ماريا معلوف تكتب:

ماذا يكشف تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات؟

يحسم المراقبون هنا في واشنطن يوما بعد يوم قناعتهم المتمثلة في أن إدارة جو بايدن، ليست لديها أجندة واضحة بشأن كيفية منع النظام الإيراني من امتلاك أسلحة نووية.

مر عام و7 جولات من المفاوضات، دون أن تسفر هذه المحادثات عن أي نتيجة للأسف، باستثناء تحقيق إيران مزيدا من التقدم في برنامجها النووي عبر التلاعب بإدارة بايدن.

استطاع هذا النظام تمديد أمد المفاوضات وتسريع عمليات تخصيب اليورانيوم إلى الدرجة التي تمكنه من صنع الأسلحة، وما ذلك إلا لكسب الوقت لكي تصبح إيران دولة نووية. وهي اليوم تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج اليورانيوم المناسب لصنع أسلحة.

اليوم مرّ أكثر من شهر على توقف مفاوضات فيينا النووية بين إيران والمجموعة الدولية لإحياء الاتفاق النووي في 11 مارس الماضي، وبعد مرور كل هذا الوقت من دون استئناف المفاوضات في ظلّ التصريحات الإيرانية والأميركية المتشددة والحديث عن أن فرص الاتفاق أو عدمه متساوية يتأكد بوضوح تعثر المفاوضات وصعوبة التوصل إلى اتفاق، لا سيما في الوقت القريب، حتى وإن نجح الاتحاد الأوروبي في دفع الطرفين باتجاه تفاهمات غير معلنة في ظل صعوبة التوصل إلى اتفاق في الوقت الراهن.

نلاحظ ذلك بوضوح في أن الإدارة الأميركية منحت الضوء الأخضر لعودة إيران إلى سوق الطاقة "بطريقة غير رسمية، بحيث إنها في الفترة الحالية تبيع يومياً أكثر من مليوني برميل من نفطها.

رغم كل ذلك يتأكد كل ساعة إخفاء إيران لأنشطة نووية، فقبل فترة، تكرر تجاهل النظام الإيراني طلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفض الإجابة عن أسئلتها بشأن ثلاثة مواقع نووية سرية، وهو أمر يؤثر بشكل خطير في قدرة الوكالة على توفير ضمانات بشأن الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي.

وهنا نتذكر ما تردد في الأمم المتحدة قبل أشهر عن استعداد رئيس "الموساد" الإسرائيلي، ديدي بارنيع، لتقديم معلومات إلى البيت الأبيض، تتضمن وثائق وصورا جديدة حول موقعين سريين إضافيين تقول تل أبيب إن طهران تستخدمهما لتخصيب اليورانيوم فوق نسبة 20 بالمئة.

وكذلك ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" نهاية العام الماضي عن أن إيران تمتلك 4 مواقع نووية لم تعلنها سابقا، يحتوي بعضها على مواد انشطارية وجزيئات من مادة اليورانيوم، وأن ثلاثة من أصل المواقع الأربعة المكتشفة، تتضمن جزيئات يورانيوم، لم تعلن إيران أنها منشآت نووية، وهي "تركوز آباد" و"فارامين" و"ماريفان"، في حين يحتوي الموقع الرابع، الذي لم تعلن الصحيفة اسمه، على مواد انشطارية وأنشطة أخرى.

خلال الساعات الماضية، تردد الحديث بقوة عن "تقرير جديد لوزارة الخارجية الأمريكية يقر بإمكانية إخفاء إيران لأنشطة نووية.

ويقول التقرير المنشور على موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لديها "مخاوف جدية" بشأن "مواد وأنشطة نووية محتملة غير معلنة في إيران"، مما يُظهر اعتراف الإدارة بأن طهران تواصل منع المفتشين وإخفاء أنشطتها النووية.

هذا التقرير كشف عن الموقع الرابع الذي لم تعلن عنه سابقا صحيفة "واشنطن بوست"، حيث أسماه التقرير بموقع ( التجارب المزعومة للجمهورية الإسلامية باستخدام قرص معدني من اليورانيوم) لكن التقرير وللأسف يخلو من اللهجة الشديدة التي استخدمتها نسخة العام الماضي للإشارة إلى أنشطة إيران النووية غير المعلنة .

خلال حوار هنا في الكابيتول قال لي أحد الساسة إن "عجز" الولايات المتحدة، في ظل إدارة بايدن، عن ردع إيران يعد "أمرا مقلقا"، إلا أنه توقع أن يسهم التهديد بالإدانة العالمية وفرض العقوبات الدولية تحت البند السابع، الذي يخول استخدام القوة، في ردع طهران، وتحدث عن اقتراح قد يناقش في الكونغرس حول اعتماد ما اسماه "الخطة ب الدبلوماسية" والتي تتمحور حول العمل لإدانة طهران في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يمكنه رفع الملف إلى مجلس الأمن الدولي، حيث ذكرني بأن الاتفاق الأخير بين طهران و"الوكالة الذرية" حول تركيب الكاميرات في منشأة "كرج" جاء بعد تلويح واشنطن بالدعوة إلى اجتماع لمحافظي الوكالة.

في الخلاصة، يجب علينا الاعتراف بأن إيران تواصل اليوم انتهاك التزاماتها الأساسية وليس فقط شروط الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وبالتالي يجب ألا يكافئ الرئيس جو بايدن طهران برفع العقوبات عنها ومنحها عشرات المليارات من الدولارات -وربما أكثر من ذلك بكثير - مع تجاهل انتهاكاتها الجسيمة لمنع انتشار الأسلحة النووية.

ينبغي أن تقود الولايات المتحدة جهودا كبرى في الاجتماع القادم لمجلس محافظي الوكالة الذرية لتوجيه اللوم إلى إيران لعدم امتثالها لالتزامات معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، حتى إن أعلنت إيران اليوم رغبتها في استئناف المفاوضات في فيينا بشكل فوري بعد أن خسرت الدعم الأوروبي في هذا الشأن.