حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
التراويح بين الفرض والسنة والبدعة !
مما لا شك فيه أن الصراعات البشرية لا تأتي إلاّ من خلال التعصب والجمود والإنغلاق الفكري والتمحور اللامنطقي حول الذات وطغيان سلطانها على كل شىء، وإفتقادها لأبسط الأسس والمعايير النقدية ، القادرة على التمييز بين العقلاني واللاعقلاني في كل الأمور مهما كانت ، ويؤجج التشدد في مناقشة تفاصيلها ، النهج الذي غالى فيه أحد المقفلة عقولهم من"اليوتوبيين الإسلامويين" في تدوينة له حول أهمية العبادات الرمضانية والتي جعل أهمها جميعها صلاة التراويح واعتبرها فريضة واجبة لا يحسن الصوم إلا بها، الزعم المضلل الذي دفع بي للرد على من يصدق فيه قوله سبحانه وتعال: "ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب أو كذّب بآياته إنه لا يُفلِح الظالمون " الأنعام:21 بقولي: "أن صلاة التراويح مجرد بدعة ابتدعها عمر بن الخطاب واستحسنها الفقهاء وتحولت لتقليد رمضاني وطقس ملازم له في العالم الإسلامي" ، الرد الذي ما كاد يصل صاحبنا حتى تطاير شرر غضبه –وكم حمدت الله أن الحواسيب لا تسمح بمرور الثفل والبساق واللكم والركل مع نثانات السب والشتم والتكفير والإخراج من الملة ،التي وصلني منها الكثير ، مما اعتاد "الإخوان المسلون" مصر تطبيقها في حق من لا يتفق مع أفكارهم وآرائهم ولا يوافق معتقداتهم وسلوكياتهم ، والذي هو عندهم على الخطأ الكبير وفي الضلالة التي لا تغفر، ويستحق مرتكبها القتل الذي طُبق في حق د فرج فودة ، ومحاولة الاغتيال التي نُفذت في نجيب محفوظ ، والتهجير الذي تجرع ظلمه د نصر حامد أبو زيد ، والسجن الذي حكم به على إسلام بحيري ، والتكفير الذي وصف به د سيد القمني ، وغير ذلك من الفضاعات اللاإنسانية المرتكبة لإلجام أفواه المتنورين الذين حاولوا تحطيم الصنمية الفكرية للموروث الإسلامي الإخواني ، كإبراهيم عيسى الذي يجتهد "السلفيون" جادين في البحث له عن تهمة تغلق فمه ، ولاشك أن اليوتوبي الهائج هو بصدد استجماع قواه نيابة عن حفنة الأغبياء والجهلة، الذين انقاد دون بصيرة وراء فرضياتهم البليدة ليصدر فتواهم في حقي وحق كل من يتجرأ على القول بأن صلاة التراويح ليست فريضة ولا حتى سنة، وأنها لم تُعرف في العهد النبوي ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يجمع الناس عليها، كما أكده ذلك الباحث في الشأن الديني محمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بـ "أبو حفص " في تدوينة فيسبوكية له بالدارجة المغربية قائلا : "المهم أن هذ الطقس لي هو غي بدعة حسنة ، الناس حرة أن تصليه كيف شاءت، بمفردها، جماعة في البيت...ومتصليهاش كاع، الأمر فيه سعة كبيرة" وحتى لا ندخل في امور أخطر ونلف وندور و"نُهرّول" في حلقات مفرغة ، فما على من يشك في ذلك ، أو يعتر قول فئة من الفقهاء افتراء وتجنيا على صلاة التراويح ، إلا أن يقوم بجولة قصيرة في ما أورده الإمام البخاري في صحيحه في هذا الباب ، بذل إذكاء وإلهاب الصراعات الضيقة .
وختاما وتفاديا لأي لبس، فإن ما كتبته في هذه العجالة ليس تفسيرا ولا نقدا، لأن ذلك له مختصين ، وهو بحاجة لدراسات دقيقة لكتب الفقه والتفسير والتاريخ ، لكنه مجرد تساؤل شخصي كونته من قراءة تأملية عن الوضوع ،ركضان مبارك.