سهى الجندي تكتب:
ما مشكلة قناة الجزيرة مع روسيا؟
تتابع قناة الجزيرة تطورات الحرب في اوكرانيا لحظة بلحظة مع فريق من المراسلين المنتشرين في ساحة المعركة بين القصف والتفجير والهدم والردم والذين يصرون على ان روسيا لا تحرز تقدما والمقاومة شرسة وقد اضعفت "العدو" وبلغ عدد قتلى الجيش الروسي 5000 مع أن جميع القنوات قدرت العدد بـ 500 قتيل، وقد اتخذ النهج التحريري للقناة موقفا منحازا بلا مواربة او تستر او خجل بدعوى ان روسيا هي المعتدية، ناسية انها لو لم تفعل ذلك لأصبح الناتو على ابوابها ويتأهب للانقضاض عليها. ولكن يبدو ان هناك حقدا على موقف قديم لروسيا اتجاه قطر.
نسيت الجزيرة ان بطء التقدم الروسي ناجم عن عدم استخدامها لأسلوب "الصدمة والترويع" الذي استخدمه بوش الابن في غزوه للعراق والذي بفضله حسم المعركة في بضعة أيام غير آبه بالمدنيين وبيوتهم وملاجئهم ومستشفياتهم ومدارسهم، وهو الأمر الذي لم يستخدمه الروس ولا يوجد مدنيون أصلا في ساحة المعركة، فقد استقبلتهم الدول المجاورة قبل اشتداد القصف، ومع ذلك فالجيش الروسي يتصرف باحترافية ويضرب أهدافا محددة ولا يتبع أسلوب الأرض المحروقة.
ربما تكون الجزيرة هي القناة العربية الوحيدة المتماهية مع أوكرانيا وتشيد بصمودها، وفي الواقع أن الكل يأسف على أوكرانيا لأنها ضحية لخطة أميركية شيطانية، فقد زج بها في مواجهة غير متكافئة، ومهما صمدت سوف تهزم. ولكن الخوف هو من متابعة الخطة الأميركية بعد سقوط العاصمة كييف، وجلب المقاتلين من كل حدب وصوب ليخوضوا حرب شوارع مع الجيش الروسي، وهو التحدي الحقيقي أمام روسيا. أما ما عدا ذلك، فهو لا يعني شيئا، فالعقوبات لا تكسرها فهي بحجم قارة ولها حلفاء من دول ضخمة تغنيها عن أوروبا وأميركا. أما حرب العصابات فهي صعبة على كل الدول وقد أخرجت أميركا من العراق في وقت وجيز، والخطة الغربية هي تكرار لما نفذته في دول الربيع العربي، وما نراه اليوم هو بداية المواجهة بين روسيا والغرب والمعركة الحقيقية هي حرب الشوارع وقد بدأ المقاتلون الأجانب بالتدفق الى أوكرانيا استعدادا لها، ولن يتوقف التدفق لسنوات قادمة، وسوف يستنزف روسيا إذا لم يكن لديها خطة وجاهزية لإحباط الخطة الأميركية.
لا يجمع الجزيرة مع أوكرانيا أية عوامل مشتركة، وقد أظهرت عنصرية مقيتة واستدرت عطف العالم باستحضار الهولوكوست وتقمص دور الضحية مع العلم أن الدولة مسيحية والرئيس فقط يهودي وهو يمثل نفسه ولا يمثل أوكرانيا، ولكنه دعا جميع يهود العالم للدفاع عن أوكرانيا بحجة أن هذه الحرب هي هولوكوست جديدة، مع العلم أنه ليس لليهود علاقة بها وكل ما في الأمر أن رئيس أوكرانيا يريد الانضمام الى الناتو مهما كان الثمن، مهددا أمن روسيا ومخالفا للاتفاقيات المبرمة سابقا. ومع ذلك، تنظر الجزيرة الى أوكرانيا على أنها مظلومة وفي حالة دفاع عن النفس أما العدوان الروسي.
تراوح عدد المشاهدين ما بين 40 الى 100 الف بينما لم يكن هناك مشاهدون كثر للقنوات الأخرى، وهذا مؤشر سيء وقد يضر بالجزيرة على المدى القريب حين يكتشف هؤلاء المشاهدون أن المعلومات التي تبثها القناة مغلوطة وحين تظهر الى السطح مواقف عنصرية أخرى لأوكرانيا وتخسر المتعاطفين معها، فتخسر القناة مصداقيتها ومتابعيها.