د. عيدروس النقيب يكتب:
حضرموت ليست وحدها
تشخص الأبصار إلى مليونية الغد المقر إقامتها في مدينة سيؤون بوادي حضرموت دعماً للهبة الحضرمية الثانية، وتمسكاً بمطالب أبناء حضرموت والمكرسة لرحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى حتى تتفرغ لمواجهة المليشيات الانقلابية المهيمنة على أكثر من ٨٠% من مساحة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة).
وكنت في منشور سابق قد تقدمت بنصيحة إلى قيادة المنطقة العسكرية الأولى ومن يقودها من الرياض أو من صنعاء، اقترحت عليهم أن يخلوا المنطقة ويسلموا ملف حماية المنشآت النفطية لأبناء المحافظتين (حضرموت والمهرة) وسيتولون حراسة الموارد بعيداً عن ضجيج المواجهة الإعلامية مع أبناء حضرموت الذين دشنوا فعالياتهم السلمية منذ عدة أشهر للطالبة بحقوق يكفلها لهم القانون، والدستور اليمني الذي نتحفظ عليه.
وإذا ما صدقت التسريبات التي تتحدث عن بيان صادر عن قيادة المنطقة العسكرية تهدد فيه بالضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول إثارة “الفوضى والعنف والتخريب والدعوات المشبوهة” فإن هذا سيعني أن قيادة تلك القوات قد اختارت المواجهة المسلحة مع فعالية سلمية تطرح مطالب قانونية يكفلها الدستور، وتطالب بحقوق حُرِم منها أبناء حضرموت وكل الجنوب، على مدى ما يقارب ثلاثة عقود.
وبغض النظر عن صحة هذه التسريبات من عدمها، فإن على قيادة تلك القوات وكل أفرادها ومن يوجهها من الرياض أو من صنعاء(والأمر سيان) أن تعلم ما يلي:
* أن أبناء حضرموت لا يطالبون بمنحهم عائدات نفط مأرب أو جمارك وضرائب موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ولا بعائدات مبيعات العقيق اليماني من ذمار، بل يطالبون بثرواتهم التي هي حقٌ لهم وليس لأحد غيرهم حقٌ فيها.
* نعم إن أبناء حضرموت ميالون إلى الخيارات السلمية، ولكن إياكم أن تسيؤوا فهم هذا الأمر فتحسبوه مهابةً أو خوفاً من المواجهة مع من يتحدى إرادتهم، وإذا كنتم تجهلون هذه الحقيقة فارجعو إلى كتب التاريخ لتعلموا أن قدرات أبناء حضرموت القتالية قد تجاوزت حضرموت وكل الجنوب إلى بلدان في آسيا وأفريقيا حيث كونوا الجيوش وبنوا الحضارات ونشروا قيم الإسلام الحنيف وتعاليمه بين أبناء تلك القارات والبلدان.
* إن أبناء حضرموت، وفي هذه المعركة المصيرية لن يكونوا وحدهم، فمعهم كل الجنوب من أقصاه إلى أقصاه في السلم سلماً وفي الحرب حرباً، فحذارِ ثم حذارِ من التهور والطيش الذي سيكلف صاحبه الكثير والكثير، ويجعل كل من يفكر في الأقدام عليه هدفاً لكل جنوبي على كل أراضي الجنوب.
* لقد حاصر الجنوبيون لكم عدوكم (إن كان فعلاً ما يزال عدواً لكم)، وأخرجوه من كل الجنوب، وحصروه في مناطق الشمال وهزموه في الساحل الغربي وفي مديرية حريب وما جاورها في محافظة مأرب الشمالية، فإذا ما أردتم فعلاً إلحاق الهزيمة به واستعادة صنعاء من مخالبه فقد فتح لكم الجنوبيون الطريق لفعل هذا وما عليكم إلا السير في هذا الطريق، أما إذا كنتم مصممين على التمسك بمنهج وأسلوب الأعوام ١٩٩٤-٢٠١١م في التعامل مع الجنوبيين ومطالبهم المشروعة، فهذا يعني أنكم لم تتعلموا من التاريخ، بحيث لم تعودوا قادرين ان تميزوا بين نشوة انتصاركم الزائفة وبين زمن هزائمكم المتواصلة والمعروفة للجميع، واعلموا أن إصراركم هذا سيجعل خسارتكم مضاعفة، فستخسرون أرواح ودماء انتم في غنى عن خسرانها، وستضاعفون الكراهية التي لم تأتِ إلا معكم، وسترحلون خاسئين مهزومين بدلاً من الرحيل بقشرة شرف تحفظ لكم شيئا مما تدعون من الوطنية والهيبة.
” وَاللهُ يَعلَمُ وَأنتُمْ لا تَعلَمُونَ”