محمد محمود بشار يكتب لـ(اليوم الثامن):

سقوط بوتين و نهوض ويليام والاس في كييف

ن اليوم الأول لبدء عملية اجتياح الأراضي الأوكرانية و حتى اليوم الرابع تغيرت الكثير من الأمور و الرؤى و المفاهيم السائدة. 

الحدث الأهم في هذه الحرب هو موقف الرئيس الأوكراني فيلودومير زيلينسكي الذي رفض الخروج من كييف على الرغم من وصول القوات الروسية إلى مشارف العاصمة الأوكرانية.  

بقي زيلينسكي في عاصمة بلاده و نزل إلى خنادق القتال رافضاً العروض التي جاءته من بعض الدول لاستقباله مع عائلته كلاجئ سياسي، و قرر أن يترأس المقاومة ضد التدخل الروسي كما كان يترأس البلاد في الفترة التي سبقت العدوان العسكري. 

 

- الخوذة العسكرية و ربطة العنق أمام مقصلة التاريخ 

 

قد تنجح روسيا في عمليتها العسكرية بالسيطرة على أوكرانيا و تنصيب رئيس و حكومة جديدة للبلاد وهذا طبعاً بعد أن يتم استنزاف الجيش الروسي و إنهاك الاقتصاد، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سقط أمام الرئيس الأوكراني فيلودومير زيلينسكي في معركة الإرادة و القيم النبيلة. 

بوتين الذي سعى دائماً لإظهار نفسه كأقوى الشخصيات في العالم و كان حريصاً جداً على تلميع صورته الشخصية في كل المناسبات و الاجتماعات و المؤتمرات المحلية و الدولية، وضع عنقه تحت رحمة مقصلة التاريخ التي ستحكم عليه بأنه أرسل الآلاف من جنود بلاده إلى الهلاك على أرض غيره و هو جالس في قصره واضعاً ربطة عنقه بكل أناقة. بينما زيلينسكي غادر مكتبه الرئاسي معتمراً الخوذة و الدرع العسكري ليقود جيش بلاده من داخل خنادق القتال. 

الأمر الذي أدى بالكثير و من بينهم مواطنون روس معارضون للعملية العسكرية، إلى إطلاق لقب (ويليام والاس) على الرئيس الأوكراني. 

 والاس الذي يمثل رمزاً لأبطال و أحرار أوروبا التاريخيين. 

زيلينسكي الذي جاء من عالم السينما و التمثيل و دخل عالم السياسة، أدرك بأن الواقع له خصوصية مختلفة تماماً عن التمثيل، و لكن بوتين الذي جاء من عالم المخابرات و دخل عالم السياسة مازال مصراً على أنه يجب أن يلعب دور البطولة حتى و إن خسر شعبه و جيشه و مرت مدرعاته فوق أجساد الآلاف من الأبرياء. 

 

 

- بداية حرب استنزاف طويلة الأمد  

 

هذه الحرب التي بدأت فعلياً في الرابع و العشرين من شهر شباط الجاري أي في عامنا الحالي 2022 يبدو أنها ستستمر لفترة طويلة، و ستكون حرب استنزاف لكل من روسيا و أوكرانيا و كل الدول الأوروبية التي ستضطر إلى تقديم الدعم لمقاومة زيلينسكي. 

 و قد تم نشر الأخبار المتعلقة بهذه الحرب مع هاشتاغ يحمل اسم الحرب العالمية الثالثة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في كافة أنحاء العالم. 

 

 

- رقعة جديدة لعقد الصفقات  

 

في كل الدول الضعيفة و الممزقة التي تتشابك فيها مصالح الدول القوية و المتماسكة و المتصارعة فيما بينها، يتم عقد صفقات بين القوى المهيمنة و على حساب شعوب الدول الضعيفة. 

 على سبيل المثال قد تكون سوريا و ليبيا من بين تلك الدول التي سيتم فيها عقد صفقات غير نظيفة بين الروس و الأتراك على خلفية الحرب الأوكرانية و تطبيق استراتيجية (واحدة بواحدة) أي التنازل عن منطقة معينة لصالح الطرف الآخر للحصول على امتياز أو السيطرة على منطقة في بلاد أخرى. 

 

 

- إعادة تدوير المفاهيم 

 

في هذه الحرب، الدول التي تتبنى أو التي هي معروفة بتبني الفكر اليساري و الشيوعي هي التي بدأت بالعدوان، و بالمقابل الدول و الحركات التي كانت تتبنى الفكر اليميني و القومي المتطرف هي التي تقاوم و تدافع عن أرضها و شعبها. 

و بالمختصر المفيد هذه الحرب هي حرب السقطات المدوية و المنتصر فيها هو من يقف بعيداً و يخطط لما هو أبعد من هذه الحقبة، وفي اليوم الأول من هذه الحرب قال سيد البيت البيض في واشنطن إن للدفاع عن الحرية ثمن باهظ. 

 

*كاتب سوري