ماريا معلوف تكتب:
هل إدارة بايدن جادة بخصوص الاتفاق النووي؟
تعهد الرئيس بايدن في حملته الانتخابية بإحياء الاتفاق النووي لعام 2015. لكن تخفيف العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب لم يأتِ بالسرعة التي كان يأملها الإيرانيون.
وجَّه نحو 200 نائب جمهوري في الكونغرس الأميركي خطاباً للرئيس جو بايدن ينذرون فيه بأن أي اتفاق نووي مع إيران يُبرم دون موافقة الكونغرس "سيواجه المصير نفسه" الذي واجهه من قبل الاتفاق النووي الذي وقعه باراك أوباما عام 2015، وانسحب منه بعد ذلك دونالد ترامب عام 2018، بالإضافة إلى ذلك، يعرقل الخطاب مساعي بايدن المتعسِّرة بالفعل لإحياء الاتفاق الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما بدعم من الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
بعد أن رفعت واشنطن جزءاً من العقوبات من خلال إعادة العمل بإعفاءات أساسية تتعلق بالبرنامج النووي المدني الإيراني، وتلك الإعفاءات كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية غير عسكرية، من التهديد بفرض عقوبات أميركية عليها، وهي إعفاءات كان قد ألغاها الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترمب" في عام 2020، وتزامنت خطوة ترامب مع انسحاب الولايات المتحدة وبصورة أحادية عام 2018 من الاتفاق النووي، وأعاد فرض معظم العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، ولم يكتف ترامب وإدارته بإعادة العمل بالعقوبات، لكنه وسع مستوى العقوبات لتشمل أغلب المجالات الرئيسية، إضافة إلى التهديد بفرض عقوبات على كل بلد أو شركة أو أفراد قد يثبت مساهمتهم في
تجاوز العقوبات الأميركية.
ولكون الاتفاق أعطى إيران جملة من المكاسب منها: القدرة على استئناف بيع نفطها في الأسواق العالمية، إضافة إلى أن الاتفاق سمح لإيران بالعودة للساحة الدولية بعد سنوات من العقوبات، كذلك مكن طهران من الوصول إلى عشرات المليارات من أصولها المجمدة في الخارج.
وفي السياق، يمكن القول إن الهدف الأميركي من تخفيف العقوبات على إيران أراد خلق حالة من التوازن مع الطرف الإيراني، لا سيما وأن المصلحة تستوجب انتهاج سياسة دبلوماسية مرنة في سبيل التهدئة كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية الانفتاح تجاه طهران من أجل التهيئة لمستقبل التواجد الأميركي في الشرق الأوسط وبما يسمح بالحفاظ على المصالح الاستراتيجية، التي اصبحت محل تنافس دولي، ولا سيما التنين الصيني والدب الروسي.
نستنتج من إدارة بايدن أنها اتخذت الاتفاق النووي الإيراني كحيلة للوصول إلى السلطة بعد أن تعهد بايدن بإحياء الاتفاق النووي قبيل انتخابه، إلا أنه ماض في الفشل بعد كل المحادثات، ويعتبر ذلك ضربة قوية لطهران في عدم قبول واشنطن لشروطها.
كذلك مكن إحجام إدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن" عن اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا إزاء إيران، (مكن) الأخيرة من المضي قدما في مسيرتها لامتلاك قنبلة نووية، إلا أن إدارة "بايدن" على وشك الاعتراف بأن الاتفاق النووي مع إيران قد لا يجد طريقه إلى النور، على الرغم من استمرارية التواصل مع طهران هناك صدمة كبيرة قد تنتظر الإيرانيون حيث أن الاتفاق لا يسري مطلقاً وبايدن غير قادر على اعترافه بالفشل.
وتتجه الإدارة الأميركية لإلقاء اللوم على الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" في فشل المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي، بحجة أن انسحاب "ترامب" من الاتفاق النووي لعام 2015 قدم لإيران ذريعة للمضي في تعزيز قدراتها في مجال الأسلحة النووية، وهو ما اتضح في تصريحات إعلامية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت سابق من ديسمبر؛ ردا على تعليق أحد المحاورين بأن "طريق الدبلوماسية أظهر فشله"
في الخلاصة يبدو ان إدارة بايدن الضعيفة استراتيجيًا وأسلوبًا والمتعثرة في إدارة الملفات تضاعف عليها ثقل الملفات مع الحرب في أوكرانيا، فدخلت في دوامة من التناقضات لأصبحت غير قادرة على الإعلان عن فشلها فيما خلفه الاتفاق النووي، فبعد المحادثات واشنطن وطهران تقولان إنهما على استعداد للتوقيع على اتفاق.
تريد إيران من البيت الأبيض أن يقدم ضمانات بألا يقوم أي رئيس أميركي في المستقبل بالتخلي عن الاتفاق من جانب واحد، يكاد يكون من المستحيل على الولايات المتحدة توفيره، وهناك أيضا خلافات حول نطاق شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الارهابية، ففي لقاءات مع مسؤولين هنا في واشنطن غالباً ما يكون رأيهم بان البيت الأبيض أكثر استعداداً هذه الأيام للاعتراف باحتمال فشل المحادثات النووية مع طهران.
وفي نفس الوقت، أن الحلفاء الإقليميين ماضون لمنع إيران وبشكل دائم، من امتلاك سلاح نووي ومعالجة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وسياسات طهران العدائية في دول الاقليم.