د. عيدروس النقيب يكتب:

إلى الأشقاء في التحالف.. تساؤلاتٌ لا عتاب

عندما دشنت عاصفة الحزم أولى عملياتها العسكرية في اليمن، كانت المقاومة الشعبية التي خاضها أبناء قبائل مأرب قد تمكنت من دحر المجاميع الحوثية إلى فرضة نهم الواقعة على بعد ٣٠ كم من صنعاء، وظهرت مقاومة شعبية مستبسلة، وإن لم تكن قوية في محافظة إب، وكانت معظم مديريات محافظة الجوف (أكبر المحافظات الشمالية مساحةً) محررةً ما عدا أجزاء من المديريات الشمالية الغربية التي احتلها الحوثيون قبل عاصفة الحزم، بل وقبل وصولهم إلى عمران وصنعاء، وكانت المقاومة في تعز والحديدة تخوض نضالاً بطولياً في مواجهة التحالف الانقلابي (حينها) أما مناطق البيضاء وحجور وعتمة ومناطق أخرى في ذمار وريمة وحجة والمحويت فقد بقيت سنوات خارج نطاق السيطرة الحوثية، وكانت المناطق التي سلمتها قوات (شرعية ما بعد 1994م) في عدن ولحج وأبين وشبوة للتحالف الانقلابي هي المناطق الأكثر عرضة لمظاهر الاجتياح الانقلابي وأكثرها اشتعالاً ومواجهةً ومقاومة لقوات هذا التحالف، أما القوات العسكرية في المناطق المحسوبة ضمن المنطقة العسكرية الأولى، في صحراء ووادي حضرموت والمهرة، وهي الأكبر مساحة في المناطق العسكرية السبع، فقد ظلت صامتةً وفضلت عدم البوح بأي موقف، وهي وإن لم تردد الصرخة كانت التعليمات لا تأتيها إلا من صنعاء بحكم الولاء التاريخي، وبعد مرور أشهر وربما أكثر من عام على  تدشين عاصفة الحزم عملياتها تذكر قادة تلك المنطقة أن هناك قيادة شرعية لها رئيس اسمه عبدربه منصور هادي فإعلنوا الولاء له، وما يزالون ينتظرون أي تغيير في ميزان القوى ليرددوا أو لا يرددوا الصرخة.

 

وليس مناً على أحد عند ما نقول أن الجنوبيين حرروا أرضهم في أقل من مائة يوم من إعلان العاصفة فتلك أرضهم والتضحية من أجل تحريرها لا تحتاج إلى توصية من أحد ،كما لا يمكن لأحد أن يجحد الدعم المقدم من دولتي التحالف، وهو الدعم الذي تلقت قوات الشرعية في الجبهات الشمالية عشرات أضعافه وكانت النتيجة التي يعلمها كل ذي عينين.

 

السؤال الموجه للأشقاء في التحالف العربي، وبالتحديد لقادة الشقيقتين السعودية والإمارات: هلَّا أجريتم جرداً لحصيلة ما أحرزته عاصفة الحزم من نتائج؟ كم هي المكاسب المحققة وكم الخسائر وما أسبابها؟ وبلغة علم المحاسبة: هل يتعادل ميزان النفقات والإيردات؟

 

لن أجيب على هذه الأسئلة لكنني أشير إلى أن قوات الحوثي (وكيل إيران الحصري في المنطقة) وبعد عاصفة الحزم قد احتلت كل مديريات محافظة مأرب باستثناء أجزاء من العاصمة (مدينة مأرب) واستكملت احتلال كل محافظة البيضاء وكل محافظة الجوف وإب ومعظم محافظتي تعز والحديدة، واحتلت عتمة وحجور تحت سمع وبصر القوات الــ”شرعية” وهي اليوم تتوسع في مديريات محافظة شبوة وقريبا سيكون لها مرافئ معلنة على بحر العرب، بعد أن كانت تتلقى الأسلحة الإيرانية المهربة بواسطة قوات “الشرعية” هناك.

 

فهلَّا تساءلتم عن اسباب الإخفاقات والهزائم التي ألحقتها القوات الحوثية بمن يقولون أنهم أنصاركم؟؟

 

إن السؤال الذي يطرحه البسطاء من أمثالي هو: ما فائدة تدخل التحالف العربي في هذه الحرب إذا كانت النتيحة هي توسع الحوثيين في مساحات هي أضعاف ما كانت لديهم عشية انطلاق العاصفة؟

 

كما إن الإنسان البسيط يشفق على الأشقاء في السعودية، على وجه الخصوص، بسبب الخسائر المادية والمعنوية والتهديدات الأمنية التي تتعرض لها المدن والمرافق الاقتصادية السعودية جراء الهجمات الحوثية، لكن حلفاء السعودية من الشرعيين، والمدعومين بأموالها وأسلحتها يقولون أن هذا ليس دعما مجانياً ويتحدثون علنا عن توجه السعودية وكذلك الإمارات لاحتلال مساحات وموانئ وحقول نفط ما يعوض عشرات المرات الخسائر التي أنفقتها الدولتان في هذه الحرب.

 

لقد بدا واضحاً أيها الأشقاء الكرام أن مشروع الحوثي (وكيل إيران الحصري) عصيٌ على الكسر، ليس بسبب تفوقه لا المعنوي ولا البشري ولا الأخلاقي ولا المادي، ولكن بسبب رداءة وسؤ اختياركم للحلفاء الذين راهنتم عليهم في استعادة صنعاء من أيدي الحوثيين، فإذا بهم يسلمونهم نهم ومأرب والبيضاء والجوف وكل محافظات الشمال وشيئاً فشيئاً يسلمونهم مناطق جنوبية من تلك التي حررها أبناء الجنوب، وما كان لها أن تسقط بأيدي وكلاء إيران لو لم تمكنوا وكلائكم من تدمير المقاومة الشبوانية التي حرر رجالها كل شبوة من الإرهابين الحوثي والداعشي.

 

إننا نتساءل فقط ولا نعاتب لكننا نعيى في العثور على إجابات مقنعة لهذا التساؤلات، أما عامة الناس فإنهم يعتبون ويحتجون ويتذمرون ويشعرون بالإحباط لما تسير عليه الأمور وما تنتجه من إخفاقات وخيبات، فلا تلوموهم وهم يستمعون إلى أقاويل حلفائكم التي يبثونها من إسطنبول والدوحة وعمّأن وبعض العواصم الأوروبية، فيجدون فيها ما يطابق المنطق الذي يقيسون عليه سير الأحداث وما تؤول إليه من نتائج.