حميد طولست يكتب:

السترات الصفراء

لا أقصد بـ"السترات الصفراء" في  هذه المقالة المقتضبة ، تلك الحركة الاحتجاجية العنيفة التي شهدتها فرنسا قبل سنة ضد رفع ضريبة الوقود والزيادة في تكاليف المعيشة ، والتي أحدثت هزة كبرى في المجتمع الفرنسي ، وأرغمت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الرد على أربعة أسابيع من الاحتجاجات بالتعهد بإعفاءات ضريبية والرفع من الحد الأدنى للأجور ؛ وإنما قصدت تلك الظاهرة  المشينة التي لون المتسببينن فيها- الذين يطلق عليهم تلفيقا "حراس السيارات"- كل طرقات وشارع وأزقة المدن وحدائقها وبوابات مساجدها وجوامعها ومخبزاتها ومقاهيها وأسواقها المنظمة والعشوائية ، بصفرة ستراتهم الفاقعة  ، تلك الظاهرة الاجتماعية الطفيلية التي لا يمكن أن تخطأ العين المجردة تفاقم حجم خطورة تهديدها للمجتمع وتماديها في التنمر على مواطنيها ، مستقوية بسكوت بعض الجهات غير المبالية بمصلحة المواطنين ، وتواطؤ البعض الآخر المستفيدة من الحال المسيئ لسمعة البلاد والعباد، والذي إذا لم تتدخل الدولة سريعا وبكل مسؤولية للحد من غلواء ما يعيشه معها المواطن من مأسي ومعاناة مرجحة للتحول في أي وقت لمثل ما حدث في الهند في الخمسينات ، ولا زال يحدث في بعض دول أمريكا الجنوبية إلى حد الآن ، حيث فرضت عصابات حراس السيارات الجزية على المواطنين ، الأمر الذي لم يخف الكثير من المغاربة امتعاضهم من هجمة أصحاب "السترات الصفراء " الشرسة على جميع فضاءات ركن السيارات بالمدن والقرى المغربية ،  والذي عبّروا عنه عبر هاشتاغ “#عيقتو” و”#سير_عري_على_كتافك”، التي انتشرت على موقع الفايس بوك ، داعية السلطات للتحرك لوضع حد لجشع أصحاب "السترات الصفراء"، وتماديهم في ابتزاز المواطنين بتسعيرات عشوائية مبالغ فيها مقابل ركن سياراتهم لدقائق معدودات؛ الدعاء الذي تجاوبت معه السلطات بسرعة وفعالية وجدية في حملة واسعة خلفت ارتياحا كبيرا في جميع الأوساط حتى التي لا تملك المركبات. 

والملاحظ/الغريب ، هو عدم تدخل البرلمانين في هذه النازلة - كعادة بعضهم بخصوص كل ما له صلة بمصالحة المواطن – قبل الحملة التي قامت بها السلطات والتي تم خلالها توقيف عدد ممن لا يتوفرون على رخص مزاولة المهنة، 

والأكثر غرابة هو الاستفاقة المتأخرة لبعضهم الفرق البرلمانية في مجلس النواب لتوجه أسئلة كتابية إلى وزير الداخلية ، السيد عبد الوافي لفتيت، حول "ابتزاز" أصحاب السترات الصفراء لسائقي السيارات ، ومطالبته بفتح تحقيق في الموضوع ، وكأن الفرق البرلمانية المتسائلة لم تنتبه لما اتخدته السلطات من إجراءات تحرير العديد من المدن من هذا الوضع غير القانوني والمسيء إلى سمعة البلاد ، الإجراء الذي نوه به الكثير من المتتبعين للشأن العام ، وأرتاح  له المواطنون في العديد من مدن المملكة..