د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

كيف ضاعت هوية الجنوب العربي؟؟ عودة "فتاح" وأحداث 86م (4-5)

تعمد العنصر اليمني تشويه البرنامج الاصلاحي الذي ظهرت ملامحه في عهد الرئيس علي ناصر محمد، مما دفع بهم لتأجيج الصراع المناطقي بين الجنوبيين انفسهم، حتى جعل قسماً منهم يشعر بالمرارة ،وتفسير ذلك بأنه استحواذ على المناصب الرئيسية الثلاثة في مفاصل الحزب والدولة من قبل علي ناصر وجماعته وهي الأمانة للحزب الاشتراكي اليمني ورئاسة الدولة (رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى) ورئاسة مجلس الوزراء .

وهنا تفجرت أزمة المنافسة على المراكز القيادية والمؤسسة العسكرية والأمنية وبدأ كل جانب من الجنوبيين ينظر للآخر بعين الشك والريبة !!

وتأجج الصراع بين الأطراف الجنوبية وتمترس كل طرف خلف اطروحاته مما أدى الى دخول العنصر اليمني على خط الأزمة، و عجل بعودة عبد الفتاح اسماعيل من موسكو،!!

وهذه العودة شكلت الضربة الثانية في نعش دولة الجنوب التي سبقها الضربة الاولى بتسمية البلاد : جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اضافة الى الصاق مسمى " اليمن" بالحزب الاشتراكي !!
وجرى على عجل التحضير للمؤتمر الثالث للحزب وتمخض عن ذلك الاستقطاب أنه ليس في صالح طرفي النزاع، وتحول الانقسام من قيادات الحزب والدولة الى مؤسسات الدولة والمنظمات الجماهيرية والمؤسسات العسكرية والأمنية.

والأدهى من ذلك انقسام المجتمع الجنوبي، وأعيد عبد الفتاح اسماعيل كرئيس لدائرة مستحدثة في الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني هي (الدائرة السياسية والحزبية) .
ومن جديد في ظل تلك الانقسامات التي شملت كافة المناطق في الجنوب، واتخذ الصراع القادم شكلا مناطقياً عنوانه الضالع وحضرموت ضد أبين وشبوه !!

وقد استشعر حزب رابطة الجنوب العربي الخطر المحدق بالجنوب فقامت قيادته بإرسال رسالة لطرفي الخلاف في الحزب الاشتراكي في مايو عام 1985م وكان يصادف شهر رمضان المبارك .. وقال السيد عبد الرحمن الجفري رئيس حزب رابطة الجنوب العربي: " ناشدناهم لضبط النفس والدعوة لمصالحة ووحدة وطنية جنوبيه ولكن لم يتمكنوا"

إثر احداث13 يناير 1986م التي زلزلت الجنوب العربي، نشب خلاف سياسي حاد حول موقف الرابطة من الاحداث الجارية في الجنوب بين الحرس القديم في رابطة الجنوب العربي والشباب بقيادة السيد عبد الرحمن الجفري ومحسن بن فريد وحدث الانقسام، وذهب الجيل الشاب يتلمس طريقه في صنعاء
وعند لقائهم بالقيادات اليمنية من جانب وعلي ناصر محمد طلبوا منهم التنازل والتخلي عن مسمى " رابطة الجنوب العربي" وتغيير التسمية الى رابطة ابناء اليمن" رأي" !!

بينما بقي الحرس القديم بقيادة السيد شيخان الحبشي والشيخ فريد بن ابو بكر والشيخ محمد بن عجرومه والسيد سالم الصافي وجمعان باتيس وآخرون متمسكون بالاسم التاريخي للحزب وهو: "رابطة الجنوب العربي"
وعود على بدء حول أحداث 13 يناير في عدن كانت النتائج كارثية ، وانهارت الدولة والحزب نتيجة تلك الأحداث وتوسعت الجراح الغائرة بين القبائل الماركسية في الجنوب !!

وأفرزت من جديد قسمين :
" الزمرة " "والطغمة " فإما الزمرة الهاربة بقيادة علي ناصر واركانه فقد لجأت الى اليمن وارتمت في احضان النظام العشائري المتخلف في صنعاء، وتم احتوائها ومن ثم تدجينها للمرحلة القادمة.

كما تم استيعاب آلاف النازحين من ابناء الجنوب الذين هربوا بعد احداث يناير وتم استخدامهم للحصول على الكثير من اموال الدول العربية والاجنبية وتم تجميدهم كقنبلة موقوتة سيتم استخدامها لاحقا !!

وبقيت الطغمة الحاكمة او الفرقة الناجية بقيادة: علي سالم البيض واركانه الا ان الدولة ومؤسساتها قد انهارت ، وقد تخلى عنها السند والداعم لها وهو الاتحاد السوفييتي الذي دب المرض في اوصاله بسبب تمزقه وتفككه .

كل ذلك في ظل انعدام رؤية سياسية سليمة تخرج البلاد من فاجعتها الوطنية ومصابها الجلل وبقيادة ضعيفة وهشة ونظام سياسي احادي النظرة والفكرة لازال يحلم بالماضي التليد الذي اصبح اطلالا !!

وفي ظل تلك الظروف العصيبة فقد قويت شوكة العنصر الشمالي وبرزت الى الوجود تبني هوية يمنية واحدة، وان لا حل للأزمة الجنوبية الا الهروب الى الأمام .. الى الوحدة !!

وبدلا من أن تتصالح القيادة المنهارة بقيادة علي سالم البيض مع شراذمها الناجية ومع المجتمع الجنوبي الذي تمزق نسيجه واصبح اكثر من 40% من ابنائه نازحين ومهجرين قسرا ومبعدين من الوطن، بدلا من ترميم العلاقة : الجنوبية – الجنوبية ، أخذ العنصر اليمني المتربص في مفاصل الدولة والقيادات الحزبية والسياسية والعسكرية يدفع باتجاه الوحدة المزعومة وان لا خيار ولا حل للجنوب سواها للخرج من أزمته !!

وكانت قيادة البيض هشة وضعيفة ومترددة ومنهارة.. فلم تعد تبصر الاتجاهات الأربع الأصلية واضاعت الفرصة للخروج من أزمتها بالشخوص الى الخليج لطي صفحة الماضي الأليمة وترميم علاقات الجنوب المتردية مع دول الخليج
وبدلا من الاتجاه صوب القبلة .. الى مكة المكرمة .. والتصالح مع جيرانه وجبر مصابه وهم ولا شك فاعلون الا ان ضعفه ونظرته القاصرة وسيطرة اللوبي اليمني وحلفاؤه من الجنوبيين تمكنوا من التأثير على البيض ودخل الى النفق المظلم وادخل الجنوب معه شعبا ودولة وأرضاً ولم يخرج منه حتى الآن !!

والى اللقاء في الحلقة الخامسة عن الوحدة !!
د. علوي عمر بن فريد