د. عيدروس النقيب يكتب:
عدن وتجارة القتل
لن تتوقف العمليات الإرهابية عن عدن ومحافظات الجنوب، لأن الرافضين للاستقرار والحاقدين على السلام لن يطيب لهم حال إلا بنشر الرعب والخوف والقتل والدم.
العملية الإرهابية التي استهدفت اللواء صالح علي حسن، قائد العمليات المشتركة للقوات الجنوبية لن تكون آخر تلك العمليات، لكنها تنذر بأن الإرهابيين بكل مدارسهم واتجاهاتهم ومموليهم يزدادون غيضا كلما بدت علامات الاستقرار وأتيحت فرص تحسين الوضع المعيشي وإعادة تفعيل الحياة المؤسسية وعادت الأمور إلى حالتها الطبيعية.
أسئلة الإرهاب معقدة ومتشابكة ومتداخلة لكن الهدف من العمليات الإرهابية واحد وهو منع الاستقرار ومحاولة (البرهان) على عجز السلطات المحلية، ومعها المركزية، عن السيطرة على الأوضاع المدنية والمعيشية والخدمية وقبل هذا الأوضاع الأمنية بطبيعة الحال باعتباره أُس جميع أُسس المعادلة.
منذ أيام كنت ضيفا على إحدى القنوات الفضائية ذات التوجه الإسلاموي، وكان على الطرف الآخر أحد مناصري الجماعة الحوثية، وظل الرجل طوال المقابلة وهو يكرر، أنتم لم تستطيعوا السيطرة على عدن، رغم صغر حجمها لكن (أنصار الله) مسيطرين على كل مساحة الشمال، فكيف تقولون أنكم ستستعيون الدولة الجنوبية؟
قلت له أنت تتفاخر بأن مساوئ الحوثيين أقل من مساوؤ الشرعية، ولم تقل لنا ماذا قدمتم للشعب غير القتل والإرهاب والرعب والسجون والتجويع والأتاوات واغتصاب النساء في السجون.
أما موضوع السيطرة على عدن فربما يكون هناك تقصير وقد يصل إلى العجز، لأنكم أرسلتم لعدن أكثر من ثلاثة مليون ما بين نازح ومخبر وإرهابي ومتطفل ومتسول، وهذا العدد يفوق عدد سكان الجنوب كله سنة 1990م، وهو يشكل ليس فقط عبئا أمنياً على عدن وسلطاتها بل وعبئا معيشيا وديمغرافيا وسكنيا وخدميا، وفي جميع المجالات الحياتية.
منطق الحوثيين هو نفس منطق ملاك قنوات إسطنبول ومموليها فأغنيتهم المفضلة هي “عدم السيطرة على عدن”، والطرفان يشتركان في نشر ثقافة التخريب والإرهاب والعبث والفوضى وتشجيع الجماعات الإرهابية وتعبئتها وتمويلها ومن ثم التباكي على عدن.
الذين يتغنون بـ”عدم السيطرة على عدن” كثيرون، وشخصيا قالها لي زملاء كثيرون محسوبون على الشرعية، وبعضهم نواب برلمانيون كانوا في عدن قبيل عيد الفطر المبارك، وكأنهم يتشفون بالمجلس الانتقالي والقوات الأمنية الجنوبية، وهم لا يعلمون أنه وفي ظل الشراكة الراهنة، (مهما كانت عيوب هذه الشراكة)، سيدفعون نفس الثمن الذي يدفعه أي جنوبي حتى لو كان في أقاصي المهرة أو أطرف الصبيحة وباب المندب أو مكيراس وبيحان، والذين يعتقدون أن الإرهاب لا يضر إلا عدن والجنوب واهمون، فقد أثبتت الأيام والأشهر والسنوات، أن عدن هي مركز الاستقرار، أو عدم الاستقرار، ومنها تبدأ أبجدية الوطن، وإليها ينتهي حصاد ما بذرته الأيدي من خير أو شر على الجميع مهما تناؤوا أو اقتربوا.
المعركة مع الإرهاب ليست مسؤولية طرف واحد دون سواه، بل هي معركة جميع من يسعون لتثبيت الاستقرار والشروع في إعادة الإعمار وتطبيع الحياة الإنسانية والمعيشية والخدمية قبل السياسية والمؤسسية.
إذا ما صدقت التسريبات التي تقول أن الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس الرئاسة قد استدعى علي الآنسي لتكليفه بمهمة وظيفية، كرئيس سابق لجهاز الأمن القومي، وهو الجهاز المسؤول عن كل أعمال التنكيل والخطف والتعذيب والقتل التي تعرض لها شباب الثورة الجنوبية السلمية وشباب ثورة 2011م السلمية في الشمال، أقول إذا ما صدقت هذه التسريبات فإن المؤشرات تؤكد أننا ذاهبون باتجاه مزيد من القمع التنكيل بالشرفاء والوطنيين، وأن أعمال الإرهاب وكل العمليات التي تسمى بــ”القذرة” في طريقها إلى الازدهار والاتساع.
الناس يحاولون أن يتجاهلوا دور الرئيس العليمي في ما صنعته اللجنة الأمنية التي كان يرأسها طوال فترة 2007-2011م لكن بعث الروح في أدوات القمع السيئة الذكر طوال فترة 1978م-2011م سيعيد فتح الكثير من الملفات التي يسعى بعض أركان الشرعية الجديدة لدفنها.