فيصل الصوفي يكتب:

إلى يوم معلوم.. يحتفظ حزب الإصلاح بقواته والأسلحة والذخيرة

ذات ظهيرة طل من شاشة قناة عربية الإخواني الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي، وملؤه حماس ويقين، يطمئن اليمنيين أن قوات التجمع اليمني للإصلاح، قادرة على إلحاق هزيمة بميليشيا الجماعة الحوثية في نهم، وفي مأرب، وفي الجوف، وفي أي مكان من شمال اليمن.. وخمن أن أعداد جيش الإصلاح تزيد عن خمسة وأربعين ألف مقاتل.. لكن ما حدث بالضبط هو أنه كان ينسحب، ولم يأت أوان الشد لتشتد زيم، حتى بعد أن ضم الإصلاح أعداداً كثيرة، واستحوذ على ما يسمى الجيش الوطني.. والجيش الوطني معظمه يتبع الإصلاح، هذا أمر مشهور في مأرب، تعز، وفي حضرموت الوادي خاصة.

لم يهزم الإصلاح، بل ينسحب، فلا يود زج جيشه في حرب مع ميليشيا الجماعة الحوثية لسبب مفهوم، على الرغم من تواتر الأفواج التي استقبلتها صنعاء.. في حين ما يزال يرتكب خطأ بحق نفسه.. خطيئة تصدره الهجوم على الإمارات العربية المتحدة دفاعاً عن الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس، دون أن يحقق أي مكسب غير إرضاء  النفوس الإخوانية، والحصول على خصم.. كما أن التيار الموالي لقطر وتركيا نذر نفسه للهجوم على التحالف العربي لدعم الشرعية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والثمن يدفعه حزبهم.
ننبه هنا أننا لسنا أصدقاء لمقولتين رائجتين في وسائل الإعلام وقاموسها السياسي.. نعني مقولة الخيانة، ومقولة تسليم المديريات.. إذ إن حزب الإصلاح حريص على الاحتفاظ بما تبقى من قوات وأسلحة وذخائر لمعارك محتملة في المستقبل يعتقد أنه سيضطر إليها دفاعاً عن وجوده ومصالحه.
الحسن أبكر-وهو في حزب الإصلاح من هو- قال إن قيادة الحزب اضفت على نفسها قداسة وصنمية.. لكنه –تحت تأثير الشعور بالإثم- زعم أن علي محسن الأحمر –وليس حزب الإصلاح- حارب كل من يسعى إلى الخلاص من الجماعة الحوثية، لكي يبرز كشخصية قوية.. ولم يشأ أبكر القول: لكي يبرز الإصلاح حزباً قوياً.
إذا كان الإصلاح بسبيله للدخول في تفاهمات مع الجماعة الحوثية، فالأمر الطبيعي أنه لن يذهب إليها مجرداً من عناصر القوة الحربية.. لقد حرص على الاحتفاظ بقواته، منذ بدأ يشعر أنه موجود وسط بيئة غير مريحة، أو قل إنه يشعر أنه مكروه.. وهو شعور له ما يبرره، فبعد أن كان يواجه انتقادات من أطراف سياسية داخلية، توسع النقد ليشمل معظم فئات الشعب اليمني في الجنوب والشمال.
استحوذ حزب الإصلاح على معظم الوظائف العليا والوسطى في الجهاز الحكومي والسلك الدبلوماسي، واستحوذ على الجيش بحكم أنه المسيطر على الشرعية.. حارب كل من يحاول الاقتراب منها خشية أن تقل أسهمه... هذا جعله موضوعاً للنقد المستمر من قبل الأحزاب والقوى الوطنية، كما ارتفعت حالة التذمر الشعبي منه، على الرغم من العادة الجارية يومياً في وسائل إعلامه، التي تنسب انتصارات ألوية العمالقة، وألوية حراس الجمهورية إلى الجيش الوطني الذي رسخ في أذهان المواطنين أنه جيش وطني.. جيش حزب الإصلاح. 
العمالقة (وهم سلفية) كانوا قد قرروا منذ البداية أن لا يحاربوا في أي جبهة تحت راية الإخوان المسلمين (أي حزب الإصلاح).. بات هذا القول صحيحاً كما في مثال شبوة التي ذهبوا إليها بعد سقوط راية الإخوان، فأمكنهم تحقيق نصر حاسم، واستعادوا مديريات بيحان الثلاث التي سيطرت عليها ميليشيا الجماعة الحوثية بسهولة في سبتمبر الماضي، لأن الإصلاح لم يشأ زج قواته في الحرب هناك.
حزب الإصلاح  يحرك قواته (الجيش الوطني)، في تعز كلما أدرك أنه قيد المراقبة الشعبية، ويقوم بعملية مناورة عسكرية قصيرة بعيداً عن الحوبان التي تسيطر عليها ميليشيا الجماعة الحوثية، ثم يعيد قواته إلى المعسكرات في مدينة تعز وما حولها، ليجأر الشكوى من حرمان الجنود والضباط من المرتبات، وعن نقص إمدادات التغذية، وعن افتقاره إلى الأسلحة والذخائر، ثم يعمل في مهمات أخرى مثل غلق مكاتب السلطة المحلية أو غزو الحجرية أو الاستعراض على أراضٍ مقابلة للمناطق التي تنتشر فيها ألوية حراس الجمهورية التابعة للمقاومة الوطنية.. على أن حزب الإصلاح ينظر باهتمام إلى تنامي القدرة العسكرية للمقاومة الوطنية التي يعتبرها خصيماً مبيناً، ليس لأنها مدعومة إماراتياً، حسب قولة وسائل إعلامه فحسب، بل أيضاً لأن قياداتها ترتبط بصلة قربى مع الريس السابق للجمهورية، أو النظام السابق.