د. علي محمد فخرو يكتب:

الإنتقال من القول إلى الفعل الشامل

حسناً، ها أن السفاح المجرم الصهيوني يضيف ضحية قتل متعمد جديدة، المرحومة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عقلة، إلى عشرات ألوف الضحايا القتلى من المقاومين الفلسطينيين والجنود والمناضلين العرب الآخرين، الذين وقفوا في وجه استعماره العنصري الإجتثاثي.

وها أن رد الفعل إياه، من ترحم وصلوات وأدعية وشجب وتوعد وبكائيات، تمارسه الحكومات والأحزاب والهيئات والمساجد والألوف من ذوي الضمائر الحية. ثم ماذا؟ هذا هو السؤال. بصراحة إن لم يتم التالي فاننا لن نمّس شعرة من جلد المتغطرس الصهيوني ولن نجفف قطرة دمع واحدة من دموع المفجوعين من ملايين الفلسطينيين والعرب وشرفاء العالم.

أولاً: إنضمام جميع الفلسطينيين، في الجزء المحتل عام 1948 والضفة الغربية وغزة وكل بقاع الشتات في العالم كله، لعضوية مؤسسة تحريرية نضالية واحدة. لا يوجد مبرر واحد لوجود خلافات تفريقية، دينية أو مذهبية أو إيديولوجية أو مصلحية مؤقتة أو ظرفية أضطرارية، تجعل تلك الخطوة غير ممكنة. وليس بمستحيل في عصرنا الحالي إجراء عمليات إنتخابات ديموقراطية نزيهة لقيادات ذلك الجسم النضالي، وجعل تلك القيادات هي الوحيدة المتخذة لكل قرار يمس حاضر ومستقبل فلسطين، بما فيها، وفي الحال، إنهاء كل ما قامت عليه أو وقّعته أو وعدت به القيادات السابقة باسم إتفاقية خديعة أوسلو.

وفي الحال الإنتقال لإيقاف أي تنسيق أمني مع سلطات الكيان الصهيوني أو إتصال سياسي أو مناقشات جانبية مع أية دولة أو كتلة أو هيئة الأمم إلا بواسطة وإشراف القيادة الجديدة.

ثانياً: الإعلان والإلتزام بنضال تحريري متعدد الوجوه لتحقيق هدف واحد، ولا غير ذلك، وهو قيام دولة فلسطين الديموقراطية الواحدة للعرب الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين ولليهود القاطنين فلسطين حالياً والراغبين في أن يكونوا من مواطني الدولة الجديدة، وبشرط تخليهم نهائياً عن الفكر الصهيوني وأحلامه التوسعية الأساطيرية.

ثالثاً: قيام مؤسستي القمة العربية والجامعة العربية، وإن أمكن منظمة التعاون الإسلامي، باعتبار تلك السلطة المنتخبة سلطة تحرر من الإستعمار وسلطة حكومة مؤقتة إلى حين قيام دولة فلسطين الموحدة وانتخاب حكومة جديدة تمثل جميع سكانها، مع التزام تلك المؤسسات بدعم المقاومة مالياً وسياسياً ومعنوياً ولوجستياً.

رابعاً: مبادرة القوى المدنية العربية النضالية بتكوين شبكة عمل عربي شعبي، كجزء من كتلة عربية نضالية تاريخية، يكون أحد أهدافها مقاومة المشروع الصهيوني والقوى الداعمة له، وتكوين رأي عام عربي ودولي لمساندة مقاومة الشعب الفلسطيني والعربي في فلسطين المحتلة، وللضغط على أي نظام عربي يمارس الشطط أو الإنتهازية أو الخضوع للخارج في تعامله مع الموضوع الفلسطيني.

آن للموضوع الفلسطيني أن يخرج من الدوران المنهك الممل في دائرة الكلام المكرر، ومهرجانات الإحتجاجات التنفيسية المعادة، وانتظار تغير الحكومات والأشخاص والأجواء الدولية للحصول على هذا المكسب الصغير أو ذاك. ذلك أن العقود السبعة الماضية أثبتت أننا أمام حركة فاشستية استئصالية، تحمل أخطاراً وجودية متعاظمة لكل العرب، بعون من قبل القوى الإستعمارية الغربية الكبرى والكثير من مؤسساتها الدينية الأصولية المتعاطفة مع الأساطير والادعاءات الدينية العبرية، مما يستدعي إجراء تغييرات جذرية في أهداف الحركة التحريرية الفلسطينية وفي تكويناتها النضالية وفي وسائل عملها النضالي الشامل.

الرد على تعاظم الهمجية الإرهابية الصهيونية هو الإنتقال إلى الفعل الاستراتيجي المتعدد المتناسق، على المستوى الفلسطيني وعلى مستوى الأمة العربية كلها، لا إضافة المزيد من الكلمات والتعبيرات والدموع.