عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):
جامعة تعز: واجباتها ومطالبها
تأثرت المؤسسات والمرافق العامة والخاصة ، ومازالت بالظروف التي تمر بها تعز، جامعة تعز إحدى المؤسسات الحكومية ، التي نالت جزءا من آثار اللاستقرار ، الناجم من الحرب والحصار وقصور وفشل السلطة المحلية في القيام بواجباتها في حماية المصالح العامة والخاصة .
تعرضت جامعة تعز لانتهاكات عدة متمثلة باعتداءات على أعضاء هيئة التدريس ، وعلى رئاسة الجامعة ، آخرها ما حدث بين العقيد عبدالحكيم الشجاع ونائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب الدكتور رياض العقاب ، ما دفع بمجلس الجامعة لاتخاذ قرار إيقاف الدارسة ، حتى تلبي السلطة المحلية مطالب تقدمت بها رئاسة الجامعة ، جزء منها قديم طرح سابقا والآخر جديد، كإخلاء كلية الطب من التواجد العسكري فيها.
قرار توقيف الدراسة لأجل غير مسمى ، وحرمان أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة من مواصلة دراستهم، هو عقاب جماعي لمن ليس له ناقة ولا جمل ، وإقحام للطلاب في الخلافات بين الجامعة والسلطة المحلية ، استمراره سينسف كل الجهود السابقة ، التي بذلت من قبل الجامعة ؛ لإعادة تطبيع الدراسة واستيعاب الشباب في مدرجات الكليات وقاعات المحاضرات ، بدلا من تركهم فريسة للفراغ أو صيد سهل لجماعات العنف ، والغريب أن الجامعة أغلقت في وجوه الطلاب ، لكنها كما أفاد بعض الأكاديميين، ظلت مفتوحة لتسيير المعاملات المالية !
لم تتخذ رئاسة الجامعة قرارات متدرجة تصاعدية ، توازن فيها بين مطالبها المشروعة وبين مصلحة الطلاب ، قفزت مباشرة للأعلى، وقررت وقف الدراسة كورقة ضغط قوية ، تعتقد أنها سترغم السلطة المحلية على الاستجابة لمطالبها ، وأنها بذلك ستحشد الطلاب خلفها، متناسية أنها بهكذا إجراء، ستفجر ثورة طلابية ومجتمعية ضدها ، فيما لو استمرت في إصرارها على توقيف الدراسة ؛ إذ أن تلبية مطالبها تحتاج لوقت طويل وجهود كبيرة ؛نتيجة الظروف الخاصة التي تمر بها تعز ، وتؤثر على أداء السلطة المحلية وموقفها من كثير من القضايا .
كان الأحرى برئاسة الجامعة أن تشكل لجنة قانونية ، ترفع دعاوى قضائية ، وتطالب بمحاسبة ومعاقبة كل من اعتدى على الجامعة ، عبر الأطر القانونية والقضائية ، يتزامن هذا التحرك مع خطوات تصعيدية مدروسة ، فيما لو كان هناك تلكؤ أو تمالؤ أو تمييع لمطالبها المشروعة ، حينئذ ستمتلك أوراق ضغط قانونية وقضائية ، وسيكن الجميع معها ، ولن تكن جامعة تعز خصما للسلطة المحلية ، بل سيكن كل أبناء تعز خصما لها ، وستتحول مطالب الجامعة مطالب أبناء تعز قاطبة ، غير أن رئاسة الجامعة تسرعت تحت تأثير استعظام الحدث كون نائب رئيس الجامعة طرفا فيه ، فقررت إقفال أبوابها في وجه الطلاب ؛ لعلها بهكذا إجراء تحول خلافها مع السلطة المحلية لخلاف مع المجتمع ، غير مدركة أنها ستخسر من رصيدها ، ومن تعاطف المجتمع معها ، خاصة أنها قد تعرضت لاعتداءات سابقة كبيرة ولم تتخذ الجامعة قرارا بوقف الدراسة كهذا القرار .
مازال هناك متسع من الوقت لتعلن رئاسة الجامعة العدول عن قرار توقيف الدراسة ، وتشكل لجنة قانونية ؛ تترافع عنها أمام الأجهزة المختصة لمحاسبة من اعتدى على الجامعة ، وفقا للقوانين النافذة ، مثل هكذا قرار سيعيد للجامعة مكانتها الصحيحة ، وسيكسبها تعاطفا وتأييدا كبيرا، وسيضع السلطة المحلية في موقف حرج ، يجبرها على الاستجابة لمطالب الجامعة القانونية ، وسيقفل الباب أمام من يحاول الإساءة للجامعة والنيل منها ومن مكانتها .