حسين داعي الإسلام يكتب:

الشعب الإيراني ينتفض من أجل الماء والحرية

على أرضية قاع نهر زاينده رود الجافة الصلبة تتدفق منذ اسبوعين أمواج مزارعي وأهالي إصفهان الهادرة الثائرة بدلا من الماء، الأمواج التي اتسع نطاق نهوضها وانتفاضها لتصل محافظة جهار محال وبختياري، واحتشدت جموع الناس في شهركرد منذ أربعة أيام لتشكل مركزا آخر من مراكز الإنتفاضة المشروعة.
ويحاول نظام الملالي المحتال وأجهزته الدعائية جاهدا جعل الانتفاضة في أصفهان وجهارمحال انتفاضة غير سياسية وأنها مجرد احتجاج على نقص المياه إقليميا ومحليا، لكن هتافات الناس وشعاراتهم الثائرة قد فضحت النظام واحتياله وإدعاءاته وتجاهله، وقد هتف أهالي أصفهان متكاتفين في تناغم تام بشعاراتهم السياسية البحتة: "ليرحل الملالي لا تنفعهم الدبابة والمدافع" وفي هذا الشعار أكبر تجلي للرفض التام للنظام إلى حد استخفاف الجماهير بقدرات النظام القمعية.
نعم الأمر كما قال زعيم المقاومة مسعود رجوي هذه انتفاضة ماء وحرية عندما قال: "المنتفضون ینهضون في جميع أنحاء إيران من أجل الماء والحرية.، يستحق نظام المجازر والاعدام النار فقط!!"(19 نوفمبر)،
واليوم يستمع كل الشعب الإيراني لجواب وصدى هذه الحقيقة من حناجر الآلاف المؤلفة من الناس الشجعان في جهارمحال وبختياري الذين رددوا شعاراتهم الملتهبة قائلين:" الويل لهم لو حملنا بنادقنا بايدينا" وشعار " نحن شعب مناضل نتحداكم نتحداكم" وشعار " سنحيل المياه التي قطعتموها إلى دماء".
وعلى هذا النحو بدأت عجلة الإنتفاضة بالدوران من بلوشستان وخوزستان إلى لورستان وتبريز، ومن تبريز إلى إصفهان وشهركرد.
وبحسب مصادر حكومية هناك 30 محافظة من أصل 31 محافظة في البلاد تعاني من نقص المياه، والأوضاع في 4 إلى 5 محافظات حرجة للغاية، وحذر مرجع بيئي تابع للنظام من أن المحافظات الأخرى الرازحة تحت وطأة أزمة المياه ستحتج قريبا (موقع ركنا الحكومي 23 نوفمبر)، لكن الأزمة الأكثر حدة من أزمة المياه هي فقدان الحرية، فأكثر ما يتعطش له الناس في جميع أنحاء البلاد هو الحرية،
وذلك لأن اليوم كل الإيرانيين يدركون اليوم أن حقيقة أزمة المياه وكذلك أزمة البيئة وأزمة الفقر والفساد ووباء كورونا وكل المصائب التي عصفت بالشعب الإيراني بسبب حكم أخطر دكتاتورية معاصرة وهي ولاية الفقية الشمولية المتسلطة بفسادها ونهبها وجهلها المطلق المتناهي بلا حصر ولا عد، والرد الوحيد على كل هذا للخلاص منه هو الحرية التي ستتحقق بالنار وإسقاط هذا النظام اللاإنساني.
وهذا الوعي الوطني الرحب والعميق هو الذي أرعب النظام لأنه يعلم أن ما يحدث اليوم في إصفهان وشهركرد هو مظهر من مظاهر الظروف الموضوعية في مجتمع على وشك الانفجار، وكل شرارة ستتبعه يمكن لها أن تحدث انفجارٍ مؤسسيٍ رهيب. خاصة عندما يرافق هذه الظروف وجود مقاومة منظمة مقتدرة في الميدان، وكما كتبت صحيفة آرمان الحكومية (23 نوفمبر): "القليل من الإهمال قد يؤدي إلى توترات اجتماعية واسعة النطاق، وتتحول الأزمة إلى مرحلة اجتماعية وعرقية، وعندها ستبلغ الأضرار ذروتها."
وأعربت صحيفة أخرى عن ذعرها قائلة إن: " لا يقل الوضع الحالي عن حريق في كومة قش، ولا يقتصر نطاق الاحتجاجات في أي وقت على منطقة جغرافية محددة ولن يقتصر"(جهان صنعت - 20 نوفمبر)
وبالمقابل لا يستطيع نظام الفاشية البالية اتخاذ أي حل أو عمل فعلي حيال تلك الأمواج من الأزمات المتفشية لإحتوائها أو معالجتها، وما أزمة المياه الوطنية إلا واحدة منها، ولا يتوقع منه أي حلول منصفة خاصة مع كل تكتيكاته وتوجهاته المعروفة من قمع وإعدام وترهيب، وكذب واحتيال، وسعيه المعهود بإنساب هذه الأزمات إلى الطبيعة أو الدسائس والمؤامرات عند مواجهة أهالي محافظة أو منطقة وخلق الفتن والبغضاء بزج أهالي محافظة ما او منطقة مقابل الأخرى... وكل هذه المؤامرات منيت بالفشل، والحقيقة الجلية الناصعة أن النظام يقترب من آخر خط نهايته.