علي محمد جارالله
مشاورات الرياض 30 (مارس 2022 و حتى 7 إبريل 2022م)
تم الإعلان على ان مشاورات الرياض ذاهبة لحل الأزمة اليمنية و إنهاء الحرب اليمنية التي اتمت سنتها السابعة، و هذا لعمري ما يتمناه كل يمني شريف، و يجوع كل يوم، و يعاني منذ سبع سنوات عجاف من إنقطاع الرواتب و الماء و الكهرباء و كل الخدمات، و فوق كل ذلك الأمن و الأمان، في سبع سنوات تنمّر الأقوياء على الضعفاء، و اصحاب الجبروت على المساكين الذين يبحثون عن مأوى تتوفر فيه الراحة و الأمن و الشبع و الإرتواء و النظافة و دفء العائلة و بهجتها، و اصبح هؤلاء الفقراء يهيمون في الشوارع يفكرون و يرددون: لماذا هذا يحدث بنا، و لمصلحة من؟ و كثر الكاذبون و المنافقون، و تعطّلت أخلاق البعض، و من يديرون الحرب و لا ينوون ان تقف قابعين في قصور الرياض.
و لكن هل فعلاً ان هدف المشاورات تهدف لإنهاء الحرب، فليعذرني من دعا لها، او شارك فيها، فإنني ارى ذلك مستحيلاً لعدة اسباب أولها ان سعادة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف أعلن ان الحل يعتمد على المرجعيات الثلاث، و هي:
1) المبادرة الخليجية التي نصت على تنازل الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة لصالح نائبه عبدربه منصور هادي،
2) الحوار الوطني الذي انطلق في شهر مارس 2013م و استمر لمدة 10 أشهر من الفعاليات و النقاشات،
3) القرار الأممي 2216 الصادر في 14 إبريل 2015م من مجلس الأمن، والذي يقضي بوقف الاعتداءات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران ضد الشعب اليمني، و التهديدات التي تشكلها الصواريخ البالستية، و الطائرات دون طيار على دول الجوار اليمني.
فلنحلّل الأمور بهدوء، فالصراع الدائر في اليمن الآن هو بين الشرعية و بين الحوثيين و الجنوبيين، و لا يوجد غيرهم أحد في هذا الصراع بالرغم من دعوة أشخاص لهذه المشاورات لا دخل لهم في الصراع لا في العير و لا في النفير، فالوجوه الجديدة في المشاورات لن تخدم حل المشلة اليمنية.
الجميع يتذكر ان الحوثيين و الجنوبيين لم يحضرا المبادرة الخليجية، و بناء عليه هما غير مُلزميْن بنتائجها، و كذلك هما الآن في صراع مع الشرعية، الحوثي يختلف مع الشرعية في شكل الدولة، و الجنوبيون يختلفون مع الشرعية حول قضية الجنوب و كذلك هما من يسيطران على الأرض، الحوثيون في الشمال، و الجنوبيون في الجنوب، اما المبادرة الخليجية فقد كانت بين الفقيد علي عبدالله صالح و أحزاب اللقاء المشترك، و بما ان أحد الطرفين الذي وقّعها قد تم قتله فيعتبر قانونياً ان المبادرة انتهت بإنتهاء أحد الموقعين عليها، و المبادرة الخليجية لم تذكر قضية الجنوب و لا ذكرت مطالب الحوثيين، فكيف تكون المبادرة الخليجية معتمدٌ عليها في هذه المشاورات إذا لم يوقع عليها الجنوبي و لا الحوثي!! فالنتيجة كيف ستحل هذه المبادرة قضية الجنوب او حل الصراع مع الحوثيين، أما مؤتمر الحوار و قرار مجلس الأمن رقم (2216) فهما نتاج للمبادرة الخليجية و بالتالي نتائجهما لا تلزمان الحوثي و لا الجنوبي.
كلنا يتذكر اثناء مؤتمر الحوار كان هناك خلافات برزت حول القضية الجنوبية و حول شكل الدولة، و فشل المؤتمر في تقريب وجهات النظر بخصوص هاتان القضيتان، لهذا استغل الرئيس هادي و بمساعدة من حزب الإصلاح (ممثلون الإخوان المسلمين في اليمن) على إتخاذ قرار الأقاليم الستة، و يخطئ من يقول ان مشروع الأقاليم هي من مخرجات الحوار، بل هي مشروع الرئيس هادي و هو من سمّاها و هي اقليم أزال و إقليم الجند و إقليم تهامة و إقليم حضرموت و إقليم سبأ و إقليم عدن، و أن يصبح لكل إقليم حكومة و برلمان، بدلاً عن نظام الحكم المركزي، و تبقى العاصمة صنعاء مدينة إتحادية غير خاضعة لأي سلطة إقليمية.
رفض الجنوبيون الأقاليم لأنهم يرون انها دفناً لقضيتهم، و كذلك رفض الحوثيون الأقاليم لأنها تحشرهم و تبعدهم عن البحر الأحمر أمنية داعميهم في ايران، و لكن إستمر الرئيس هادي و حزب الإصلاح بعنادهم، و لهذا قامت الحرب في 2015م.
و بناء على ما ذكرناه أعلاه، فنرى ان الحل في مشاورات الرياض هو أن يتبنى الرعاة و المشاركون مبادرة جديدة تنهي المبادرة الخليجية و كذلك تعمل على تعديل بعض بنود القرار 2216، ثم يدعوا الفرقاء الثلاثة الشرعية و الحوثيين و الجنوبيين للتباحث حول وقف الحرب تحت إشراف دولي و حل القضيتان القضية الجنوبية و شكل الدولة اليمنية.
د. علي محمد جارالله
1 إبريل 2022م