ماريا معلوف تكتب:
ما الحل أمام "بايدن" مع ارتفاع أسعار النفط؟
كان هذا الأسبوع حافلا في واشنطن بالحديث والمناقشات التي لا تنتهي حول أسعار الطاقة وما ستحمله الأيام والساعات المقبلة من حروب اقتصادية في هذا الشأن.
وكان بالطبع لافتا أن انتهى ذلك على وقع قرار الرئيس "بايدن" بحظر الصادرات النفطية من روسيا، وكان أهم ما تردد على ألسنة بعض الصحافيين ما نُقل عبر مصادر متعددة عن السكرتيرة الصحفية لـ"البيت الأبيض"، جين بساكي، والتي امتنعت عن تأكيده أو نفيه، وهو الكلام المتداول عن أن "الرئيس بايدن سيسافر إلى المملكة العربية السعودية لإجراء مناقشات مع قيادتها حول نيات أمريكا لشراء النفط السعودي"، حيث قالت "بساكي" إنها تعتقد "أن أعضاء من إدارة بايدن زاروا السعودية في فبراير الماضي لمناقشة مجموعة من القضايا، بما في ذلك الحرب في اليمن، وبما في ذلك الأمن في المنطقة".. وبالتأكيد أيضا "أمن الطاقة"، حيث قالت ما نصه: "أجروا المناقشة من مصلحة الجميع لتقليل التأثير على سوق النفط العالمية".
هذه التصريحات اللافتة أضيف إليها تصريح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في العديد من البرامج الحوارية يوم الأحد الماضي بأن "الغرب يرحب باقتراح وقف استيراد النفط من روسيا"، حيث قال "بلينكن": "نجري حالي مناقشات نشطة للغاية مع شركائنا الأوروبيين حول حظر استيراد النفط الروسي إلى بلداننا، بينما نحافظ بالطبع في الوقت نفسه على إمدادات عالمية ثابتة من النفط".
هذا ما قاله "بلينكن" صراحة خلال ظهوره على قناة "إن بي سي"، فقد قدمت روسيا ما يقرب من 41٪ من الغاز الطبيعي الذي استوردته الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه يتأذى المواطن الأمريكي العادي بشدة من ارتفاع أسعار النفط نتيجة النزاع الروسي الأوكراني الدائر حاليا، واليوم بات سعر جالون الكيروسين يتراوح بين 4 و5 دولارات أمريكية، وهو الأعلى منذ 14 عامًا.
بخبرتها المميزة في السياسة الإعلامية والتصريحات المثيرة، لم تعط السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض أي إشارة واضحة عما إذا كان الرئيس "بايدن" سيسافر قريبًا إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما حملته عبارتها التي قالت فيها: "كان هناك نقاش أجراه أعضاء الإدارة على مدار الأيام العديدة الماضية، لذلك في هذه المرحلة الزمنية ليس لدي أي شيء أتوقعه".
في رأيي فإن الأهم من ذلك هو السياسة الحكيمة للمملكة العربية السعودية، التي تراقب بعناية ما تخطط له إدارة "بايدن"، رغم المواقف التي اتخذتها إدارة "بايدن" تجاه المملكة، إذ قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خلال مقابلة أجريت معه مؤخرًا في مجلة The Atlantic Monthly إن رسالته إلى أمريكا هي: "ليس لدينا الحق في إلقاء محاضرات عليكم في أمريكا، ويذهب الأمر نفسه في الاتجاه الآخر، ليس لديك الحق في التدخل في قضايانا الداخلية".
في الواقع، فإن الارتباك وعدم اليقين من جانب إدارة "بايدن" بشأن عدم شراء النفط، الذي تحتاج إليه الولايات المتحدة من السعودية، للتغطية على الخسائر الناجمة عن الحظر المفروض على واردات النفط الروسي، يكشف افتقار إدارة "بايدن" إلى فهم آلية عمل السوق العالمية للنفط والغاز، حيث تعتبر المملكة العربية السعودية أهم من يُسهم في ديناميكيات سوق النفط، وهي تعمل جاهدة على استقرار أسعار النفط كما تسعى كذلك لتجنب صدمات السوق لقوى العرض والطلب، وباختصار فإن سياسة المملكة تتمثل في تمكين كل دولة من دول العالم من شراء النفط بأسعار معقولة.
الخلاصة، يجب أن يفكر الرئيس "بايدن" أولاً في الكيفية التي ستؤدي بها زيادة أسعار النفط إلى زيادة أسعار العديد من السلع.. ومع ذلك فهو لا يستطيع تقليل الطلب.. وعندما بدأ النزاع الروسي-الأوكراني، بدأت "أوبك" زيادة طفيفة كانت مقررة قبل النزاع قدرها 400 ألف برميل يوميًا.. وهذا هو السبب في أن إدارة "بايدن" ستستغرق وقتًا طويلاً لتعويض خسارتها النفط الروسي، ومعظم الساسة هنا يدعون إلى التوقف عن التفكير في الحصول على نفط إيران وفنزويلا، وبالتالي فلا بد للرئيس "بايدن" من الدخول في نقاش مع المملكة العربية السعودية حول كيفية إجراء زيادات تدريجية في الإنتاج، ما يعني أن السعودية قادرة على إدارة استقرار سوق النفط العالمية.