د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أهل اليمن بين العنصرية والحكمة الضائعة (1-3)

قال تعالي :( َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات 11
وقال صلى الله عليه وسلم :
( أتاكم أهل اليمن هم ارق أفئدة والين قلوبا الإيمان يمان والحكمة يمانية ) رواه البخاري ومسلم
وأكثر أهل العلم قالوا إن ذلك لا يشمل كل أهل اليمن وإنما هو خاص بمن كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وما قاربه ممن نصروا الإسلام في أول الأمر .
وقيل إن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصار.
 
وقد ابتلي أهل "اليمن" و "الجنوب العربي"  بالتنابز بالألقاب والعنصرية في حياتهم اليومية وهذه الآفة السيئة تدمر العلاقات والوشائج وتنخر المجتمع وتدمر نسيجه ويعتبر نبش النقائص والمثالب عن الناس واستحضار أصولهم إنما يعكس حالة الانقسام والتشظي وتولد في نفس المخاطب الحقد والعداء الشخصي كما تولد الشحناء والبغضاء في المجتمع !!!
 
والتنابز بالألقاب في اليمن قد توسع منذ الإطاحة بالحكم الملكي عندما هيمنت قبيلة حاشد على السلطة ونبشت الدفاتر القديمة وأيقظ شيوخها نار الفتن والثارات وأشعلوا ضرامها بين القبائل !!
 
كما كرس نظام صالح المذهبية والمناطقية والتنابز بالألقاب وعمق الكراهية وجعل كل منطقة بل وكل مدينة تترصد الأخرى فسكان شمال الشمال يحتقرون سكان جنوب الشمال (تعز وأب) وأهل صعده وعمران يصفون أهل صنعاء بأنهم بقايا فرس وأتراك وأهل صنعاء يصفون أهل ذمار بأنهم من الغجر وهؤلاء يصفون أهل صنعاء بالغباء ( ذماري بصنعانيين ) !!
 
كما يحتقر أهل ذمار سكان يريم الشوافع وأهل اب وتعز ويصفونهم بأنهم (لغالغة ) كما يطال التهميش والعنصرية سكان ريمه ويقول عنهم سكان شمال الشمال : ( اقتل ريمي ولا تشارعه ) !!
 
كما يحتقرون أهل تهامة لأنهم سمر البشرة ويصفونهم بالا خدام وسيطر الزيود على أراض شاسعة في تهامة والحديدة بقوة السلطة والقبيلة ويحاول سكان إقليم الجند : تعز – إب وهم شوافع الخروج من هيمنة الشمال الزيدي ويدعون أنهم سينهضون بالاقتصاد الوطني للإقليم لان لديهم منفذ على البحر وهم بارعون في التجارة ولديهم رؤوس أموال كثيرة .
 
كما تطال العنصرية أبناء مأرب الذين يطالبون نصف إيرادات النفط من محافظتهم الذي يذهب بالكامل للمتنفذين في صنعاء !!
 
هذا إذا فتحنا الملفات التي يستحضرها أهل شمال الشمال وتنضح بالعنصرية البغيضة ويمارسونها قولا وفعلا على سائر المكونات الاجتماعية اليمنية ويسخرون منها باحتقار مهنهم ومذاهبهم ويقولون : سلفي – وهابي – صوفي – قبيلي – مزين – دوشان – خادم – حلاق – جزار
 
وفي عام 2012م استدعت السلطة السابقة (نظام صالح) لقب عائلة الرئيس هادي الجديد (الدنبوع) واسم قريته (الوضيع) للحط من قيمة الرجل وفي الوقت نفسه استعادت عائلات شمالية كثيرة ألقابها الهاشمية بعد نصف قرن طمعا في تعيينات جديدة في مفاصل الدولة التي هيمن عليها الحوثيون!!
 
كما أشاع الشباب في ثورة 2011م اسما جديدا لصالح وهو اللقب المخفي للعائلة واعتبروه مثلبة ومن هتافاتهم : لا احمد ولا عفاش ... عاش الشعب اليمني عاش!!!
 
وأخيرا أقول كيف نستطيع التعايش مع بعضا البعض في دولة واحدة ونحن نمارس ثقافة جاهلية بائسة وضد بعضنا البعض ؟؟
 
وللحديث بقية في الحلقات  القادمة
 
د.علوي عمر بن فريد