عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):
المستأجرون في تعز مأساة بلا حلول
جل مستأجري المنازل والشقق السكنية في تعز ، هم من فئة الموظفين أو النازحين من جحيم الحرب ، والذين بسبب انهيار العملة الوطنية والتدهور الاقتصادي المريع ، باتوا مع غيرهم من الفئات المسحوقة بسبب الحرب وتداعياتها في عداد المعدمين .
الراتب لم يعد يف بأبسط مقومات الحياة ، بل لا يكفي لمواصلات ومصروف مدرسي لمن يعول ثلاثة أو أربعة طلاب ، في ظل هذا الوضع الكارثي ، يشرع المؤجرون سيوفهم في وجه المستأجرين ، رافعين الإيجارات لمبالغ تساوي ثلثي راتب الموظف في أحسن الحالات ، متعللين بالغلاء وانهيار العملة ، يشجعهم في ذلك عدم ضبط القيمة السعرية للإيجارات ، لاسيما ونحن نمر في وضع استثنائي في مرحلة حرب ، ووضع اقتصادي مزر ، أكثر من يكتوي بناره الموظفون والنازحون وأسر الشهداء والجرحى والأسر المعدمة التي فقدت مصادر دخلها .
العام الماضي أصدرت السلطات المحلية تعميما بمنع أي زيادة سعرية في الإيجارات ، على أن تكن أي زيادة في عام 2022م لا تتجاوز 10% من الإيجار المتفق عليه ، لكن الذي حدث أن المؤجرين ضربوا بهذا التعميم عرض الحائط ، وسلكوا وسائل وطرق شتى ؛ للتضييق على المستأجرين عبر استدعائهم من أقسام الشرطة ، أو من المحاكم ، والطلب منهم إخلاء العين المؤجرة بحجة احتياج الملاك لها ، والهدف هو ابتزازهم وإرغامهم على الرضوخ لطلبات المؤجرين ؛ لتفريغ المنازل وتأجيرها على مستأجرين جدد بمبالغ كبيرة ، والعجيب أن بعض أقسام الشرطة تحولت للعب دور وسيط بين المؤجر والمستأجر ؛ للصلح بينهما على القبول بزيادة للإيجار ، بدلا من إقناع المؤجرين وإرضاخه ؛ لتنفيذ ما ورد في التعميم ، كما أن الدعوات التي رفعت في المحاكم جلها جاءت لصالح المؤجر .
مع قرب انتهاء هذا العام أشعر بعض المؤجرين المستأجرين بزيادة في الإيجار منذ بداية عام 2022م بنسبة تفوق 45% عن الإيجار المدفوع لعام 2021م ما لم فعليهم أخذ مهلة لإخلاء العين المؤجرة .
يتحجج المؤجرون في إجبار المستأجرين على زيادة الإيجار ، بأن الذين استأجروا منازلا وشققا منذ عام 2020م حتى الآن استأجروها بمبالغ كبيرة ، تفوق المبالغ التي أجروا بها منازلهم ، كما يفتح شهيتهم عدم وجود ضوابط صارمة من قبل السلطات المحلية ، ومتابعة تتفيذها ، من قبيل تحديد صارم للقيمة السعرية للإيجارات القديمة أو الجديدة ، ومنع دفع أي إيجار بغير العملة الوطنية ، والتوجيه لأقسام الشرطة وعقال الحارات والأمناء الشرعيين بعدم تحرير أي عقود مخالفة لتلك الضوابط ، والبت في قضايا الإيجارات بشكل سريع وحازم ، بما يحفظ حقوق المؤجر والمستأجر ، ويمنع من الابتزاز ، ويراعي الظروف الاستثنائية التي نمر بها .
هل سيقدم القضاء في تعز على سابقة قضائية ، تحد من تعنت وابتزاز المؤجرين للمستأجرين ؟ وهل ستستشعر السلطات المحلية في تعز حجم مشكلة الإيجارات وآثارها الخطيرة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لكثير من الأسر ؟ ريثما تنقشع عن المجتمع اليمني كارثة الحرب اللعينة ، التي أرهقت كاهل المواطن اليمني ، وجعلته على هامش الحياة .