عبدالواسع الفاتكي يكتب لـ(اليوم الثامن):
المجلس الرئاسي اليمني بين تطلعات الداخل وحسابات الخارج
في السابع من إبريل 2022م من العاصمة السعودية الرياض ، أعلن الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي طي صفحته كرئيس يمني ، ظل أكثر من سبع سنوات متواريا عن الأنظار إلا من حضور باهت بعض الأحيان ، دخلت اليمن في عهده في أتون حرب أهلية ، وباتت ساحة مفتوحة لصراع إقليمي ودولي اليمن ميدانه واليمنيون وقوده .
طوال سنوات رئاسة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ، واليمنيون يعيشون أزمات مركبة متلاحقة حربا وتمزيقا للنسيج الوطني ، وتدهورا اقتصاديا مريعا ووضعا إنسانيا مزريا، لم يذق اليمنيون طعم الخذلان والهزيمة ومرارة الفشل ، مثلما ذاقوه في عهده ، ولم يشهدوا تدميرا لمؤسسات الدولة وتفتيتا للوحدة الوطنية كما شهدوا في فترة رئاسته .
مثل تشكيل المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح ، وفتح فروع له في بعض المحافظات ، وقبل ذلك تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، ومؤتمر حضرموت الجامع ، خطوات تمهيدية ؛ لإزاحة هادي ونائبه ، وتشكيل مجلس رئاسي يضم ممثلين عن أهم أربع تشكيلات عسكرية القوات المشتركة بقيادة طارق صالح ، وقوات العمالقة بقيادة عبدالرحمن المحرمي ، وقوات المجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي ، وقوات المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت بقيادة فرج البحسني .
قراءة سياسية لتشكيل المجلس الرئاسي ، قادت مراقبين للشأن اليمني للقول : إن السعودية والإمارات تقاسمتا مقاعد المجلس مناصفة ، في إشارة إلى أن تشكيل المجلس بهذه التشكيلة ، جاء بتوافق واتفاق سعودي إماراتي، قبل أن يكن مخرجا من مخرجات المشاورات اليمنية اليمنية .
ارتبط إعلان المجلس الرئاسي بإعلان الرياض عن حزمة من المساعدات الاقتصادية ، خلق عند جزء من اليمنيين تفاؤلا كبيرا في تحسن الأوضاع واتجاهها نحو الانفراج ، بينما تراود الجزء الآخر مخاوف من أن يكن تشكيل المجلس الرئاسي محطة جديدة من محطات الصراع ؛ تؤدي لمزيد من التشظي والانقسام أكثر من ذي قبل .
مشاورات الرياض اليمنية اليمنية ، كان الهدف الوحيد لها هو هيكلة السلطة الشرعية ، ودمج كل مكوناتها وقواها اللامؤتلفة في مجلس واحد ضم كافة فرقاء الصراع ، المنضوين تحت الجناح المناوئ للمليشيات الحوثية ، يبدو أن المهمة الأساسية المزمع توكيله بها هي مهمة التفاوض، من أجل تسوية سياسية ، تنهي الحرب مع المليشيات الحوثية ، والتي كان من شروطها سابقا؛ للدخول في مفاوضات تسوية ، إزاحة هادي ونائبه وهو ما حدا بالرياض عقب إعلان المجلس دعوته لإجراء مفاوضات مع المليشيات الحوثية ، تحت مظلة الأمم المتحدة ، ومن المفارقات أن عدد أعضاء المجلس الرئاسي ثمانية أعضاء ، وعدد أعضاء المجلس السياسي للمليشيات الحوثية أيضا ثمانية أعضاء ، فهل كان هذا بمحض الصدفة أم كان مرتب له بتشكيل مجلس رئاسي قوامه يساوي قوام المجلس السياسي للمليشيات الحوثية تمهيدا لإجراء مفاوضات متكافئة معها ؟!
غالبية الشعب اليمني لم تعد تكترث لأي تغيير في هرم السلطة ؛ إذ أن تجاربهم مع تلكم التغييرات مريرة ، كونها ناجمة عن صراعات سياسية ، بين القوى والمكونات اليمنية ، تتطابق تماما مع أهداف إقليمية ودولية ، وتصفية حسابات داخلية ، تستثمر الفشل ؛ لتسديد ضربات سياسية ضد الخصوم ، ومع كل نكبة تحل باليمنيين ، تتصدر المشهد شخصيات ومكونات تذكي الصراع الطويل والمرير من أجل السلطة ، والإيغال في خدمة الخارج ، ولو كان ذلك على حساب اليمن أرضا وإنسانا .