مسعود احمد بيت سعيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
٨ سوريا للسوريين! أوقفوا الحرب ضد سوريا
سلامٌ من صبا بردى ارقُ.. ودمعٌ لا يكُفكف يا دمشقُ
احمد شوقي
يحفظ التاريخ في زاويته المشرقة للشعب السوري العظيم سجلا ناصعا في مقاومة المستعمرين .
منذ بدأيه القرن العشرين ثورات ، وانتفاضات متواصلة لا تهدأ ولا تستكين . ابراهيم هنانو صالح العلي يوسف السعدون عمر البيطار حسن الخراط يوسف العظمة عبدالرحمن الشهبندر فوزي القاووجي والقائمة تطول بالقادة والشهداء الابطال .
وفي١٧ تموز١٩٢٥م أصدر سلطان باشا الاطرش قائد الثورة السورية الكبرى١٩٢٥ _1927م بيان يدعو الى حمل السلاح والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي فهب الشعب السوري وكل بلاد الشام تقريبا للنداء المقدس ،وانتظموا في صفوف الثورة . سطر خلالها الشعب العربي العظيم ملاحم بطولية خالدة .
للشعب العربي السوري تقاليد نضالية عريقة قديماً وحديثاً في الدفاع عن ترابه الوطني وتطهيره من رجس الغزاة والمستعمرين بصرف النظر عن مسمياتهم وزيف شعاراتهم فكانت سوريا اول بلد عربي نال الاستقلال. للشهداء مكانه خاصة في وجدان الشعب السوري فهم اكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر كما قال الزعيم الراحل حافظ الأسد.
في الذكرى الستين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري عام ١٩٨٤م في مدينة دمشق يقول القائد التاريخي الامين العام للحزب خالد بكداش " ابان الثورة السورية الكبرى "ضد الاستعمار الفرنسي كان التضامن العالمي كبير مع الثورة السورية، وكان لتضامن الحزب الشيوعي الفرنسي ونوابه الذين وقفوا في مجلس النواب الفرنسي هاتفين : "سوريا للسوريين !أوقفوا الحرب ضد سوريا " بالغ الاثر على سياسة المستعمر الفرنسي ومعنويات جنرالاته وجنوده ،هذا الموقف أنقذ الكثير من الوطنيين السوريين من الاعدام.
كانت سوريا آنذاك تحت الانتداب الفرنسي بموجب اتفاقية ساكس بيكو سنة ١٩١٦م بين بريطانيا وفرنسا، التي قسمت الوطن العربي والتي نعيش اثارها ونتائجها حتى اليوم .
كانت الاتفاقية سرية ومقتصرة على دوائر صنع القرار في الدول الاستعمارية الكبرى كانت حينها بريطانيا وفرنسا امبراطوريتين كبيرتين . اسقطتهما حرب السويس فيما بعد كما هو معروف.
كُشفت اسرار هذه الاتفاقية بعد قيام ثورة اكتوبرالبلشفية في روسيا ١٩١٧م بقياده لينين.
يُطلعنا مؤخرا الكاتب والمؤرخ اللبناني فواز طرابلسي في محاضرته الهامة في معرض الكتاب بمسقط قبل سنوات تحت عنوان: إعادة قراءة اتفاقية سايكس بيكو "بان العرب لا يعيشوا ويلات ساكس بيكو بل تبعات اتفاقية سان ريمو١٩٢٥م "
ربما هذا الكلام فيه شيء من الصحة. لكن الا يمكن اعتبار الاتفاقيتين متكاملتين ؟ وان اتفاقية سان ريمو هي تفصيل وتطوير اما الخطوط العريضة فقد تضمنتها سايكس بيكو ، اعتقد ان مضمون بنود الاتفاقيتين يشيران الى ذلك .
وقد ادار الحوار الكاتب الدكتور حسن مدن الأمين العام السابق للمنبر التقدمي البحريني ، والذي هو امتداد لجبهة التحرير الوطني البحرينية التي تُعتبر اول حزب ماركسي في منطقة الخليج العربي .
ويعتبر الشخصية الوطنية البارزة المرحوم احمد الذوادي وكذلك المناضل احمد الشملان بعد مغادرته حركة القوميين العرب في بداية السبعينات من ابرز قادتها. وبالمناسبة فان الاستاذ احمد الشملان قد زار ظفار في سنة ١٩٧٠ م والتقى بحسب ما ذكر، في مدينة حوف وهي اول مدينة يمنية على الحدود العمانية والتي تُعتبر حينها معقل الثورة العمانية الفرع العماني لحركة القوميين العرب ، بمؤسس الحركة والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد الثوري الكبير الدكتور جورج حبش .
اجدها مناسبة لتوجيه التحية له ولرفيقة دربه وشريكة حياته الدكتورة فوزية مطر ولكل الأخوة وعموم الشعب البحريني الشقيق.
طبعا هلل الكثير في العالم، والعالم العربي لسقوط المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفيتي واعتبروا ذلك نصراً كبيراً .
وان كان سبب الارتياح مفهوم بالنسبة للمعسكر الرأسمالي و للبرجوازيات المحلية المرتبطة بالنظام الرأسمالي العالمي ،فإن الامر على غير ذلك بالنسبة لعموم الفقراء والمحرومين ضحايا الاستغلال والاضطهاد الذي تمارسه الرأسمالية العالمية وحلفائها المحليين .
فالمعسكر الاشتراكي والقوى التقدمية في العالم بما فيه الاحزاب اليسارية والتقدمية في بلدان الغرب الرسمالي الامبريالي جُلها تناصر وتساند نضال شعوب العالم في التحرر وتقرير المصير والتقدم الاجتماعي ، وكانت عون كبير لكل القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية ‘.
والى الآن مازالت اصوات هذه القوى رغم ضعفها مميزة وبعيدة عن التعصب وتتسم بقدر كبير من الاخلاق والموضوعية .
والان يتساءل البعض لماذا لم نعد نسمع مثل هذه المواقف؟
بعد انهيار الكتلة الاشتراكية التي فرضت توازن عالمي لمدة سبعين عام، تغولت الرأسمالية المتوحشة واحكمت السيطرة على معظم بلدان العالم والمؤسسات الدولية وتنحو بمعظم الشرائح الاجتماعية في بلدانها يميناً نحو التطرف والإرهاب ‘
وتعمل بقوة من اجل احكام السيطرة التامة على مقدرات الشعوب ونهب ثرواتها واخضاعها للهيمنة وابقاءها مسلوبة الارادة واسواق استهلاكية لمنتجاتها وتحت رحمة مطرقتها. وخاصة بلدان العالم الثالث الفقيرة.
بطبيعة الحال هذا الواقع بكل ما فيه متغير ولأيمكن استمراره الى الابد. ومالم ننتصر كأمة عربية لأنفسنا رغم الجرح العميق، ونوحد جهودنا وكل طاقتنا ومواردنا وعقولنا وارادتنا و" المشترك بيننا" وهو كبير وواسع جدا، وكل ما نملك في رسم استراتيجية قومية كبرى تخدم أهداف الامة العربية كلها من المحيط الى الخليج وبناء علاقاتنا على أساس مصالحنا، سنبقى على هذه الحالة الحزينة المؤلمة لعقود وربما لقرون مهما جرى من تغيير في موازين القوى على الصعيد العالمي .
ترن رنيناً خاصا في هذه الايام مقولة الزعيم جمال عبد الناصر الشهيرة "نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا "
ولأن جمال عبد الناصر أبرز واهم قائد في التاريخ العربي الحديث لذا تعمل الحكومات العربية "هداها الله " بنقيض مقولته الخالدة.
النظام العربي الرسمي الوحيد في التاريخ الذي يصادق من يعاديه ويعادي من يصادقه.
لقد اطنب الكثير من المفكرين والمثقفين الثوريين العرب من الذين يحملون هموم وشجون هذه الامة الجريحة في تعليل الداء العربي الذي لا شفاء منه، وقد أجزل بعضهم القول "مالم ترسو المعادلة الداخلية في كل الاقطار العربية باتجاهات وطنية وقومية تقدمية واضحة معاديه للإمبريالية والصهيونية " ستظل النكبات متتالية ..وسنبقى نستصرخ الضمير الانساني ونستجدي المؤسسات الدولية المسيسة: أوقفوا الحرب ضد فلسطين ضد اليمن ضد لبنان ضد ليبيا ضد العراق ضد مصر ضد السودان ضد الامة العربية.
او قفوا الحرب ضد ... أوقفوا الحرب على . . . الخ. والحبل على الجرار.
سوريا للسوريين! أوقفوا الحرب ضد سوريا.
سوريا لن تركع.
بقلم المحامي :مسعود احمد بيت سعيد