مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
سبتة الرابعة من ستة
الإستعداد مُتحالِف مع الطّاعة والأخيرة عَهْد ، يربط الأول بالثاني وما يأتي بعده إلى نهاية العَدّ . النظام ليس كلمة معبّرة عن قوة التنظيم ثم الوقوف عند هذا الحد ، بل استمرار المتفق عليه بين أجداد السلف الصالح مُتداولا عبر الأجيال يبقَى إلى آخر جَد ، بعده لا شيء لا أرض ولا بشر ولا دول باختصار لا أحد . سلسلة حلقاتها تدبير ناتج عن أعقلِ تفكير عن أحسن منصب في التاريخ السياسي المُعاصر لا يغيب عن ذهنه ما قَبْل ذلك بكثير يستحق التقدير الشديد بل الأشَدّ، التفاصيل معروفة إذ القُراء العرب كالمغاربة أذكياء لما بين السطور لفهمهم المباشر الند للند، اذن المملكة المغربية تقدّمت صوب "سبتة" لتكسير ذاك القيد ، وتحريرها من الاحتلال الاسباني بما يقتضيه مَنْ إذا عَزمَ تَمَكَّنَ مِنْ تَسْطِيرِ ما يٌفرأ عن مجدٍ مُفعم بالسُؤدَد، ما دامت اسبانيا حالمة كالمعتاد ، أنها متربّعة على الدوام وسط تلك المدينة التي تعتبرها من بقايا غنائم حرب جعلتها الظروف غير متكافئة عدة وعتاداً مع جانب آخر مُعَرَّضٍ كان لعقوبة التفريط في حقوقه الكثيرة لاسباب يطول شرحها في الحيّزعلى مثل المقال لعاية ما محدّد.
ستلجأ اسبانيا لشراء اعادة ثقة المغرب فيها بالتخلي عن الجزيرة التي لا تبعد عن مدينة الحسيمة المغربية إلا بحوالي 300 متر وأيضا مواقع صغيرة أخرى ، لكنها ستفشل ، إذ اعادة الثقة يتطلب إخلاء سبيل "سبتة" كخطوة أولي تتلوها خطوات أخري قد نبيّنها فيما بعد ، ولمن ربطوا التعديل الحكومي لتعويض وزيرة الخارجية بدبلوماسي شغل منصب سفير اسبانيا لدى الدولة الفرنسية ، شخصيته معروفة لدى البعض في المغرب ، لمن ربطوا ذلك باظهار اسبانيا رغبتها في اصلاح ما ارتكبته من أخطاء في حق المغرب ، عليهم بمعرفة أن الأمر لا علاقة له بمثل الموضوع أصلا ، بل بارضاء السلطات الكتالونية ومواطني تلك المنطقة بعاصمتها برشلونة ، التي سبق ونفس الوزيرة و تصرَّفت في شأنهم بما عكَّر الاجواء بينهم والحكومة المركزية في مدريد . اسبانيا (في جناحها الأمني المتخصِّص و المشكِّل العمود الفقري لتلك الدولة) ، مدركة أن الاستخبارات المغربية متمكّنة من ملفات تجعل من السلطات المغربية ، على أعلَى مستوى، يقررون ما يرونه تابتا لا يتحرك إلا بمقدار ما يناسب المصلحة المغربية الممثلة في انهاء كل القضايا العالقة بين المغرب ، كطرف صاحب حق ، واسبانيا الطرف الآخر ، الذي لا يكنفي بعدم أحقيته في أي شيء ولا زال يراوغ . مسألة الصحراء المغربية لم تعد تحتل المرتبة الأولى في تلك القضايا ، بل استرجاع سبتة كل المطلوب آنيا وبالحاح غير مسبوق . الحكومة المحلية في سبتة المحتلة وصلت مع الحكومة المركزية بمدريد ، إلى الطريق المسدود اتباعاً لعدم التوصل بالحاجيات المطلوبة لتعويض خسارات المدينة في جميع المجالات ، بما يضمن لها الاستمرار ولو في الحد الأدنى ، ريثما تتضح الرؤية أكثر وأزيد ، وإذا علمنا أن سبتة لا يمكن لها العيش إلا والمغرب فاتح لها ذراعيه كما كان منذ عقود ، علمنا أن نقاشاً سرياً بدأ يتَّسع بين شخصيات محلية وازنة لاعداد مخطّطات عودة سبتة إلى أصلها المغربي الطبيعي ، وهناك وسائل شرعية قانونية نابعة من داخل سبتة نفسها ، تُمكّن من وقوع ذاك الحدث السعيد ، المبتدئ بتلك النقاشات السابق ذكرها.