حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
حملات انتخابية مبتذلة تستجدي الصدق والمصداقية !
لاشك أن المتابع للمشهد السياسي يصدمه ما وصلت إليه الحملة الانتخابية الحالية من مأساوية كوميدية مشمئزة ، تظهر جلية في التنافس الحاد والتناحر العنيف الذي جرى بين المرشحين الذين أطلقت غالبيتهم -سامحهم الله- العنان لافواههم والسنتهم في أعرض بعضهم بالشتم اللاذعة والإتهام الفا ضح والفضيع بكل جرائم الفساد والإفساد والإساءة بالرشوة ، والابتزاز، والمحسوبية، والاختلاس ، والخيانة ، واستخدام السلطة لأهداف غير مشروعة ، وغير ذلك من التجاوزات اللاأخلاقية والسلوكات غير السوية المشوه لسمعة البلاد قبل سمعة المتنافسين على الكراسي ، والتي المعيقة لكل التنميات المستدامة منها والبشرية ، والمحبطة لكافة الاقلاعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادي ، والمانعة لتنزيل التوزيع العادل للثروة ، والتي استفحلت جميعها بدرجةٍ خطيرة خلال الحملة الانتخابية الحالية ، التي أفقدت الإنتخابات أصالتها وحولتها إلى محض عملية مبتذلة من النفاق والمراوغة ، التي جعلت المواطن البسيط ، يظن ، بل ويقتنع ، بأن الغالبية المطلقة من المترشحين ، بمختلف وانتماءاتهم وتعدد عنوان أحزابهم ، يمينية كانت أو يسارية أو أسلامية ، هم من أقبح شراذم السياسيين الفاسدين والدخلاء الانتهازيين ، والدجالين المسرفين الهلوعين ، والتجار المحتكرين ، ورجال الاعمال الجشعين ، وأصحاب السوابق الطامحين بمزيد السرقات والاختلاسات والاثراء غير المشروع ، وغيرهم كثير من الذين يزعمون بأنهم يمثلون المواطن ويدافعون عن حقوقه ،المتصفين بالكذب والوقاحة والصلافة والنفاق والخيانة وبيع الذمم ونكث العهود ، الذين لا هم لهم غير الجري وراء المكاسب والغنائم الريعية والنهب عن طريق المواقع ، بدون استثمار وبدون جهد، وعلىحساب الأغلبية الساحقة من المواطنين الذين تعيشون على الكفاف والعفاف تحت كل عتابت الفقر ، منتظرين التغيير الذي أُرغموا بشكل خادع وبدعاية جذابة ومغرية على التصديق بأنه سيأتي عبر مشروع الانتخابات الذي سيبني الدولة والمجتمع ، ويحسن أحوالهم المادية والمعنوية ، ويردم هوة التفاوت الصارخ بين حال فقرهم وحرمانهم الفاحش وبين الثراء الوحشي الذي يتقاتل لتأمينه وإستدامته المترشحون واحزابهم المافيوزية ، بالعنف والتهديد والقوة المنفلتة المناقضة لأخلاقيات الانتخابات ضوابطها القانوني التي تنص على أنها ليست وسيلة لمعركة إظهار قوة على قوة أو نظرية ضد نظرية أخرى ، وأنها مجرد آلية لدوران النخب بهدف تجديد دواليب إدارة الشأن العام ، كما اشار الى ذلك المرحوم الحسن الثاني في إحدى خطبه ، وكما هي في كل بلاد الله المتحضرة ، مجرد إجراء روتيني يجري بطريقة سلسة، شفافة وسلمية، لا خلاف ولا جدل فيها ، بحكم آليات الدستور الاساسي للدولة ورعاية القضاء ومباديء قانون النظام الانتخابي.
ـوفي الختام لا يسعني إلا أن ادعو الله العلي القدير أن يُهيّئ للمغرب في هذه الانتخابات العناصر المراعية للمصلحة العليا للبلاد ، وارجو لهم التوفيق في كل مواقعٍ المسؤولية ، كما اتمنى ألا تُخصى أصوات الناخبين ، وتُسرق بقفة الدعم أو بالتغرير وممارسة التنويم المغناطيسي العقائدي ، بغية تحويل الانتخابات إلى حمار قصير يركبه الفاسدون الذين يشعر الناخب مع وجودهم بالألم والأسى.