مسعود احمد بيت سعيد يكتب لـ(اليوم الثامن):

قلب العروبة النابض.. والاستحقاق التاريخي

تدخل الحرب الامبريالية والصهيونية ومن لف لفهما على سوريا العربية عامها العاشر، أحدثت دمارا وخرابا طال كل شيء على ارض العروبة . يأتي هذا الاستحقاق والحرب توشك ان تضع اوزارها ، مكللة بنصر محتوم لسوريا العربية عمد بالدم والتضحيات الجسام. قدمها الشعب السوري العظيم دفاعا عن الامة العربية كلها من المحيط الى الخليج .

 

كان حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، على الدوام محكوم بمتطلبات الجغرافيا السياسية ، يرى الاستهداف دائما.  نتيجة موقع سوريا في خارطة الصراع العربي الصهيوني، مما يتطلب احكام السيطرة المطلقة.. فيما للحفاء في الجبهة الوطنية التقدمية وخارجها . نظره اخرى تقر بأهمية سوريا ودورها التاريخي في قلب الصراع وترى الضمانة الأساسية لحماية الخيار الوطني في توسيع هامش الحريات السياسية والانفتاح الواسع على القوى الوطنية والتقدمية مما يعزز دور وسيطرة الجبهة الوطنية العريضة المشاركة في الحكم، وكل القوى الوطنية الاخرى الممثلة للطبقات الشعبية الكادحة المعادية للإمبريالية والصهيونية الضامن الوحيد لحماية المكتسبات الشعبية والخيار الوطني السليم.

وهي نظرة كل القوى التقدمية العربية المحبة لسوريا والأمة العربية.

 

ظلت تلك القوى تشكو على الدوام من بعض المحاذير التي لا ترى لها مبرر مقنع . فتعزيز وتمتين  الجبهة الوطنية الداخلية مدخله  الاساسي المزيد من الحريات وليس العكس  .حتى يأتي القرار السياسي معبرا عن الكتلة التاريخية العريضة  ذات  المصلحة الاولى في حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الثوابت القومية الكبرى الناظمة للفعل السياسي الوطني وتوطد اركانه .

 

كانت لك نظره مبرراتها ومسوقاتها من على قاعده وطنية، وقد اجابت الاحداث العنيفة والتجربة المريرة على الكثير منها ونقحتها الى حدا كبيرا وأصبح من البديهي رؤيتها.

 

كان  منسوب الوعي السياسي والثقافي للشعب السوري ، ربما اوسع من هذه النخب  واعتبرها حجج في معظم الاحيان ، "الشعب هو المدرسة الحقيقية "ظل يطالب بالمزيد وهو محق. رغم ان سوريا بها احزاب سياسية من بدايات القرن العشرين  بل وربما اقدم   من ذلك ،  ومعارضة وطنية ديمقراطية وان لم تكن في أحسن الأحوال، لكنها موجودة وعلنية. بعض الذين يريدوا تعليم الشعب السوري الديمقراطية ليس لديهم انتخابات بلدية بعد.

 

لقد لعب الشعب السوري دورا محوريا واساسيا في نشر الوعي الوطني والثقافة القومية والتقدمية المستنيرة في محطيه العربي وكان طليعيا في رسالته الوحدوية ، لقد كانت سوريا ولاتزال قلب العروبة النابض.

منذ بداية الازمة كانت افاق الحرب واضحة، فسوريا مستهدفة على الدوام وكذلك كل القوى الوطنية والقومية والتقدمية. ونقلها من موقعها الوطني الى موقع اخر ظل هدف قائم وهو الهدف الرئيسي لهذه الحرب العدوانية الشرسة.

 

تشكل إطار دولي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية سمي زورا وبهتانا بأصدقاء سوريا وجلهم من الإمبريالية والصهيونية اعداء سوريا ولامة العربية بل واعداء البشرية كلها. ظلوا يعملوا ويرسموا الخطط لأسقاط النظام الوطني السوري علنا ، لم تعد هناك مؤامرة تحاك في الخفاء ،تحت شعارات نبيلة ، الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان .

 

وقد استجلبت واستخدمت الجماعات الإرهابية التي جاءت من كل اصقاع الارض محملة بالعقد والاحباطات والخيبات معظمها من سجون الامبريالية الأمريكية وأدواتها المحلية والاقليمية، مطية لتحقيق هذه الشعارات المضللة.

 احكمت تلك الجماعات الإرهابية المدعومة امريكيا السيطرة على معظم المناطق السورية واقامت نموذج حكمها الديمقراطي المزعوم الذي يراد تعميمه على كل المنطقة العربية.

 لولا الصمود الاسطوري السوري لتغير شكل منطقة الشرق الاوسط كلها ، وسيترتب على نصرها تفاعلات وتجليات كبرى تؤذن بفجر جديد على عموم المنطقة والعربية تحديدا ، مما يستوجب تقديم التحية لهذا الشعب العظيم وجيشه الباسل وقيادته الشجاعة وفي المقدمة القائد العربي الكبير  الدكتور بشار الاسد رئيس الجمهورية العربية السورية  .كانت الحماية  الصهيونية والرعاية  الامريكية  واضحة لهذه الجماعات   ترى دعمها ضرورة يحقق  ما عجزت  عن تحقيقه بوسائلها الخاصة .

ولتغطية الارتباط المباشر لهذه الجماعات الإرهابية الأجيرة بالمشروع  الصهيوني  انبرت بعض النخب السياسية والثقافية ووسائل اعلامية كبرى للقول بان النظام السوري لم يطلق رصاصة واحدة ضد العدو الصهيوني بعد حرب تشرين.

 

وكادت القول "لذلك قامت امريكا وإسرائيل بهذه الحرب لإسقاطه  حتي يأتي نظام اخر اكثر مقاومة وثورية ويحرر الارض العربية وفي مقدمتها فلسطين " يقول الشاعر العربي الكبير مظفر النواب بوصلة لا تشير الى فلسطين مشبوه والجماعات الإرهابية المرتزقة  كانت على مرمى حجر من فلسطين والقدس . وبيدها المال والسلاح   ولكن بوصلتها مشبوهة حقا .ان معارضة النظام السوري واي نظام حق مشروع لكل انسان ويجب أن يبقى كذلك الى الابد ، واي نظام بلا معارضة وطنية لا طعم له ولا لون بل ومع مرور الايام سيفرز روائح  تلوث سماء الوطن ، ولكن هذا شيء و استقدام المرتزقة واعداء الامة وشرعنه تدخلهم  شيء اخر ، قد يخرج صاحبة من الدائرة الوطنية الواسعة الى دائرة الاعداء الضيقة والتاريخ يقدم البرهان . ناهيك بانة لن يجلب الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهي مطالب محقه ومشروعه.

 

سوريا كانت مختبر للأسلحة الحديثة والفتاوى الإرهابية الحديثة والافكار الغير وطنية الحديثة والثورات المزيفة الحديثة والتحالفات الغير مبدئية الحديثة.

ينبينا الاعلام العربي "بان ثوار الناتو المجاهدين المطالبين بالحرية والديمقراطية قد انتقلوا الى فضاء اخر " بوصلتهم ليس الحرية والديمقراطية بل خدمة اهداف الناتو انها فعلا مشبوهة.

ظلت الازمة السورية رغم وضوحها الشديد ،ملتبسة للكثير من ذوي النيات الحسنة ضحايا  التضليل الاعلامي المؤدلج .

 

في ظل هذه المعطيات تأتي الانتخابات الرئاسية بمشاركة نسائية غير مسبوقة لتدخل المعترك السياسي للموقع الرئاسي ، وسط رفض وتشكيك امريكي واوروبي وموقف سلبي من الامم المتحدة وتأييد حلفاء سوريا وفي المقدمة روسيا وايران ، وان كنا نعتقد بان الرئيس الاسد قد تجددت شرعيته في ميدان الصراع الوطني دفاعا عنن سياده سوريا وعروبتها وحماية استقلالها  ووحدة ترابها الوطني .

 

قدمت الحرب الكونية على سوريا دروس تاريخية مهمة.

 

استأذنكم بان أطلق العنان للخيال ونفترض معا "   بان ما انفق من مال وسلاح وتجييش اعلامي وفتاوى دينية ومقاتلين  ومؤتمرات دولية وحصار وتطويق من الجهات الاربعة وكل ما رأيتموه  وقرأتموه  وشاهدتموه عربيا ضد سوريا لمده عشر سنوات.

 تم توجيهه ضد الكيان الصهيوني " كيف ستكون النتيجة .

هل الاعداء منتبهين لهذا؟  اجزم بذلك .

بقلم المحامي: مسعود احمد بيت سعيد