د. عيدروس النقيب يكتب:
خواطر على هامش الحربين في اليمن وأوكراينا
ما سنتوقف أمامه في الحلقات التالية، ليس مقارنة بين الحربين في اليمن وأوكرانيا، لا من حيث الأسباب والخلفيات ولا من حيث المسارات والوتائر ولا من حيث التأثيرات والنتائج ، ببساطة لأنه لا يمكن المقارنة بين تلك الجوانب حيث لا يجمع بين الحربين سوى عنصرٍ واحدٍ هو أن كل منهما حرب، أما ما عدا ذلك فالحربان تختلفان في كل شيء وهذا ما سنحاول تبيانه من خلال مجموعة الخواطر التالية,
2
منذ بداية الأزمة حول أوكراينا حرص الإعلام الغربي ومن ورائه معاهد الدراسات وأجهزة المخابرات ومراكز صنع السياسات وكل حكومات حلف شماي الاطلسي (NATO) وقادة دوله على حصر المسألة وكأنها مجرد اعتداء روسي على أوكراينا دون التعرض للخلفيات والتعقيدات والأسباب التي أوصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليها.
فكل هذا الإعلام لا يتحدث عن تمدد الأطلسي شرقاً وانتشاره في أكثر من عشر دول كانت ذات يوم أعضاء في حلف وارسو المضاد للاطلسي، ولا عن التهديد الذي يشكله هذا التمدد لروسيا وأمنها وسيادتها على أراضيها، ولا عن اتفاقية مينيسك التي تتضمن شروطاً ملزمة على طرفيها (روسيا وأوكراينا) منها شرط بقاء أوكراينا على موقف الحياد من الصراع الاطلسي-الروسي وعدم التورط في أي تحالفات تهدد المصالح الروسية.
ولذلك لا نستغرب عن هذه الصورة الأحادية التي تصبغ الرأي العام الغربي التي تقوم على شيطنة روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين ومحاولة تصويره على إنه هتلر الجديد ودعوة بعض النواب والساسة الغربيين إلى التطوع لقتله.
3
لست ميالا إلى تأييد أي طرف من الأطراف المتحاربة في أية حرب لأن الحرب وحدها وبال على المشتركين فيها وعلى الشعوب التي تخاض على أرضها وبأبنائها، وأحيانا تصنع وبالاً إضافياً لبلدان لا علاقة لها بالحرب، لكن الكثير من الحالات تجعل الحرب خياراً إجباريا لا مناص منه وبديلا أقل كلفة من عدم الحرب وهذا الموضوع لن نتوقف عنه الآن.
كما إنني لست معجبا بالرئيس الأوكرايني فلاديمير زيلينسكي لأنه مجرد صنيعة غربية صنعتها مخابرات السي آي أيه والموساد وقد قبل على بلاده أن تكون ساحة حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في نهجه التوسعي باتجاه محاصرة روسيا وإجبارها على التخلي عن مساعيها لاستعادة عافيتها الاقتصادية والسياسية واسترجاع دورها الريادي على الصعيد العالمي.
السؤال هو ما سر الصمود العجيب الذي أبداه الجيش والشعب الأوكراينيين في مواجهة واحد من أقوى الجيوش على مستوى العالم؟
ولماذا انهزمت شرعية الجمهورية اليمنية بجيوشها وفرقها المدرعة وأجهزة أمنها المتعددة الأسماء والوظائف أمام جماعة من المقاتلين البدائيين الذي لا يملكون من خبرة إدارة الدول وقيادة الجيوش سوى إطلاق النار وتدمير المنشآت وزراعة الألغام؟
ذلك ما سنتناوله في الوقفات القادمة.