مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل تنتقم موسكو من الناتو في البحر الاحمر ؟

يحتل البحر الأحمر موقعًا جغرافيًا واستراتيجيًا مهمًا عند ملتقى القارتين الآسيوية والأفريقية ، و العلاقات الاقتصادية والتاريخية والاستراتيجية تربط هذه المنطقة ارتباطًا وثيقًا بالخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسط ، كما ان البحر الاحمر من أهم الممرات المائية التي تربط شمال الأطلسي بالمحيط الهندي.

الخطوة الامريكية الاخيرة بإعلان تأسيس " قوة مهام جديدة "  مع دول حليفة  ستقوم بدوريات  قبالة اليمن في منطقة البحر الأحمر  وخليج عدن ليست صحوة فجائية او حباً في دول المنطقة واستقرارها وامنها ، بل  من المحتمل ان يكون انتشار استباقي - امني بحري ، امريكي وغربي خوفاً من انتقام روسي رداً على دعم اوكرانيا و واغراق الطراد موسكفا  ، وإلا  اين كانت هذه الصحوة الامريكية  المفاجئة  في البحر الاحمر واليمن قبل ازمة اوكرانيا ؟ .

الحرب الدائرة في اوكرانيا ومنطقة  البحر الاسود هي ليست بين كييف وموسكو كما هي ظاهرياً و يتصورها الكثير من الناس ، وانما هي حرب بين اوروبا وامريكا (الناتو) وروسيا على الارض الاوكرانية اسبابها الظاهرة النفوذ و المواقع الجغرافي  الاستراتيجي ، اما المخفية فهي الامن والطاقة  والثروات .

انتقم الروس لهزيمة الاتحاد السوفيتي في افغانستان عبر دعم مقاتلي طالبان  بمبالغ ضخمة مقابل مقتل كل جندي امريكي او من الناتو ونجحوا بذلك في اخراج واشنطن وحلفائها والجيش الافغاني من كابول عام  2021 ، كما ردت موسكو على عقوبات الاتحاد الاوروبي الاقتصادية المفروضة عليها من  2014 ،بالاتفاق مع الاستخبارات التركية على انتقام مزدوج لها ولأنقره المرفوضة عضويتها في الاتحاد الاوربي  ، حيث قامت موسكو بتحمل  التكلفة المالية لعملية قوافل الهجرة الغير شرعية لملايين المهاجرين من الشرق الاوسط  وافريقيا  عام 2015 عبر تركيا ومنها  الى البوابات  اليونانية الدولة  العضو في الاتحاد الاوروبي  ونجحت بذلك بإدخال اكثر 2 مليون لاجئ ومهاجر غير شرعي الى اوروبا  الذين كانوا ومازالوا يمثلون  ضغط  كبير على الاقتصاد والامن  الاوروبي  اضف عليهم اليوم اكثر من 5 مليون من لاجئ اوكراني والعدد مرشح للزيادة .

روسيا سترد حتما على العقوبات الاوروبية والامريكية الجديدة بسبب الازمة الاوكرانية اقتصادياً  وعسكرياً  وبشكل مباشر وغير مباشر وفي كل مكان تستطيع الرد فيه والبحر الاحمر احدا خياراتها  ، الذي تعبث به ايران المحاصرة والمنهكة اقتصادياً عبر وكلائها الحوثيين الذين يستهدفون السفن والناقلات البحرية ، فما بالنا بدولة بحجم وامكانيات روسيا بقاعدة عسكرية في طرطوس السورية على البحر الابيض ، ومخطط روسي قديم جديد لأحياء  عقد إيجار لمدة 25 عاما لقاعدة بحرية روسية على البحر الاحمر في بورتسودان - وهو اتفاق تبذل الولايات المتحدة جهد غير عادي لإلغائه  .

  منطقة البحر الاحمر هي احدا الخيارات المفضلة للرد العسكري المبطن  للولايات المتحدة واسرائيل وايران و روسيا ليست استثناء وسترد اما قبالة الصومال عبر جماعات  الفوضى والصراعات و القرصنة  ، او قبالة اليمن التي اصبحت ساحة للصراعات وتصفية الحسابات الاقليمية والدولية  ، وذلك بأيدي بعض ( الشقاة اليمنيين )  من  امراء الحروب الاهلية  اليمنية وجماعات الارهاب او ميلشيات الحوثي التي لديها سيطرة على موانئ  تطل على البحر الاحمر .