سهى الجندي تكتب:
لروحك السلام يا شيرين
طوبى لمن غادر الحياة وقد أعطاها أكثر مما أخذ منها، وشيرين أبو عاقلة أعطت لفلسطين حياتها وناضلت من أجلها وأعطت مهنة الصحافة شرفا رفيعا وأعطت المرأة نموذجا مشرقا ورفعت شعار العدل ومحاربة الظلم كقيم عليا في الحياة ثم غادرت شهيدة فكانت نموذج الحياة المثمرة والموت المشرف. فنعم الحياة ونعم الممات.
شيرين رمز للنضال وقد ارتقت ولحقت بمن سبقها من رموز النضال والاستشهاد في سبيل الوطن، وكلهم أوسمة على صدور الفلسطينيين، رجالا ونساء وأطفالا، لا فرق بينهم، فكلهم ثمار أمهاتهم اللواتي تعبن حتى أثمر غرسهن ثم أعطينه للوطن بحب ونكران للذات، فالوطن بالنسبة لهن أهم من أبنائهن وقرة أعينهن، لك الله أيتها الأم الفلسطينية، مباركة في الأرض وفي السماء.
ليس اغتيال شيرين اغتيالا لشخص بقدر ما هو محاولة لاغتيال الحقيقة لأنها توجع إسرائيل وكانت شيرين مصرة على إظهارها للعالم وإيلام اسرائيل، لذا لم تجد اسرائيل طريقة لإخفاء الحقيقة سوى اغتيال شيرين التي كانت تقتحم ساحة الخطر لترى بعينها وتروي ما تشاهده وهذا يخيف اسرائيل فاختارت الخلاص من شيرين، وغاب عنها أن هناك ألف شيرين يشاهدون ويوثقون بالصوت والكتابة والكاميرا ولن تنجو من عواقب ما تفعله من جرائم يومية من قتل وسرقة ومصادرة وهدم وتخريب.
لقد جاء استشهاد شيرين فرصة للتعبير عما يشعر به الفلسطينيون جميعا من فخر واعتزاز بنموذج رفيع للمرأة الفلسطينية التي جسدت النضال والمستوى المهني الراقي والثقافة العميقة بالسياسة والقانون والتاريخ والأداء المبهر لإعلامية تؤدي عملها بعاطفة جياشة واندماج في الأحداث بحيث أصبحت جزءا منها، ولا عجب، فهي فلسطينية تحكي عن فلسطين في قلب فلسطين، وحين استشهدت، تناقلت وسائل الإعلام خبر استشهادها بجميع لغات العالم، وما هي بطلابة شهرة وتألق إعلامي، ولكن استشهادها أظهر مكانتها بشكل عفوي ومندفع في شتى أنحاء العالم.