ماريا معلوف تكتب:
ميناء "الحديدة" باب إرهاب الحوثيين.. متى يتم إغلاقه؟
منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية، وصولا إلى ميناء الحديدة، تتفنّن مليشيا الحوثي في سرقة المساعدات الدولية وتنتهك الاتفاقات، بما فيها اتفاق ستوكهولم.
وذلك بالطبع لتتمكن المليشيا من تهريب الأسلحة الإيرانية عبر هذا الميناء، بدلاً من استخدامه في إغاثة ملايين من شعب اليمن، فيما تنصلت مليشيا الحوثي من اتفاق ستوكهولم وعطلت تنفيذ بنوده ونهبت المساعدات الإنسانية، وأعادت انتشار قواتها بالحديدة، واليوم تتخذ من الميناء مركزا لاستقبال الأسلحة وتفخيخ وإطلاق الزوارق وعمليات قرصنة السفن والتهديد المستمر للملاحة الدولية، وبالتالي فإن الوضع في "الحديدة" لا يمثل تهديداً لليمن أو دول جواره فحسب، بل تهديد للملاحة الدولية وللسلم والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي يتطلب موقفاً دولياً من قضية ميناء الحديدة واستغلال الحوثيين له.
كلنا يتذكر ما حدث خلال الثلاث سنوات الماضية من استمرار استهداف الانقلابيين الحوثيين لقوافل الإغاثة والحيلولة دون وصولها إلى المدنيين، ووقتها طالبت الحكومة اليمنية بتغيير مسار المواد الإغاثية عبر ميناء عدن بدلاً عن ميناء الحديدة، لضمان وصولها إلى المستحقين دون عراقيل، كما اقترحت الحكومة اليمنية تولي الأمم المتحدة مراقبة الميناء، وذلك لمواجهة تدفق السلاح للانقلابيين عبر ميناء الحديدة، وهم الذين يستهدفون إطالة أمد الحرب في اليمن.
لا أستعرض هنا مدى الخطورة، التي وصل إليها ميناء الحديدة على يد الانقلاب الحوثي، على التجارة العالمية، فنحن نسمع بين فترة وأخرى عن نداءات استغاثة من ناقلات نفط لتعرضها "للمضايقة المسلحة" قبالة ميناء الحديدة من مسلحي الحوثي، ناهيك باحتجازهم سفينة "روابي"، التي تحمل علم دولة الإمارات، قبالة الميناء، في عملية قرصنة بحرية.
كل تلك مؤشرات شديدة الخطورة على التنقل في المياه قبالة ميناء الحديدة بالبحر الأحمر، الذي يعد من أكثر الطرق الملاحية ازدحاما في العالم، وللأسف فإن الحوثيين يواصلون عمليات احتجاز السفن وعمليات القرصنة المتكررة.
فهل يجب على التحالف والأمم المتحدة السعي لإغلاق ميناء الحديدة ومقاطعته تجاريا والتحول إلى ميناء آخر؟
الإجابة بوضوح: نعم، خصوصا بعد ظهور الأدلة الدامغة على استخدام المليشيات الحوثية ميناء الحديدة لأغراض عسكرية، فإجرام مثل هذا يجعل من إغلاق الميناء أمرًا لا بد منه، ولا أفهم تقاعس الأمم المتحدة عن التحرك وقد ظهرت أمامها أدلة لا تقبل الشك عرضها التحالف مدعومة بالأرقام، متناسية أن القانون الدولي الإنساني يحدد في الفقرة رقم "1" من المادة 101 الخاصة بالقانون الدولي، وأيضًا المادة 15 من اتفاقية جينيف لأعالي البحار لعام 1958م، إضافة إلى المادة 3 من الفقرة "1 أ" من اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية لعام 1988م، وبروتوكولاتها الإضافية، الأركانَ الواجبَ تحققها لحدوث جريمة القرصنة بأنها "أي أعمال عنف أو احتجاز أو نهب غير قانوني بغية تحقيق منافع خاصة، بواسطة طاقم أو ركاب سفينة أو طائرة خاصة، وذلك في أعالي البحار"..
هذا كله متوافر في عمليات قرصنة الحوثي للسفن..
فلماذا تتأخر مناقشة تقرير المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، والذي أكد أنه يتم التحقيق في استخدام ميناء "الحديدة" لأغراض عسكرية من جانب الحوثيين، بعد أن قدمت قوات التحالف العربي أدلة تثبت استخدام مليشيات الحوثي ميناءي الحديدة والصليف لأغراض عسكرية، مدعومة بصور لمنطقة تجارب عسكرية حوثية قرب ميناء الصليف، حيث تقوم المليشيات بتجربة الزوارق المفخخة قرب الميناء، معتمدة على منظومة صواريخ "نور" الإيرانية لاستهداف السفن قبالة الحديدة..
فلماذا تصمت الأمم المتحدة؟ ولماذا لا تتحرك بقرارات حاسمة وتغلق مواني الحديدة والصليف وراس عيسى، التي باتت قواعد عسكرية تزعج الملاحة الدولية؟
نستطيع القول إن الشعب اليمني مع الجهود التي تُبذل لجعل ميناء عدن مركز تفتيش للواردات اليمنية، سواء الحاويات أو غيرها، وما يُحكى عن تدخل البنك الدولي في دعم هذا الموضوع، وعن تدخل كثير من المنظمات الدولية، سيساعد بشكل كبير في تخفيض التكاليف على المواطن اليمني، وتقليل آثار الأزمة الاقتصادية التي يعيشها اليمن، حسب تقارير البنك الدولي.
وخلال هذا العام سيتم في ميناء عدن تنصيب برنامج تشغيلي جديد يعتبر الأحدث في العالم هو "زوديك 7"، وهناك أكثر من ميناء رائد في العالم يستخدم هذا البرنامج، أيضا سيكون هناك تنصيب برنامج مالي وإداري متقدم في محطات الحاويات وفي ميناء عدن كخطوة متقدمة فيما يتعلق بالتحول الرقمي، بينما يتأكد من موضوع الدولار الجمركي أن قرارات مليشيا الحوثي بعد سيطرتها على ميناء الحديدة ليست لها أي صلة بالمصالح الاقتصادية للمواطنين في مناطق سيطرتها، وإنما تندرج ضمن حرب اقتصادية يخوضها الحوثيون الانقلابيون ضد الشعب اليمني واقتصاد البلاد.