د. صلاح الصافي يكتب لـ(اليوم الثامن):
القصف الإيراني والسيادة العراقية
أعلنت السلطات في إقليم كردستان "سقوط 12 صاروخاً باليستياً بعيد المدى في مدينة أربيل بعد منتصف ليلة السبت 12 مارس (آذار). وقد أُطلقت من جهة الشرق خارج الحدود العراقية (في إشارة إلى إيران)، مستهدفة القنصلية الأميركية ومناطق سكنية وقناة فضائية"، وأكدت أن "الصواريخ سقطت في محيط القنصلية (على بعد أكثر من كيلومترين) من دون وقوع خسائر بشرية سوى إصابة مدنيين بجروح طفيفة، فضلاً عن إلحاق أضرار مادية في مبان ومنازل مدنية"، نافية "وجود أي مواقع إسرائيلية في كردستان".
وتبنى الحرس الثوري الإيراني الهجوم رسمياً، وقال في بيان إنه "أمطر بصواريخ قوية ودقيقة المركز الاستراتيجي للمؤامرات الصهيونية في أربيل"، وحذر ما وصفه بـ "الكيان الصهيوني" من أن "تكرار أفعاله الشريرة سيقابل برد حازم ومدمر".
جاءت الضربة بعد أن هدد متحدثاً باسم وزارة الخارجية الإيرانية بـ"الانتقام من إسرائيل" على قتلها ضابطين إيرانيين في سوريا"، وذلك في قصف إسرائيلي قرب العاصمة دمشق الأسبوع الماضي.
السؤال المهم هل فعلاً أن الضربة الايرانية جاءت انتقاماً لمقتل ضابطين ايرانيين في سوريا؟، وهل هناك صلة بين الضربة وتوقف مفاوضات فيينا؟، وهل فعلاً أن الموقع تابع للموساد الاسرائيلي؟؟.
منذ أكثر من سنتين واسرائيل تضرب وتبطش وتفتك بمقرات التواجد العسكري الايراني في سوريا، وايران لم ترد وتكتفي في الصمت أو تكلف نظام الأسد بإطلاق الاسطوانة المتكررة سنرد في الوقت المناسب وينتهي الموضوع وكأن شيئاً لم يكن، ولكن في هذه المرة ادعت ايران بعد الضربات التي وجهتها إلى اربيل بأنها قصفت مقرات للموساد الاسرائيلي كرد على مقتل ضابطين في دمشق تابعين للحرس الثوري الايراني.
اعتقد هناك صلة وثيقة بين هذه الضربة وبين توقف مفاوضات فيينا، لهذا فبركت هذه العملية بضرب ما يسمى مواقع اسرائيلية في اربيل، بينما سبب التوقف الحقيقي للمباحثات يعزى اولاً إلى الشروط التعجيزية التي اضافتها موسكو على الاتفاق، وثانياً صدور بيان غامض قبل يومين من واشنطن أعلنت فيه توقف المفاوضات في فيينا .. مما جعل ايران التي كانت تأمل فك القيود عن المليارات من الدولارات بالإضافة الى رفع العقوبات عن النفط الايراني وبسبب غير واضح من قبل واشنطن وروسيا تم قلب الطاولة في الوقت الضائع أو في اللمسات الأخيرة من الاتفاق الذي اثار ذلك غضب ايران التي تخشى المواجهة المباشرة فاتجهت نحو العراق الحلقة الأضعف لتبعث من خلاله رسائل الغضب أي ان ايران استخدمت العراق مكان لتصفية الحسابات لأن ايران لا تعتبر العراق دولة ذات سيادة بل كما قال أحد مسؤوليها أن العراق محافظة ايرانية.
وهذا ما أكده أحد المسؤولين الإيرانيين، حيث ربط أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ضمناً بين الجهود الدبلوماسية في مفاوضات فيينا الهادفة لإحياء الاتفاق النووي، وتبني (الحرس الثوري) الهجوم على أربيل ضد ما سمّتها طهران (مقرات إسرائيلية.(
وأشار شمخاني إلى استخدام (الميدان والدبلوماسية) معاً للدفاع عن (المصالح والأمن القومي بصورة ذكية)، مضيفاً أن (الاعتماد على الشرق والغرب لن يوفر حقوق وأمن الشعب الإيراني)، واستخدم وسم (مفاوضات – فيينا) ومعاقبة (الكيان – الصهيوني).
أما بالنسبة للموقع تابع للموساد أم أحد قصور المواطنين؟، أعتقد أن من غير المنطق بالنسبة لأجهزة المخابرات أن تتخذ موقعاً بارزاً على مرتفع لتدير عملياتها التجسسية، وتأكيدي هذا لا يتعارض مع قناعاتي التامة بنفوذ جهاز الموساد بقوة في اقليم كردستان وكثير من المناطق العراقية الأخرى بما فيها بغداد.
لا ألقي اللوم على ايران ولا على اسرائيل على استباحة السيادة العراقية، إنما اللوم كل اللوم على سياسينا وأحزابنا الذين اوصلوا حال العراق، فمن أضعف العراق ليس ايران أو اسرائيل، بل أنتم من أضعف العراق من خلال نهبه وسرقته وتنفيذكم لأجندات اسيادكم من اتراك وإيرانيين وإسرائيليين وغيرهم، وإذا كنا كشعب نريد سيادة للعراق علينا ازاحتكم جميعاً، لنستعيد العراق من براثنكم وبعدها تقطع يد كل من تسول له نفسه الاعتداء على العراق.