د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
كيف تمكن نظام صنعاء من زرع الإرهاب في الجنوب (2-2)
من أسباب تمدد حزب الإصلاح والقاعدة و أخواتها مثل أنصار الشريعة و داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية في الجنوب ما يلي:
- زرع و جند نظام صالح السابق منذ وقت مبكر العشرات من أبناء القبائل داخل التنظيمات الإرهابية في المناطق الجنوبية ذات المذهب السني لعدة أسباب ومن ذلك :
- الانتقام من الحزب الاشتراكي .
- استخدامه تلك القبائل كفزاعة للإقليم و الغرب.
وقد نجح في ذلك لغياب وجود الدولة خاصة في شبوة و أبين و الدليل على ذلك أن قبيلة الفضلي و شيخها طارق الفضلي و بعض قبائل الجنوب تفكر بطريقة براغماتية أكثر من كونها عقائدية بحيث أن تلك القبائل تضع مصالحها في مقدمة أولوياتها , علما أن الكثير من القبائل لا ترحب بالقاعدة نظرا للحساسية الشديدة تجاه أي وجود عسكري في أراضيها , و هذا لا يعني عدم استفادة القاعدة من الأعراف القبلية في حماية من يصل إليها من خلال توثيق علاقاتهم ببعض مشايخ القبائل من خلال عقد علاقات مصاهرة و غيرها كما هو الحال في بعض المناطق لضمان إيوائهم أو التستر على تحركاتهم في مناطقهم.
إلا أن بعض القبائل كان لها مواقف فاعلة تجاه تلك التنظيمات
وقد رصدنا في حينه من ذلك الأحداث التالية :
1-في عام 2014م حذرت قبائل "العواذل" و "دثينة" في الجنوب عناصر تنظيم القاعدة من مغبة الاقتراب من لودر و أن عليهم الذهاب إلى البيضاء المجاورة ,. و أكدت تلك القبائل في بيانها أن الإرهاب الحوثي و القاعدة يموله المخلوع صالح و الإخوان !!
و كانت تلك القبائل قد تمكنت من قتل 20 من تنظيم القاعدة أثناء مهاجمتهم لشرطة لودر في محافظة أبين عام 2012م.
2- شهدت مدينة عزان موجهات قبلية مع قبيلة آل باعوضه في شبوة – منطقة الواحدي في فبراير عام 2016م و هوا أشبه بما قامت به القبائل في لودر و مودية عند مواجهتها القاعدة .. و فروا إلى الجبال الوعرة بعد فشلهم في تحويل "عزان" إلى إمارة إسلامية كما حدث في جعار!!!
3- في ديسمبر 2014م في وادي عبدان – منطقة العوالق العليا – شبوة , هاجمت قوات أمريكية من المارينز جوا مساكن قبيلة "آل دغّار" في عبدان, و قصفتها بالصواريخ و ذهب ضحية الهجوم 10 أشخاص من النساء و الشيوخ و الأطفال الأبرياء بعد تلقي الأمريكان معلومات استخباراتية بوجود أفراد من القاعدة في الوادي المذكور.
4- في ابريل 2016م أصدرت قبائل لقموش – حمير – شبوة بياناً جاء فيه : "إن قبائل لقموش يحملون المسؤولية الكاملة للمنظمات الإرهابية و على رأسهم القاعدة في زعزعة الأمن و الاستقرار في منطقتهم , و تناشد قبائل شبوة بالتضامن ضد كل تلك " العصابات الإرهابية"
5- في سبتمبر عام 2016م أصدرت قبائل يافع بياناً قبلياً تتبرأ فيه من أي شخص من أفرادها ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية.
6- في فبراير عام 2017م أعلنت قبيلة المراقشة في أبين حربها على العناصر الخارجة على النظام و القانون و اتهمت فيه الانقلابيين الحوثيين و المخلوع صالح بالوقوف وراء الجماعات الإرهابية المتطرفة و رغم ذلك مازلت بعض العناصر الإرهابية تتحصن في جبال المراقشة مما أدى إلى مهاجمة الطائرات و البوارج الأمريكية إلى ضربها بالصواريخ في شهر مارس عام 2017م.
7- في مارس 2017م شنت طائرات بدون طيار أمريكية عدة مرات هجمات صاروخية على مناطق محددة في وادي يشبم مستهدفة قرية الشعبة التي يتحصن فيها سعد عاطف العتيقي و مجموعات إرهابية أخرى في الوادي م – شبوة و لم تسفر تلك الهجمات عن خسائر في الأرواح.
8- قامت تلك التنظيمات الإرهابية (أنصار الشريعة) و (جناح القاعدة جزيرة العرب بقطع الطريق الآمنة بين عدن و أحور و قتل 30 جنديا ً جنوبياً و هم ذاهبون إلى معسكراتهم في حضرموت و المهرة , و تتلقى تلك التنظيمات الإرهابية أموالاً من المخلوع صالح و هما وجهان لعملة واحدة و قد فر مقاتلوها إلى الجبال دون عقاب !!
و قد عمل صالح طوال حكمه على نشر الفتن و الثارات بين القبائل في الجنوب حتى يشغلها ببعضها البعض ليمرر مخططاته في الهيمنة على الجنوب الذي تشكل مساحته 65% من إجمالي مساحة اليمن الموحد ,و نسبة السكان فيه تتراوح من 25% إلى 30% بينما نسبة النفط فيه 80% و الغاز حوالي 90% و قد زرع صالح عناصر إرهابية من أبناء القبائل الجنوبية التي عجزت عن كبح جماح أبنائها أو السيطرة عليها بسبب انقساماتها و غياب مرجعياتها القبلية التاريخية و رموزها المشيخية و لتراجع دورها في الحياة القبلية في ظل شح إمكانياتها المادية و المعنوية مما أدى بكل قبيلة أن تكيف مواقفها حسب مصالحها بمفردها .. ضاربة عرض الحائط بالصالح العام للقبيلة .
و حيث أن القبائل في الجنوب سنية شافعية بنسبة 100% إلا أنها تبحث في الأساس عن مصالحها و ليس من الناحية العقائدية كما حدث مع بعض الرموز القبلية و العسكرية عندما انحازت مع تحالف (الحوثي – صالح) و هي حالات شاذة كما حدث في شبوة أثناء اجتياح الحوثي لها عام 2015م !!
و الجدير بالذكر أن أغلب تلك القبائل في مجملها ترتبط بمصالح كبيرة مع السعودية و من السهل استقطابها و هي تشكل نسبة 80% من المجتمع الجنوبي !!
إلا أنها مترددة في طرد المجموعات السلفية و تنظيماتها الإرهابية من مناطقها لأسباب قبلية بحتة خشية فتح باب الثارات فيما بينها , كما أنها مترددة في التعامل مع بقايا عملاء الانقلابيين في مناطقها لنفس الأسباب في ظل غياب الحكومة الشرعية و هشاشتها في تلك المناطق !!
و في حرب الانقلابيين الأخيرة على الجنوب فقد تصدت لهم العناصر التالية:
- القيادات المشيخية المرتكزة على العصبية القبلية كما حدث في العوالق والصبيحة.
- قيادات حرا كية جنوبية كما حدث في الضالع و عدن.
- عناصر حزبية متحالفة مرحلياً مع عناصر سلفية جنوبية في عدن و أبين.
- عناصر مستقلة تحاول الدفاع عن هوية الجنوب.
إلا أن هذا الحلف المؤقت الذي جمع تلك العناصر سرعان ما انفرط عقده وعاد كل منها للتخندق في موقعه السابق وهذا هو سر ضعفها حيث أنها تفتقد إلى قيادة سياسية وعسكرية واحدة تلتف حولها وتستوعب توجهاتها المتباينة .
د. علوي عمر بن فريد