د. عيدروس النقيب يكتب:
همس اليراع خواطر على هامش الحرب في اليمن وأوكراينا
تلك هي حماقة القادة الأوروبيين!
هذا ليس كلامي، إنه حديث السيدة إنجي عاملة محطة البترول التي غالبا ما أعبئ منها وقود سيارتي،
منذ أكثر من سنة لم أعد أعبئ ملء خزان السياة، (أو فُل كما يقولون) بل أعبئ بالعشرة أو العشرين جنيه وأمضي دون أن أركز على كم سعر اللتر أو الجالون،. . . اليوم فقط قررت أن أملأ خزان السيارة، فكانت النتيجة 77 جنيه وبغض البنسات، وتعجبت عندما ذهبت لتسديد الثمن، قالت لي السيد إنجي:
لا تتعجب إن هذا نتيجة الذكاء الخارق لحكامنا في كل الدول الأوروبية! إنهم قرروا معاقبة روسيا لكنهم لم ينتبهوا أنهم يعاقبوننا نحن، فنحن من ندفع كلفة هذه القرارات الحمقاء. .
وافقتها الكلام دون أن أعلق كثيراً لكنني قلت لها إنني كنت أعبئ الخزان بسبعة وأربعين جنيه، فقالت: لا أستطيع أن أفهم لماذا علينا السير وراء السيد بايدن رئيس الولايات المتحدة الذي له هو مشكلة مع روسيا أو مع الرئيس الروسي، ولماذا ننقاد نحن الذين كنا نقود العالم من رجلٍ قد أخذ منه الزهايمر نصف عقله.
لم أرغب في الخوض معها في نقاش فقد كنت مستعجلاً لأخذ الأولاد من المدرسة، لكنني رحت أقيس قولها على عديد من الأمور.
في بريطانيا ارتفعت أسعار فواتير الوقود والكهرباء والتدفئة والهاتف والمواد الغذائية والملابس وكل متطلبات الحياة، فوق الارتفاعات التي خلقتها جائحة كورونا، وقد أحسست أن حديث عاملة محطة البترول ليس حديثاً فردياً بل إنه تعبيرٌ عن تململ شعبي عام قد لا يبقى صامتاً لفترة طويلة، أنا متى سيتحول إلى حالة سخط معلنة فذلك ما يتوقف على سير الأحداث على الساحة الأوكراينية.
19
في بلادنا الشرعية تحارب الحوثي بشدة لكنها تحاربه بالبيانات ومنشورات فيس بوك وتغريدات المسؤولين على تويتر، أما الحرب الحقيقية فهي تشنها على الجنوب والجنوبيين، ففضلاً عن حرب المواجهة المسلحة التي ما تزال معسكرات الشرعية (وخاطفيها) تستعد لها في شبوة ووادي وصحراء حضرموت والمهرة وبعض مديريات أبين، وهي حرب قد تندلع في أي لحظة بفعل الدلال المبالغ فيه الذي يلاقية خاطفو الشرعية من الأشقاء رعاة اتفاق الرياض، فضلاً عن ذلك تمهد الشرعية لهذه الحرب بحرب التجويع والتركيع من خلال العبث بموارد عدن ومحافظات الجنوب وتحويلها إلى دولارات لتصرفها على المسؤولين الهاربين، ومن خلال تجييش مئات آلاف وربما ملايين النازحين (المسلحين) الذين يقضون كل أيام السنة بين محافظات الجنوب، لكنهم يعودون لقضاء إجازات الأعياد والعطل الصيفية في مناطقهم، وبهذين العنصرين تربك الشرعية (وخاطفوها) الحياة المدنية والاجتماعية في عدن ومحافظات الجنوب، ثم تتهم المجلس الانتقالي بأنه فشل في إدارة الدولة، وكأن الدولة عبارة عن بقالة يسلمها صاحبها لصاحبه ثم يتهمه بإفلاسها وتقفز على خقيقة أنها مسؤولة قانونيا وأخلاقيا عن معاناة الناس وأنها ببساجة هي من يسيطر على كل فلس يجري تحصيله على أرض الجنوب.
20
فضيحة الأسلحة الجرثومبة الأمريكية في أوكراينا التي كشفت عنها المخابرات الروسية تمثل قنبلة إضافية في الحرب الدائرة هناك، والحديث عنها لم يعد مقتصرا على المصادر الروسية بل لقد اعترف بالأمر خبراء ورجال إعلام أمريكيون وأوكراينييون، لكن ما يجري الآن في المطابخ السياسية والمخابراتية الأمريكية هو البحث عن مرقعة مناسبة لتبرير هذا الأمر إما بالقول أنها مختبرات بيولوجية أوكراينية قديمة أو أن الآمريكان لا علاقة لهم بالأمر، وهي محاولات أشبه بتبريرات الطالب الفاشل في الاختبار من خلال البحث عن مسؤول آخر عن فشله.
21
خطر الحرب البيولوجية لم يعد يقتصر على روسيا الاتحادية لأن الطريقة التي اتبعتها المخابرات الأمريكية وربيبتها الأوكراينية تقوم على إطلاق الطيور حاملة الفايروسات أو المايكروبات لتنطلق بها حيثما شاءت، وبالتالي فإن الخطر اليوم يهدد كل أوروبا والشرقية منها على وجه الخصوص، ما يعني أن المعادلة السياسية ستتغير وستتغير معها الخارطة السياسية الأوروبية، وربما تحول حلف شمال الأطلسي (NATO) إلى مجرد هيئة لفض النزاعات بين أعضائه.
22
المكون الجنوبي الجديد الذي أعلن عنه في القاهرة مرة أخرى برئاسة الزميل الوزير المحامي علي هيثم الغريب ما يزال في طور الولادة.
ومع إنني لا أتفق مع المتحاملين على الزميل الغريب من نشطاء التواصل الاجتماعي، وما يوجهونه له من الاتهامات فإنني سأشير سريعا إلى الملاحظات المقتضبة التالية بخصوص هذا المكون وقد أتوقف عنده في منشور لاحق:
1. ما الفرق بين هذا المجلس وبقية المكونات الأخرى كمجلسي الحراك الثوري (با عوم وفؤاد راشد) ومجلس صلاح الشنفرة ومجلس طارق الفضلي وبقية المكونات التي تسمي نفسها جنوبية؟
2. لست مع من يقول أن البيان السياسي للمجلس صاغه فرد واحد، لكن السؤال لماذا بخل أصحاب البيان علينا بإعلان أسماء المتفقين على تأسيس هذا المجلس وعلى تكليف الوميل الغريب بهذه المهمة الجليلة؟
3. نعم لقد تضمن البيان حديثا عن تقرير المصير وبناء الدولة المدنية، لكنني وبعد قراءة البيان لأكثر من مرة، لم أحد أي حديث عن حرب 1994م الكارثية وتدميرها للدولة الجنوبية وما ترتب على كل هذا من جرائم، وجرى التركيز أكثر من مرة على المليشيات الحوثية، وكأن المجلس يأتي لمناهضة الحوثيين فقط ويستثني أساطين 1994م وجرائمهم في حق الجنوب والجنوبيين، مع إنها (أي المليشات) لم تقم بانقلابها إلا بعد ثمان سنوات من انطلاق الحراك السلمي الجنوبي.
4. يقول البعض أن المجلس هو إعادة إحياء لمجلس العسكرية في العام 2008م لكن الجميع يعلم أن كل قيادات ذلك المجلس قد تفرقت بها السبل بين من توفاه الله ومن ذهب في حال سبيله أو اختار شكلا غير هذا المجلس، أو ذهب للعمل مع الشرعية ولم يبق من أولائك المؤسسين إلا أقل من أصابع اليد الواحدة.
وللحديث بقية