مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
مناظر قريش في المنصورة والشيخ
ترتبط الذكريات الأكثر دفئًا و روعة في حياة الكثيرين منا بالمدن التي عاشوا فيها طفولتهم ومراهقتهم ، وانا واحد من هؤلاء من يحمل ذكريات رائعة لمدينتي الشيخ عثمان والمنصورة ، أتذكر فيهما براءة الطفولة من الروضة حتى الثانوية ، والمهرجانات والأحداث الرياضية التي كانت تقام فيهما وسينما الشرقية والشعبية ، اتذكر كيف كنت أنا وأصدقائي نخطط للمستقبل في جلساتنا على كراسي ثانوية بلقيس وفي لقاءتنا في مقهى الطميحي و بين مكتبة الشيباني واستوديو نشوان ، كانت حينها هذه السعادة الكبيرة النقية ، أعترف أنني أحيانًا أشعر بالحنين إلى تلك الأيام التي كنت لا اتعب من التنزه و الوقوف في اطراف اي شارع من شوارع المدينتين النظيفة و القليلة المباني لأشاهد بحر كالتكس او المملاح والاحساس بالرياح ورائحة البحر الجميلة وانا واقف في مكاني ، اما اليوم فالبناء العشوائي يحجب الجار و روائح المجاري والقمامة في كل مكان .
العودة إلى الأماكن التي قضيت فيها طفولتك و المراهقة دائما ما تحمل مشاعر غريبة مختلطة ، ممتعة وحزينة ومثير للاهتمام وبشكل خاص في المنصورة والشيخ عثمان ، فهما مدينتان لهما سحر خاص وجاذبية عند الكثير من ابناء جيلي والكثير من الناس ، واليوم تغير المشهد فيهما كثيرًا ويسير باستمرار نحو الاسوأ واصبحت مرتعاً لبعض البلاطجة والقذارة و ذات إيقاع فوضوي عالٍ جدًا والكثير من ساكنيها الاصليين غادروا المدينتين فقد سئموا من الازعاج والعشوائيات وعدم التخطيط ومن الخروج الدائم عن القانون في اغلب الاشياء والاختناقات المرورية الغبار والقمامة والأوساخ والمجاري وحطام السيارات والباعة المتجولين والبسطات في الشوارع و ورش اصلاح السيارات بين البيوت و اسلاك كهربائية فوق روسهم متصلة مع بعضها بطريقة غير آمنه وعشوائية ساقت البنى التحتية للمدينتين نحو الدمار .
الحروب والفساد والنزوح والبناء العشوائي على المدينتين سلبهما كل شئي جميل من ملاعب الأطفال و الرياضية والحدائق وقطع الأراضي داخلها و المجاورة وحتى فوق فتحات الصرف الصحي ، فتحولت المدينتين إلى مواقع بناء عشوائي مستمر واتربة ، لذلك لا يمكن منع التلوث والاهمال المقرف في المدينتين إلا بمساعدة السكان ، ومن الافضل ان تحتل مواضيع النظافة واحترام القانون والخصوصيات وملكية الدولة والناس اولية في المدارس وفي خطب الجمعة في مساجد المنصورة والشيخ عثمان وبكثافة بدلا من التركيز على خطب عفى عنها الزمان.
اذا كان هناك مخرج سينمائي ثانٍ مثل مصطفى العقاد وبحاجة الى مناطق قديمة لتصوير جزء ثاني من فيلم " الرسالة " عليه القدوم الى عدن وتحديداً الى هاتين المدينتين لان المناظر التي تذكرك بقريش لازالت حاضرة ، لا كهرباء و الجمال والحمير والخيول والحطب وحتى المجانين و اشكال ابو جهل كذلك موجودة ، وما على المخرج إلا احضار كاميرات التصوير والممثلين و ( اكشن )