ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية مسلحة تختطف دولةً وشعباً، ولا تعترف بالقوانين الدولية ولا تخضع لها ولا تخشى أي نوعٍ من العقوبات الدولية لشعورها بأن دولاً كبرى في العالم ومنظماتٍ دوليةٍ لا تريد اتخاذ أي مواقف رادعةٍ تجاهها، وهو شعور صحيح وأسبابه معروفة.
الهجمات على السعودية نهاية الأسبوع استهدفت أعياناً مدينةً للنفط والكهرباء والمياه، وهي استهدفت شركة أرامكو السعودية في مدينة بقيق ومطار أبوظبي سابقاً، وهذه جميعاً مواقع ذات حماية خاصة لا يجوز استهدافها عسكرياً إلا لمن أمن العقوبات الدولية. التحالف العربي تقوده السعودية والإمارات، لإنقاذ الدولة اليمنية والشعب اليمني منذ سنواتٍ، وهاتان الدولتان شكلتا تحالفاً منقذاً في العالم العربي منذ أكثر من عشر سنواتٍ، ولا زالتا تقودان سياسات إقليمية ودولية فاعلة ومؤثرةٍ حاضراً ومستقبلاً، والمواقف السياسية تجاه الأزمات الدولية الكبرى تكاد تتطابق في الوعي والرؤية والغاية، وذهبت موجات التشكيك المدعومة إقليمياً ودولياً بين الدولتين أدراج الرياح.
استنكرت العديد من الدول في المنطقة والعالم استهداف الحوثي الأخير للسعودية، وكان طبيعياً أن يأتي الاستنكار الأقوى من دولة الإمارات وقد كتب الدكتور أنور قرقاش أنها "استمرار لنهج هذه الميليشيات الذي يرفض إنهاء الحرب ويسعى إلى تقويض مبادرات وقف إطلاق النار والحوار، الاستهداف المستمر للمدنيين في اليمن وجواره عمل إرهابي يكشف الوجه الحقيقي للحوثيين أمام المنطقة والمجتمع الدولي".
وأضاف "تقف دولة الإمارات مع السعودية الشقيقة في السراء والضراء، وعبارة مصيرنا واحد التي تجمعنا صهرته التحديات المشتركة ليصبح حقيقة واقعة أكبر". مشكلة القوى اليمنية في "المشاورات الخليجية" التي ستجتمع في الرياض 29 مارس أنها مشتتة وقليلة الفعالية على الرغم من الدعم اللامحدود الذي تحظى به، ومسؤولية هذه القوى أمام الشعب اليمني وأمام التاريخ لتوحيد الصفّ واستعادة الدولة وتحجيم الميليشيات، والنقد الموجه لهذه القوى من داخل اليمن وخارجه كبير ومحقٌ في كثير منه.
المنظمات الدولية بشتى تخصصاتها وأحجامها لا توفّر الحماية لدول التحالف العربي من هجمات الحوثي، ولكنها تبادر مسرعةً وعلى الدوام لحماية الحوثي من هجمات التحالف العربي، وهي محط النقد الأكبر في تدمير الدولة اليمنية والامتناع عن حماية الشعب اليمني من جرائم الحرب التي ترتكب ضده من هذه الميليشيات، ورصد المواقف والتصريحات تجاه الاعتداءات الأخيرة كفيلة بإيضاح الصورة.
الحوثي لا يفهم إلا لغة القوة، وحين أعلن التحالف العربي أنه سيستهدف المواقع ذات الحماية الخاصة وطالب الحوثيين "بإخراج الأسلحة من المناطق المحمية وأولها مطار صنعاء، مشيرا إلى أن استخدام المناطق المحمية عسكريا يسقط عنها الحماية"، لم تتأخر ردة فعل الحوثي بحيث شعر لأول مرةٍ بأن المناطق التي كان يستخدمها لكل جرائمه ضد اليمنيين ودول الجوار أصبحت في مرمى نيران التحالف بادر بإعلان التزامات جديدةٍ لم يكن يستجيب لمثلها سابقاً.
أعلنت ميليشيا الحوثي "استعدادها للإفراج عن أسرى الحرب بمن فيهم شقيق الرئيس هادي"، وقالت: "إنها ستمتنع عن العمليات البرية في اليمن"، وأنها "ستمتنع مؤقتاً عن عملياتها العدائية تجاه السعودية"، بمعنى أنها تعرف جيداً أن هذا القرار سيغير قواعد اللعبة ولن تجد الميليشيات ملجأ لإدارة عملياتها العسكرية من التصنيع إلى الإطلاق سواء كانت صواريخ باليستية أم مسيرات مفخخة وأن قياداتها مهددةٌ بشكل مباشر.
أخيراً، فالمفاوضات الدولية تجاه المشاكل الكبرى في المنطقة ستؤثر على الحوثي بشكل أو بآخر والدعوات من داخل الكونغرس الأمريكي تعبّر عن أن رفع ميليشيا الحوثي من تصنيف الإرهاب كان خطأً وأن الواجب هو إعادة تصنيفها إرهابية كما هي في الواقع.