حسين داعي الإسلام يكتب:

تنازلات الملالي تذهب ادراج الرياح

تكرس التصريحات الراشحة عن محادثات الملف النووي الايراني في فيينا حالة الغموض والارتباك التي تلف نتائج ما جرى هناك مؤخرا مما يرجح العجز عن الوصول الى حلول للقضية التي يجري التفاوض حولها.


عبر مسؤول في الخارجية الامريكية عما اسفرت عنه محادثات فيينا بانه “كان أفضل مما كان يمكن أن يكون، وكان أسوأ مما كان ينبغي أن يكون” ليدلل باختياره الدقيق لمصطلحاته على عمق الغموض والارتباك في موقف وفد الملالي الى المحادثات التي اختتمت يوم الجمعة 17 ديسمبر لتعود الأطراف المتفاوضة إلى عواصمها دون التوصل إلى نتيجة نهائية.


لا يبتعد الاوروبيون كثيرا في نظرتهم لمجريات ونتائج ما جرى في فيينا فهم يلومون النظام الإيراني على هذا التوقف، حيث حذر إنريكي مورا، نائب رئيس السياسة الخارجية في أوروبا من أن فرصة المفاوضات “ليست شهورًا، بل أسابيع قليلة فقط” واكدت الترويكا الأوروبية على أن “المحادثات النووية تقترب من نهايتها” وتقول بخيبة أمل أنه لم يكن في نهاية يوم الجمعة سوى بعض التقدم التقني الذي جعل المحادثات أقرب إلى نهاية الجلسة السادسة في يونيو.


في المقابل يقول رئيس وفد النظام الى المحادثات علی باقري “اننا اتفقنا على الراحة” دون ان يحدد ما يقصده بالراحة التي وصفها میخائیل أوليانوف ممثل روسيا بانها ليست موعد استئناف المحادثات اللاحقة .


يصرح باقري بان الخلافات في جولات المفاوضات السابقة باقية و”أضيف إليها القليل” فيما ترى صحيفة واشنطن بوست ان “الوقت ينفد لتفادي اللحظة التي يصبح فيها الاتفاق النووي جثة غير قابلة للشفاء” وتؤكد نيوزويك على أن “المفاوضين البريطانيين والفرنسيين والألمان محبطون ويائسون”.


تراجعات الملالي ساهمت في حالة الارتباك والغموض فقد وافقوا على زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لموقع في كرج، واكتفى وزير الخارجية الايراني حسین امیر عبداللهیان في محادثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة بطلب رفع “عقوبات الاتفاق النووي” بدلا من المطالبة برفع “كل العقوبات” وكان التراجعان سببا في مراهنة الأطراف المفاوضة للنظام على التوصل إلى اتفاق نهائي وشيك لكن بعد أيام قليلة من ذلك الرهان نرى هذا الوضع الفوضوي والتعبير عن اليأس والإحباط من 4 + 1 والولايات المتحدة.


تجدد التصريحات الاخيرة السؤال المزمن حول ما يريده النظام من المفاوضات، ففي حال رغبته في التوصل الى اتفاق لا يوجد ما يبرر توقف المفاوضات دون نتيجة، واذا لم يكن يريد الاتفاق لا يوجد ما يفسر تقديمه تنازلات عن مواقفه المعلنة.


لا يمكن الاجابة على مثل هذه الاسئلة دون الوقوف عند الأزمة الداخلية التي يواجهها النظام، فهي السبب في عدم قدرته على حسم معضلة موته والاختيار بين تجرع كأس السم والمواجهة مع المجتمع الدولي، لكن الوقت لا يعمل لصالح النظام فقد لوحت اطراف المحادثات بعقد اجتماع طارئ لمجلس المحافظين قبل نهاية العام الجاري لمراجعة قضيته، وقلل مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأمريكية من أهمية الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.


فرص نظام الملالي في كسب الوقت تتضاءل يوما بعد يوم، محاولة الاحتيال على الاطراف الدولية تزيد من التهديدات التي يواجهها، ولا يوجد في الافق غير مزيد من الضغوط الضخمة التي تذيقه الأمرين.