مسعود احمد بيت سعيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
التطبيع عنوان نضالات قادمة في الخليج العربي
رب هذا الخليج جماهيره.. لا الحكومات .. لا الراجعون الى الخلف ..لا الاطلسي ..
ولا لاخرون وان نضحوا فلسفة.
الشاعر الكبير مظفر النواب .ِ
هل الخيانة وجهة نظر ؟ سؤال يبدو مشروعا في هذه المرحلة التاريخية التي تجتازها امتنا العربية وقضية التحرر الوطني الديمقراطي وفي القلب منها قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية تزامنا مع سيل المعاهدات العربية الرسمية مع الكيان الصهيوني بالرعاية الامريكية.
وقد اُثيرت الكثير من علامات الاستفهام حول هذه الاتفاقيات وحول مضمونها وتوقيتها ونتائجها المحتملة.وقد ذهب البعض لشخصنة الموضوع واعتباره مجرد ميول تطبيعية قديمة لدى بعض الساسة استنادا الى سياساتهم منذ ما اُطلق عليه الربيع العربي ودورهم السلبي مع اخرين في تدمير العالم العربي تحت شعارات معينة.ورغم اهمية هذا الاستنتاج الا اننا نعتقد ان الموضوع ابعد من ذلك بكثير ليس دفاعا او تبريرا او تخفيف الحمل وانما للكشف عن البنية الطبقية التي تؤسس للانحراف الوطني والتي هي غير محصوره بافراد في السلطة فقط .
"ان الذين يناهضون المعاهدات الخيانية الاستسلامية عليهم ان يتسلحوا بفهم اعمق للكيان الصهيوني ولميزان القوى طبقياَ وللأبعاد الحقيقية المستتره لمثل هذا الاندفاع التطبيعي الاستسلامي ، وذلك لن يتأتى الا بوعي الاسباب الحقيقية الضاغطة والدافعة بهذا الاتجاة" .
فماهي هذه الاسباب الدافعة للتطبيع مع كيان صهيوني محتل ؟ ومن الذي يدفع بها ؟ وهل الاستسلام امام العدو المحتل للارض والمقدسات هو مجرد خيار فرد ام ان هناك طبقة بكاملها او على الاقل بعض شرائحها هي التي تقف خلف عملية التطبيع الجارية مع الكيان الصهيوني الاجلائي العنصري الفاشي وتدفع باتجاها ؟
اجزم بأن الطبقة البرجوازية الكمبرادورية الطفيلية العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص التي كدست الثروات عبر الطفرة النفطية خلال الثلاثين عام الماضية والتي ارتبطت مصالحها مع الراسمال الامبريالي كولاء وسماسرة للاحتكارات الراسمالية العالمية المتحالفة مع النظم العشائرية الاقطاعية برعاية الامبرياليات الغربية وتحديدا الامريكية اصبحت مصالحها الاقتصادية تتطلب الانفتاح الكامل على الكيان الصهيوني بل وتلتقي معه في مواجهة العراقيل التي تعترض سبيله .
هذه الطبقة الكمبرادورية المرتبطة مع الراسمالية العالمية والتي كدست ثرواتها نتيجة سمسرتها للمنتجات الراسمالية العالمية هي طبقة غير مستقلة وغير منتجة ولا ينطبق عليها وصفها بالبرجوازية الوطنية .
وبالتالي لاتستطيع ان تتخذ مواقف مستقلة عن سيطرة الرسمال العالمي وهي غير معنية اساسا َبقضية السيادة الوطنية والقومية ، ولم تعد تشترط لاي تسوية مع العدو ان تكون وطنية او ربع وطنية وهي منخرطة بالكامل منذو عشرات السنين في عملية التطبيع بشكال المختلفة ، وابعد من ذلك فهي تخوض صراع مفتوح سياسي واعلامي ومالي وعسكري بل وتوظف الجانب الروحي الديني في مصلحة الكيان الصهيوني بشكل مباشر ، ضد كل من يتفوه ولو بكلمة ضد الارتباط مع الامبريالية الامريكية و الكيان المعتدي ، وكذلك فإن نمو الاقتصاد الإسرائيلي وحاجته الى اسواق لتصريف بضاعتة /منتجاته اصبح امرا هاما واكثر وضوحاًوقابل للتحقيق اكثر من اي وقتاً مضى ، والمصالح الامبريالية الامريكية التي تسعى دائماً لضمان ديمومتها واستمرارها ، باتت تتطلب إقامة حلف اسرايئلي رجعي عربي واسلامي برعاية امريكية في منطقة الشرق الاوسط لضمان تدفق النفط من المنبع الى المصبات هذا من ناحية ، والتصدي لاي تهديد محتمل لمصالحها وابقاء المنطقة في حالة من التجزؤ والتخلف الاقتصادي الثقافي وسوق استهلاكي للمنتجات الامريكية والشركات الاحتكارية العالمية المتعددة الجنسيات من ناحية اخرى .
هذا الموضوع ومساره وافاقه ودور الطفره النفطية في تخريب قطاعات واسعة من البرجوازية الوطنية وانتقالها الى المعسكر اللأوطني وكذلك حاجة الاقتصاد الاسرائيلي لسوق لتصريف بضائعه ، الامر الذي يدفعه إلى اقتحام مجال التطبيع مع المحيط العربي سلماً او حرباً او بالوسيلتين معا شرحه الدكتور جورج حبش مؤسس حركه القوميين العرب والجبهه الشعبية لتحرير فلسطين قبل اربعين عام بشكل دقيق ، وقد تحقق بشكل حرفي مانوه اليه و ما حذر منه في كل كتاباته وحوارته وخطاباته منذ بدايه السبعينات من القرن الماضي رحمة الله لقد كان مفكرا ومنظرا ثورياً استراتيجيا بعيد النظر ادعو الى اعادة قراه الدكتور حبش من جديد وهي دعوه للرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لنشر ادبياته لما لها من قيمة واهمية في تحصين الجبهة العربية الداخلية .
لذلك كان مخطط اغراق المنطقة في اتون الصراعات والحروب الطائفية والمذهبية المفتعلة واختلاق اعداء كما هو حاصل الان و منذو سنوات بشكل ممنهج لاستبدال الجمهورية الاسلامية واعتبارها العدو الذي يهدد امن واستقرار المنطقة ايا كان الخلاف مع ايران من قبل اي طرف عربي يبقى العدو الاسرائلي هو العدو الاساسي للامة العربية .
ان الهدف الحقيقي لهذا التحالف هو ضرب الحركة الوطنية العربية وخلق شرخ بينها وبين تحالفاتها الاقليمية والدولية حتى يتم اضعافها وهي سياسة قديمة .
في الوقت الذي يستقبل فية نتنياهو وقادة الموساد بأكاليل الغار والاهازيج الشعبية في بعض العواصم الخليجية.
ان الزج بكل إمكانيات الاقليم البشرية والاقتصادية والعسكرية في اتون حرب عبثية طائفية خدمة للإمبريالية الامريكية والكيان الصهيوني ولتبرير التحالف معهما لاحقاَ شكَل العنوان الابرز خلال العشرين عام الماضية ولايزال .
قد يسأل هنا لماذا التطبيع الآن تحديداَ؟ للإجابة على هذا السؤال:
يجب العودة قليلًا إلى الوراء ومعرفة كيف تشكل الواقع العربي الحديث .
تحديداَ منذو الحرب العالمية الثانية و هزيمة النازية وظهور نظام القطبين المعسكر الاشتراكي والراسمالي والنهوض الهائل لحركات التحرر الوطني في القارات الثلاثة ، انشئ الكيان الصهيوني بقرار من الامم المتحدة ثم -التقسيم - والتزم القطبين الكبيرين بحماية هذا الكيان الغاصب .
رُفض القرار عربياً وكانت حرب 48 من قبل الجيوش العربية التي كانت معضمها تخضع للإستعمار البريطاني الذي أعطى وعد بلفور بإنشاء كيان صهيوني لليهود في فلسطين.
هُزمت تلك الجيوش كانت تُقاتل بالفروسية ولكن من دون سلاح كما قال الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر الذي شارك في تلك الحرب كضابط في الجيش المصري ومن ثم ردات الفعل التي عجلت بقيام ثورات وإنقلابات عسكرية قادها في معظم الأقطار العربية مجموعة من الضباط الوطنيين الأحرار .
خاض المستعمريين البريطانيين و الفرنسيين صراعات كُبرى للدفاع عن وجودهم. حيث لجأؤ لاحقاً إلى ما عُرف بالإستعمار الجديد أي الحُكم من خلال واجهات محلية مُرتبطة بهم سياسياَ وإقتصادياً وعسكرياً وأمنياً ومنحها الإستقلالات المُزيفة والشكلية في عملية تكتيكية وتضليلية لإمتصاص غضب الجماهير الشعبية الثائرة ‘ التي ربطت بشكل مُحكم بين الإستقلال السياسي والإقتصادي وتحرير فلسطين ورفعت شعارات التحرر الوطني والعدالة الإجتماعية والوحدة العربية طريقاَ للتقدم والازدهار .
منذو تلك اللحظة وتحديداَ بعد قيام ثورة 23 يوليو في مصر .
بدأت الاُمة العربية تنقسم إلى قسمين رئيسيين أوانظامين متناقضين وتأحذ مسارين مختلفين وظهر ماسُمي بالانظمة الوطنية التقدمية والمقصود بها تلك التي اسقط الحُكم الملكي وأقامت النُظم الجمهورية وبين ماسُمي بالانظمة الرجعية الملكية التقليدية وفي ظل نتائج الحرب العالمية الثانية وظهور القُطبين الكبيرين فقد انفرز العالم كله، بيما فيه النظام العربي الرسمي المتشكل حديثاً.
انحازت النظم الوطنية -الجمهورية للمعسكر الاشتراكي والتي رأت فيه خُلاصها وإستقلالها ومساندتها لتوطيد هذا الإستقلال.
بينما وانحازت النُظم العشائرية الملكية للراسمالية العالمية بقيادة زعيمه المعسكر الراسمالي الامبريالي الولايات المتحدة الامريكية .
لقد استفادت النُظم العربية الوطنية من تحالفها مع المعسكر الإشتراكي حيث تمت إقامة بعض المصانع ومحاولة التأسيس للإقتصاد الوطني المستغل والمشاريع التنموية المتوسطة وضرب التبعية للغرب الاستعماري وتسليح الجيوش العربية والمنح التعليمية المجانية والخُبراء والقروض الميسره والدعم السياسي في المحافل الدولية بإستخدام الفيتوالروسي والصيني نصره للحق والحقوق العربيه وفي طليعتها قضية فلسطين التي انُتزع قرار من الاٌمم المتحدة بإعتبارالصهيونية حركة عنصرية ، وتشكيل جبهة عالمية كُبرى من المعسكر الإشتراكي الى حركة عدم الانحياز الى الموتمر الافرواسوي وكل هذه الإطارات ترفض الاعتراف بالاحتلال بالاسرائيلي للاراضي العربية وخاصة بعد خمسة حزيران1967م . وتدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
اذاَ بالمجمل كان التحالف مفيد واذا وجد هناك قصور فهو يتعلق ببنية وتكوين هذا النُظم نفسها ومستوى جذريتها ومدى جديتها في توظيف المتاح والممكن بشكل جيد في خدمة أهدافها .
اما الطرف الأخر الرجعي فهو : من حيث المبدأ والاساس ليس معني كثيراَ بقضية فلسطين ولأتهمه الا بمقدار استخدامها لتدعيم شرعيته ، وهذا للأمانة اصبحت سمة مشتركة للنظام العربي الرسمي كله في الوقت الراهن .
وقد غاب عن خطابها واعلامها الى حداًكبير قضية السيادة الوطنية .
والقواعد الامريكية واساطيلها المنتشره تقدم الجواب ، لدرجة انها لم تسعى للاستفادة من التوازن الدولي الذي فرضة الاتحاد السوفيتي السابق كقطب دولي لمده سبعين عام للتخفيف من القبضة الحديدية للامبريالية الامريكية على مفاصل القرارات السياسية والاقتصادية التي تظهر هذه الانظمة في اكثر من مرة بدور المنفذ للمشيئة الامريكية.
ولا اعتقد اني مطالب بتقديم البرهان فقمه كوشنير طازجة .
"ان الذين يقيمون علاقات استراتيجية كاملة مع الامبرياليات الغربية وتحديداَ الامريكية والبريطانية من المشكوك فيه ان يكونوا على عداء جذري مع الكيان الصهيوني وذلك ببساطة لانها الحامي والداعم لهذا الكيان "
طبعا ندرك بأن الولايات المتحدة الامريكية دولة كبرى والتعامل معها اصبح امر واقع وهذا ما حاول ترسيخة الاعلامي العربي في اذهان الجماهير ، مما يعطي طرهم وممارستهم نوع من الوجاهه السياسية .
أن التعامل مع الولايات المتحدة باعتبارها قوه عظمى شئ والتماهي مع سياساتها المعادية للمصالح والحقوق العربية شئ اخر .
لقد كان المد التحرري ووجود انظمة تساند هذة الحركات الثورية حينها قادر على لجم هذه الرغبات التي ظلت حبيسة الصدور فترات طويلة بانتظار الوقت المناسب.
ورغم ذلك قد ظلت هذه الانطمة ملتزمة لفظاَ وشكلاَ بقرارات المقاطعة العربية على الاقل حفظاً على ماء الوجه كما يقال .
اتفاقية كامب ديفد اول خرق في
جبهه الصراع العربي الصهيوني
حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصري والكيان الصهيوني برعاية الولايات المتحدة الامريكية كان الموقف العربي الرسمي موحدا ضد الكيان الصهيوني .
ورغم ثقل مصر واهميتها ودورها التاريخي في النضال العربي والتي شكلت لسنوات عنوان للمواجهة العربية ضد الامبريالية العالمية والكيان الصهيوني فقد تمكن النظام العربي الوطني والقوى الثورية العربية من تشكيل ما عُرف بجبهه الصمود والتصدي واتخاذ قرارات بمقاطعة مصر وسحب الجامعة العربية من القاهرة والتمسك بالحقوق الوطنية العربية بشكل جماعي، باستثاء سلطنة عمان التي انحازت مبكرا لهذه السياسة في عدم مقاطعة مصر مما يستشف منها موافقة ضمنية للخطوه المصرية
اذاً كان النظام العربي الرسمي بشقية الوطني التقدمي والرجعي التقليدي بحسب ادبيات تلك المرحلة رغم الخلافات والتباينات حول الكثير من القضايا شبة موحد حول الموقف من الكيان الصهيوني ، كان هناك حد ادنى من الحياء العربي .
توالت لأحقاً الانحدارات العربية بدون توقف رسميا وشعبيا فالعلاقة جدليه بينهما ، ضعف الحركة الوطنية العربية يسهل الاندفاع الرسمي نحو الانحراف عن الثوابت الوطنية القومية .
اوجدت الحرب العراقية الايرانية مدخلا مشروعا لعوده مصر المثقلة بالاتفاقية التي اخرجتها من الصراع العربي الاسرائيلي .
وتعمقت بانشاء مجلس التعاون العربي المكون من
مصر والعراق والاردن واليمن الشمالي وذلك بعد انتهاء حرب الخليج الاولى
شكل الغزو اللعراقي للكويت المتزامن مع سقوط القطب الدولي المتمثل بالمنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء نظام القطبين وتكريس الولايات المتحدة الامريكية نفسها سيده العالم وظهور نظرية نهاية التاريخ لفوكياما بداية مرحلة تاريخية جديده خلقت وقائع جديده.
عربيا أسقطت نهائيا الفوارق بين النظام العربي الرسمي ، حيث التحقت النظم المساماه وطنية وتقدمية بشقيقاتها الرجعية.
وبدأ الجميع يتلمسون طريقهم الى الاداره الامريكية، كان الفريق الموالي
" تاريخياً" للولايات المتحده مثلة مثل كل حلفائها على الصعيد العالمي مسرورين جدا بحسم الصراع الكوني بانتصار الراسمالية .
واصبح دورهم اكبر وتوسعت احلامهم في قيادة القاطره العربية بتجاه شواطئ الاطلسي اكثر واقعية وقابلية للتحقق .
و اذا كان كامب ديفد الخرق الاول فإن الخرق
الثاني الاخطر هو اتفاقية اوسلو المشوؤمه
التي وقعها فريق من القيادة الفلسطينية الرسمية لمنظمة التحرير من خلف ظهر الشعب الفلسطيني والفصائل والمؤسسات التمثيلية- مجلس وطني - منظمات واتحادات وفعاليات اجتماعية وثقافية وشخصيات وطنية في ظل ميزان قوى مختل بشكل واضح لمصلحة العدو الصهيوني.
لقد تطور هذا الفريق في مجرى المفاوضات العبثية خلال خمسة وعشرين عام من فريق صاحب اجتهاد سياسي في الساحة الفلسطينية الى فريق مطواع بالكامل ومروضا نفسيا وفكريا في مراعاه الاهداف الاسرائيلية وتقبل مخاوفها حتى وان كانت حدودها انهاءالقضية الفلسطينية نفسها
لقد قدمت اتفاقية اوسلوا كل المبررات للنظام العربي المتهافت للتنصل من التزاماتة القومية " بهذه الاتفاقية فقد النظام العربي مبرر تماسكة " على حد قول الزعيم التاريخي الدكتور جورج حبش الذي نظر بقلق شديد لهذة الاتفاقية .
انخرط النظام الرجعي سريعا في تأييد هذه الاتفاقية واستقبل تلك القيادة بالترحاب والاحتضان والتغطية الاعلامية والسياسية ومحاصرة كل القوى الفلسطينية والعربية المناهضة للاتفاقيات الاستسلامية، وبالفعل فقد استخدمت اسرائيل هذا الفريق مطية لتحقيق اهدافها لقد كانت خطئة كبرى وقعت بها القيادة الرسمية لمنظمة التحرير وتحديدًا الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات الذي ادرك لاحقاً الخديعة دون ان يتمكن من الافلات منها نهائياً حيث دفع حياته ضحية السلام الوهمي .
منذو تلك اللحظة بدأ مسار التسوية يجري بشكل سلس وبدون ضجيج وبدأت العلاقات الاقتصادية والامنية تاخذ مداها والتطبيع يجري باشكال مختلفة ولم يعد موضوع مقاطعة اسرائيل ياخذ نفس الاهمية من قبل النظام العربي .
لكن الاطماع الصهيونية ليس لها حدود ارادت تحقيق اهدافها دفعة واحد بعد ما كانت تعتمد المرحلية في تحقيق اهدافها .
فالواقع العربي الهش والهزيل مغري ومازال يغري الكثير من القوى الاقليمية والدولية للسيطرة عليه بشعارات احيانا متناقضة قد توحي في الظاهر بشئ مختلف لكنها في الجوهر واحده الهيمنة على الامه العربية .
كانت حرب تموز بارقة أمل تؤكد بأن قوى المقاومة حية لاتموت وكان الصمود والانتصار في ظروف تلك المرحلة يستحق الاعتزاز.
تولد عنه ما اطلق عليه قوى الممانعة اوجد مساحة لبعض الدول ذات الارتباط الغير بري مكاناً في خارطة الممانعة ولاغرايه في ذلك انها ارض الخرافات .
اصبح التعامل مع الكيان الصهيوني باعتباره امراً واقعاً وطالما خيار الحرب غير وارد فإن الاستسلام يصبح نتيجة طبيعية .
وحتى يتم التخلص من هذا العب الثقيل وتتفرغ نهائيا لقضايا اكثر اهمية –موضوع السلطة والثروة وموضوع التوريث فالتعاطي مع الكيان الصهيوني بشكل طبيعي سيسهل كُل ذلك وهو على كل حال مضمر ولا ينتظر الا الظرف المناسب لإشهاره.
قدم ماعُرف بالربيع العربي فرصة ذهبية تم استغلال المطالب الشرعية المحقة والمشروعة وسيلة لتمدير العالم العربي وتمزيق وحدتة الوطنية والكيانية ، فقد تم حرف هذا الحراك الشعبي في الكثير من الساحات باستقدام الارهابيين من كل اصقاع الارض ومدهم بالمال والسلاح وتسميتهم بالثوار واغراق الانتفاضات الشعبية السلمية وتحويلها على ثكنات عسكرية مما مهد الطريق للقوى الظلامية المتخلفه لتصدر المشهد السياسي .
كانت بعض الانظمة العربية تقيم علاقات سرية مع الكيان الصهيوني ولكنها لاتستطيع الجهر بها علنا
.
فماهي الاسباب والموانع التي حالت دون الجهر بالتطبيع حتى الان ؟
اول هذه الاسباب :
منظمة التحرير الفلسطينية رغم الميول التفريطية التي سادت بعض فصائل الثورة الفلسطينية وتحديداَ بعد حرب اكتوبر المجيد، وخاصة بعد طرح برنامج النقاط العشر الذي رفضته الفصائل الطليعية الثورية الجذرية فقد تمسكت منظمة التحرير ببرنامج الحد الادنى المتفق علية فلسطينيا كان هذا احد اهم الموانع والاسباب بل اهمها على الاطلاق .
ثاني هذه الاسباب :
وجود انظمة عربية عديده ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وتقدم الدعم الاعلامي والسياسي والمالي للثورة الفلسطينية .
من هنا نفهم الاندفاع المسعور الذي لم يبلغ مستواه مثيل من قبل بعض الانظمة الرجعية لتدمير هذه البلدان ونفهم مستوى عدم الانظباط والالتزام بأي معيار وطني او قومي او انساني او اخلاقي او انساني او حتى ديني ،في هذه الحرب الشرسة والانسجام الكامل في تنفيذ المخطط الامبريالي الصهيوني با لاضافة الى التحالف مع بعض القوى الاقليمية المرتبطة بحلف الناتو والتي مازال يعشعش في ذهنها احلام قديمة للسيطرة على الامة العربية وتقسيمها ونهب ثرواتها تحت ستار الدين.
وكل هذا تزامناً للقضاء على الكيانية العربية على عللها ، من هنا نفهم الرغبة الشديدة في التخلص من هذا الارث التاريخي الممانع والمقاوم او في اقل تقدير الذي ليس ضد تحرير الاراضي العربية المحتلة بما فيها فلسطين العربية
ان وجد الا ذلك سبيلاً .
ثالث هذه الاسباب :
وجود حركات تحرر وطني عربية ملتفه حولها الجماهيربشكل كبير يمنع هذه الانظمة من الاقدام على مثل هذه الخطوات التطبيعية بتلك البساطة التي تمت بها الان
رابع هذه الاسباب :
وجود المنظومة الاشتراكية التي تدعم القوى الثورية والتقدمية العربية سياسيا واعلاميا مما تشكل سند وحليف دولي للحقوق العربية المشروعة
لهذه الاسباب وغيرها ارتأت الامبريالية الامريكية حفاظا على مصالحها في الشرق الاوسط ان تتفهم رغبة هذه الانظمة في عدم الجهر بهذه العلاقات بل وتصر في اوقات معينة على عدم الاعلان والافساح عن تلك العلاقات و الخطوات التطبيعية.
بل وترغم في احيانا كثيره الكيان الصهيوني المندفع لاشهار تلك العلاقة لشعوره بقيمة هذا الاعلان في فك الحصار المتصاعد من خلال التعبئية الشعبية والجماهيرية والحقد المتنامي ضده باعتباره كيان غاصب ومحتل للاراضي العربية.
وذلك لاعتبارات داخلية تتعلق بحالة القلق التي يعيشها الكيان الصهيوني من ناحية ولتعزيز جبهتة الداخلية المعرضة للاهتزاز جرى الحصار المحُكم حوله من كل الاتجهات من ناحية اخرى .
لقد تغيرت الاحوال وتوفرت ظروف لم تكن تخطر على بال الكيان الصهيوني .
واصبح الاعلان ممكن ولم يعد اي عذر او حجج يقدمها اي طرف عربي مقبوله
ولسان حالهم يقول لقد راعيناكم كثيرا والان حان موعد الاستحقاق وجني الثمار من هنا نعتقد بان المعاهدات الخيانية الاستسلامية سوف تتوالى وكل المؤشرات توحي بذلك وهي جاهزة ولاتنتظر الا اوامر سيد البيت الابيض الذي لديه اعتبارات في عملية التوقيت منها ماهو داخلي واخرى خارجية .
ان الاسئلة المشروعة تفرض نفسها في اللحظات المصيرية ولعل سؤال ما العمل؟ ملحاهذه المرحلة .
لأن مهما تحدثنا واعلننا الرفض على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الفضايات وصفحات الجرايد دون التقليل من قيمته واهميته الا انه لايغير في الامر شيئا قد تضطر الانظمة المطبعة لتفادي عمل شعبي واسع ان تلجأ الى المقولة
الشهيرة " قولوا ماتشاوؤن ونحن نفعل مانشاء" على الاقل لامتصاص ردات الفعل بشكل موقت كل هذا جائز اذا فكرت بغير عقلها.
من يعتقد ان موضوع التطبيع في الخليج العربي امر يمكن ان يمر بسهولة ودون ممانعة شعبية استنادا الى انظمة الحكم العشائرية وسياساتها القمعية وابواقها ومرتزقتها فهو مخطئ .
فالجماهير العربية في الخليج العربي ترفض التطبيع بكل اشكالة وهي مع كل القضايا العربية والانسانية العادلة والقضية الفلسطينية قضيتها المركزية .
واذا كانت بعض الحكومات الخليجية التي تعمل منذو سنوات طويلة دون معارضة جدية لسياساتها سواء فيما يتعلق بالشان الداخلي او الخارجي نتيجة سياسة تكميم الافواة و تجريم العمل السياسي برهان على ابتعاد الجماهير عن الهموم الوطنية والقومية فعليها ان تعيد حسابها
ولا حاجة لتغليظ اليمين بان لاقاعدة شعبية وجماهيرية للتطبيع في الخليج العربي وكذلك في الوطن العربي الكبير وحتى لاندخل في الافتراضات والتخمينات والتنجيم ندعوها ان تستفتي شعوبها في موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني اذا كانت تعتبر سياساتها معبرة عن ارادة شعبية ولكنها لاتجرؤ لانها تعلم النتائج .
يعتقد البعض ان مقاومة التطبيع مهمة شاقة في هذه الساحة التي اريد لها قصرا ان تتحول الى قاعدة للامبريالية الامريكية وربيبتها الحركة الصيهونية ومعمل لتفريخ الارهابيين لتمير الوطن العربي ومعادية للحركات الوطنية والقومية والتقدمية استنادا الى الهدوء والسكون المريب مع تقديرنا واعتزازنا ببعض الاصوات التي اعلنت رفضها للتطبيع ولكن ذلك بالطبع غير كاف فالتحديات كبرى تستوجب وقفات بحجم الوباء المستشري .
الحركة الوطنية المناضلة في سبيل التحرر والسيادة الوطنية والتقدم الاجتماعي مهما اصابها من عطب في هذا المرحلة لايمكن ان تموت وهي مدعوه اليوم قبل الغد للملمة صفوفها والعوده الى دائره الفعل بدلا من الجلوس في قاعة المتفرجين لمشاهده مسلسلات الاستسلام .
والا سيتجاوزها الزمن وستتولد حتما حركات وطنية جديده وقوى جديد ستفرض قياده جديد وبرامج سياسية جديده مشتقة من رؤية استراتيجية جديده هذا امر محسوم في التاريخ البشري .
فالجماهير في الوطن العربي الكبير ستعرف كيف تعمل وتنتصر.
فهي تتكئ على ارث تاريخي وطني كبير عمد بدماء غالية وعزيزه وتضحيات سطرها التاريخ في صفحاته المشرقة .
ان تحرير الاراضي العربية وفي القلب منها فلسطين بيد الشعب الفلسطيني و الشعوب العربية وكل القوى الثورية والتقدمية الذين شكلوا بصمودهم وتضحياتهم السد المنيع الذي حال دون تصفية القضية الفلسطينية كل هذه السنين رغم الصعوبات وقساوه التحديات ، وليس بيدالرجعيين والمتامركين والمتصهينين المطبعين
الذين مكانهم الحقيقي والطبيعي في مزبلة التاريخ
بقلم المحامي مسعود احمد بيت سعيد