وبجهد الأشقاء العرب الموثقين الذين يقفون على مسافة واحده من الجميع سيثمر حلاً مقبولاً .
ان الظلم والغبن التاريخي المتراكم يقدم الذرائع والحجج ويسهل التدخل " " فالصالحة الوطنية الشاملة ضرورة تاريخية " لقد كنا من المراهنين على اصالة الشعب اليمني البطل وروحة الوطنية والحكمة اليمنية المتأصلة في العقل والوجدان الشعبي ، ومقدرتها في شدائد المحن على التجلي وتغليب المصالح الوطنية الكبرى على كل شيء.
.لن نقول خذلنا رهاننا فلازال رهاننا قائم و ستؤكده الايام .فالشعب اليمني ضارب الجذور في أعماق التاريخ ويختزن الكثير من الاسرار والطاقات العصية على الفهم العادي ومركبة الكيميائي مخيف .
رغم ان البعض لايزال في غير موقعة التاريخي وهذا مؤسف ومحزن ويجد المبررات لتخندق مع هذا الطرف او ذاك متمسكين بجزئيات القضايا ولكن هذا موقت عابر وستستقر الامور لو بعد حين .
ان طرفي الصراع الرئيسين المحميين بالمال العربي والاقليمي.
لا يملكوا مشروع وطني شامل لبناء دولة المؤسسات والعقد الاجتماعي الديمقراطي .لقد وضعتهم الظروف في مواقع متباينة وليس ذلك سوى في الشكل ،اما في المضمون فالأمر يبدو مختلف تماما .
لقد فرض صراع المصالح تغيير المواقع ومحظوظ من تضعه الاحداث في موقع وطني انها " هبة من رب العالمين " . اليمن اكبر من الجميع ومع مرور الايام سيجلس الطرفين على طاولة الحوار لتقاسم المصالح ،وتخسر اليمن للمرة الالف فرصة بناء نظام حكم وطني ديمقراطي تعددي ، مالم تبني القوى الوطنية مداميكه من الان ولو من الناحية النظرية حتى يترسخ في العقل الجمعي اليمني والعربي والعالمي مسار المستقبل . لكن .اين القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية اليمنية؟ لماذا هي مقسمة على جانبي الصراع؟ اين جماهير ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين ؟ اين الرموز التاريخية الذين عصرتهم التجارب المريرة ؟ لماذا لا تتحد في هذا الظرف التاريخي؟ لماذا لا ترص صفوفها ؟ لماذا لا تشكل وفد مشترك يجوب كل العالم بداء من العالم العربي؟ لإبراز صوتها المميز، وهي لديها علاقات واسعة و تملك نفوذ معنوي كبير ورصيد تاريخ ونضالي وجماهيري غير محدود .
لماذا لا تتقدم بمشروعها الوطني الشامل؟ فهي الاقدر على رسم ملامح المستقبل للكل اليمني وتقديم صيغ التعايش القادم وفق ما تملية ظروف الحال المعقد واحلام المستقبل .
والله نعلم الظروف الصعبة وحجم الخلافات والحصار وتعقيدات المشهد العربي والاقليمي. ورغم كل ذلك يستطيعوا ان يفعلوا الكثير ويقدموا الكثير وتجاوز الكثير من الخلافات والتباينات مهما كانت عميقة. وهم مؤهلين تماما لدور تاريخي مستقبلي . معظم الرموز التاريخية في الخارج ويستطيعوا التحرك بسهولة .انبذوا خلافات الماضي واتجهوا نحو المستقبل لا نقول هذا لإعطاء الدروس وتوزيع المواعظ . فاليمن قادر ان يعلم البشرية كلها المواعظ والدروس. بل لان اليمن وشعبها عزيزان علينا معزه عُمان وشعبها . نقول هذا والقلب يعتصر الماً وحصره وحنين.
ورغم وحشة الظلام سيبقى اليمن يمن والحكمة يمانية.