فيصل الصوفي يكتب:

يجمّل الحوثيون صورة الإمامة بكذب مكشوف

لم تعرف زراعة القمح في اليمن على نطاق واسع، لا بداية القرن العشرين ولا آخره، فضلاً عن أن يكون لديه من هذه الحبوب كمية فائضة للتصدير.. في عهد الإمام يحيى حميد الدين كانت المجاعة فاشية بين اليمنيين، بينما كانت مخازن الإمام مملوءة بكميات كبيرة من حبوب الذرة البيضاء والحمراء والدخن، وقليل من القمح، وترك الرعية يموتون جوعا.. منذ ذلك الوقت كان الاتحاد السوفييتي (جمهورية روسيا الاتحادية حاليا) يصدر القمح ولا يستورده.. في ذلك الحين لم يكن الاتحاد السوفييتي مصدرا للبترول ولا للديزل ولا للغاز ولا للجاز.. لكن يمكن قلب الحقائق ما دام الأمر يتعلق بتشويه ثورة 26 سبتمبر، وكره النظام الجمهوري، وتمجيد الأئمة، ومحاولة استعادة حكمهم من براثن التاريخ، كما يجتهد الحوثيون والمتحوثون هذه الأيام.

مثلا، هذا واحد يدعى ناجي الرويشان، حاول دعم هذا المسعى بكذبات وتوهم مرضي.. قال إن روسيا (وهو لا يعرف أن هذا البلد حينها كان اسمه الاتحاد السوفييتي) كانت تستورد القمح من اليمن أيام الإمام يحيى، ومقابل ذلك القمح كانت ترسل إليه باخرة مملوءة بمادة الجاز، لكن ازداد شره روسيا، فقالت للإمام يحيى باخرتين قمح مقابل باخرة جاز، فكان رده لا حاجة لنا للجاز حقكم، وقمحنا سنأكله ونرقد من وقت المغرب وأنتم يا الروسيا موتوا جوعا، ورجع الروس قالوا خلاص نأخذ باخرة قمح مقابل اثنتين جاز، فرفض الإمام العرض، وبعد 26 سبتمبر وقعت اليمن اتفاقية تفرض عليها الامتناع عن زراعة القمح، وأصبحنا نستورد القمح.. تبا لها من ثورة!

حسناً، نتحدى هذا الكذاب أن يدلنا على هذه الاتفاقية، ولن يقدر، لأنه يتحدث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة، غير موجودة.

يوم 11 فبراير عام 1934 وقع الإمام يحيى حميد الدين اتفاقية مع بريطانيا، تقضي بأن يسحب الإمام قواته من المحميات الجنوبية، مقابل مسالمة من بريطانيا، وأن تعترف بمملكته في الشمال، وتنظيم العلاقات التجارية، و(أخي قال أخي)!!

قبل ذلك (في العام 1911) وقع الإمام نفسه صلح دعان مع العثمانيين، مقابل أن يمنحوه صلاحية إدارة المناطق الزيدية، وأخذ المكوس من الرعية.

ولابنه الإمام أحمد عشرات الاتفاقيات مع دول استعمارية، ودول عربية ضحى فيها بمصالح الشعب اليمني، وقبل بموجبها الانتقاص من السيادة اليمنية.

ذكرنا قليلا من الحقائق التاريخية فوق لنلجم بها حوثيا صميما وجهولا بالتاريخ.. ذهب وائل شمس الدين الحوثي إلى عَصِر، حيث النصب التذكاري للمقاتلين المصريين الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن النظام الجمهوري في اليمن، واصطحب طفلين: بيد أحدهما الصورة اليتيمة للإمام يحيى الذي كان يحرم التصوير.. في يد الطفل الثاني صورة للإمام أحمد بن الإمام يحيى.. أما هو فوضع بين يديه علم المملكة المتوكلية.. وقف عند النصب، وتكلم: هذه صورة سيدي الإمام يحيى، وهذا أعلام الهدى، وهذه صورة سيدي الإمام أحمد.. وعلى رئيس الوزراء إزالة هذا النصب التذكاري الذي يمثل وصمة عار في تاريخ اليمن! وواجب الحكومة (عمل) نصب تذكاري للإمام يحيى، والإمام أحمد اللذين ضحيا في قتال البريطاني.. فإن لم تزل الحكومة هذا النصب العار، شكلنا حكومة وطنية تزيله وتعمل نصب للإمامين في كل المدن.

هذان اثنان من بين مئات الحوثيين والمتحوثين الذين يهاجمون النظام الجمهوري، خاصة كلما احتفل الجمهور اليمني بثورة 26 سبتمبر التي اقتلعت نظاما إماميا متخلفا تعفن طيلة ألف سنة ويزيد.

هؤلاء يحاكون حسين بد الدين الحوثي، الذي طالما هاجم ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري، وكان في ذلك الهجوم يقول إن الأئمة الهاشميين أعلام الهدى كانوا نعم الحكام، أليسوا هم أعلام الهدى؟ فمثلا كانوا يتركون أهل المذاهب ومذاهبهم، وفي عهدهم كان اليمني حرث أرضه بثورين، وبعد الثورة صار يحرث بثور، والآن يحرثها بحمار.. كان حسين فيه مهمة لتحسن صورة أجداده، فلم يحدث مريديه عن ما فعله أجداده بأهل المذاهب السائدة في اليمن.. لم يقل لهم ماذا فعل إمامهم الأكبر بفرقة المطرفية الزيدية، وهي زيدية صميمة.. لم يقل لهم كيف تدبر الإمام يحيى -ثم أكمل بعده- الإمام أحمد بن يحيى أمر اليهود اليمنيين مع بريطانيا وإسرائيل في عملية بساط الريح.