محمد محمود بشار يكتب لـ(اليوم الثامن):
من المفاعلات النووية إلى غرف النوم.. إيران في مرمى نيران التكنولوجيا
الخامس عشر من آب/أغسطس كان يوماً غير عادي في التاريخ المعاصر كما كان 11 أيلول /سبتمبر قبل عشرين عاماً.
منذ ذلك اليوم و الأحداث التي جسدتها هوليود في أفلامها السينمائية تتجسد على أرض الواقع من خلال ما يحدث الآن. بعد أحداث الخامس عشر من آب و دخول حركة طالبان إلى العاصمة الافغانية كابول و هروب الرئيس أشرف غني استحضرت ذاكرة متابعي السينما البعض من افلام هوليوود كفيلم حرب تشارلي ويلز و كذلك فيلم رامبو 1988.
في فيلم تشارلي ويلز يخرج أحد أعضاء الكونغرس الامريكي و هو في احدى معسكرات الافغان في باكستان و يعدهم بالدعم و السلاح، فيدب الحماس في صفوف المجاهدين الأفغان و يطلقون التكبيرات و يصيحون (الله أكبر) ويُكّبِر معهم السيناتور الامريكي.
أما في الثالث و العشرين من شهر آب/أغسطس الحالي في عامنا 2021 المميز بأرقامه و المليء بالمفاجآت و التغييرات المصيرية، تعلن مجموعة مجهولة الهوية عن اختراق كاميرات المراقبة في أكبر سجون الجمهورية الاسلامية الايرانية و هو سجن أفين في العاصمة طهران.
ليظهر في مقاطع الفيديو المنشورة تعذيب المعتقلين و الوحشية في التعامل مع السجناء، و كذلك تظهر على شاشات غرفة مراقبة كاميرات السجن عبارة (سجن أفين وصمة عار على عمامة رئيسي السوداء ولحيته البيضاء) و تحمل عملية الهجوم السيبراني ضد ايران اسم (عدالة علي).
كما كان يظهر في العديد من الافلام الامريكية، يجلس احدهم في غرفة التحكم بكاميرات المراقبة، فجأة تظهر رسالة أو يظهر شخص مجهول الهوية يعلن عن تحكمه بالكاميرات و تكنولوجيا المراقبة ليرسل برسائل معينة قد تفضي إلى مواجهات و تغيير في خارطة السيطرة.
الرئيس الايراني الجديد في المنصب هو من مجموعة حكام طهران القدامى، و هو معروف بماضيه المليء بالانتهاكات و الجرائم التي مارسها عندما كان على رأس هرم السلطة القضائية في الجمهورية الاسلامية الايرانية، هو الآن أمام تحدي جديد، و هو ربما التحدي الأول الذي يواجهه داخل إيران، حيث استطاعت الحملة السيبرانية التي تحمل اسم (عدالة علي) من الحصول على وثائق دامغة لا مجال للشك بها، حول التعذيب الممنهج في سجون و معتقلات نظام الملالي في طهران.
هذه الوثائق ستفتح الطريق أمام حملة اعلامية و قانونية دولية ضد حكام طهران، وكذلك تفتح الطريق أمام صفقات تعقدها الدول المتداخلة في الشأن الايراني، وبالتالي ستكون النتيجة رضوخ نظام الملالي أمام تلك الدول.
انتهت سنوات حكم ترامب، و العالم الآن في عصر بايدن، عصر تحويل مجريات افلام هوليوود إلى أحداث حقيقية تجري على أرض الواقع، عصر المفاجآت و التحولات المصيرية. إنه عصر انهيار الدول الضعيفة و المستبدة التي لا تحترم ارادة شعوبها.
و من دون أن يرسل بايدن جنديا واحدا إلى داخل الاراضي الايرانية، اصبحت إيران في مرمى نيران التكنولوجيا الحديثة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث تقود واشنطن في عصر بايدن، أكثر النقاط سخونة على وجه الأرض عن بعد، و لكنها قريبة جدا و قد تكون إحدى كاميرات المخابرات المركزية الامريكية مزروعة في غرفة نوم الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي.
*كاتب سوري