د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل تضرب المناطقية النسيج الجنوبي من جديد ؟!َ!

بعث لي صديقي المصعبي ما جاء في رسالة العميد خالد النسي الذي يقول مخاطبا المجلس الانتقالي :( أقصيتم أبناء أبين وتعاملتم معهم باستفزاز حتى أصبحوا غرباء داخل عدن ورحبتم برشاد العليمي وطارق ومعين والعرادة ليصبحوا حكاما داخل عدن والنتيجة يتم استقطاب ابناء أبين ليكونوا وقود حرب جنوبية - جنوبية قادمة ، الاقصاء خطاء والارتماء في حضن العدو ايضاً خطاء ، الجميع أخطأ وسيدفع الثمن)·
لقد عقدت الدهشة لساني وقلمي مما سبق ذكره أعلاه وأضم صوتي للعميد خالد وأقول : المفترض أن نتعلم من التاريخ وعواصف الدهر التي طحنتنا في الجنوب ونكف عن الفرز المناطقي ونحاول نسيان الماضي وعدم تقليب مواجعنا التي تدمي القلب كلما تذكرناها فما بال البعض لا زالوا يعيدون تدوير أحداثها، إن ما يجمعنا كشعب جنوبي أكثر مما يفرقنا فمذهبنا شافعي سني واحد كما يجمعنا النسب الواحد في الأغلب الأعم ناهيك عن القواسم المشتركة في الدين واللغة والعادات والتقاليد وبناء على ما تقدم فإنني أطالب الكتاب والمثقفين الشعبويين عدم اللعب على وتر المناطقية والمذهبية والقبلية ومحاربة الآراء والطروحات الشاذة التي تمزق نسيجنا الاجتماعي والتعايش كما كان أسلافنا عبر السنين . إن بعض المثقفين والكتاب باتوا اليوم يبحثون عما يلقى رواجاً وإثارة واهتماماً لدى رجل الشارع بغض النظر عن مصداقية ما يطرحونه بحثاً عن إعجاب العوام وتصفيق الدهماء.
إن الحصول على شعبية رخيصة هي قمة الابتذال الثقافي، والبحث عن تصفيق شعبي لمجرد التصفيق هو بلاهة واستخفاف بعقلية المتلقي والتلون المتعمد في المواقف والرؤى .
وهنا نتساءل : بعد كل الذي عانيناه ، ما الذي تغير؟ وما الذي حدث؟ ولماذا الآن خاصة وبلادنا ( الجنوب العربي ) يواجه تحديات ومخاطر وجودية ؟ هل الأمر يتعلق بالبحث عن مكاسب وما شابه باستغلال القضايا الوطنية والتكسب من ورائها؟
تساؤلات كثيرة ومشروعة تبحث عن إجابة ؟
شيء آخر لا يقل خطورة ويتعلق بلغة غير لائقة تتردد في مواقع التواصل الاجتماعي وفيها نغمة تشرخ النسيج المجتمعي نتحدث هنا بشيء من الصراحة، نسمع البعض يصنف الجنوب بمصطلحات مناطقية – عنصرية وهم لا زالوا ينفخون في مواقد الرماد التي خمدت براكينها منذ عقود ويحاولون استدعاء أحداثا مأساوية لا زالت تسكن الذاكرة الجنوبية مثل أحداث 13 يناير وغيرها من الصراعات الجنوبية منذ صبيحة الاستقلال وحتى اليوم وهنا أسأل :
هل ننكر أن الموروث القبلي لا زال يشكل جزءاً من ثقافة المجتمع الجنوبي ،لاسيما في ظل عدم وجود قانون يجرم القبلية والمناطقية واستخدامها ضد المجتمع لهدمه وتدميره ؟
الحقيقة بجب أن نعترف أن لها سلبيات لا زالت تمثل أوبئة اجتماعية مقيتة وضيق أفق يصيب النسيج الوطني فيمزقه ويفتته، مع أن الدين الحنيف يؤكد على المساواة. ولكن عندما تتم التفرقة أو الازدراء أو التفضيل بسبب الجنس أو اللون أو العرق أو القبيلة فإن ذلك يعني تعصباً وانتقاصاً بقيمة هذا الإنسان وانتهاكاً لحقوقه، ما يعني أنها وبصراحة عنصرية بغيضة ترسخ مفهوم التمييز بين الناس، ولذا لا يمكن كبح الكلام الجارح الذي يتلفظ به الإنسان ظلماً وفجوراً وقلّة أدب مع الآخر والإشارات والكلمات التي تنطوي على تحقير الآخرين أو الانتقاص منهم أو تحقيرهم أو معايرتهم بصفة أو نسب أو عرق أو لون على سبيل التهكم والسخرية يرفضها الدين والمرؤة !!
هناك ألفاظ عرقية مخجلة متداولة تتعلق بالنسب واللون فضلاً عن عقدة التفوق والشعور بالاستعلائية على الآخرين أو تسخر من الانتماء لهذه المنطقة أو تلك أو هذه القبيلة أو تلك.
ولذا فعلى الكتاب والمثقفين الشعبويين عدم اللعب على وتر المناطقية والقبلية ومحاربة الآراء والطروحات الشاذة. علينا النظر إلى بعضنا البعض على أننا متساوون في الحقوق والواجبات. يجب أن نستشعر أن هناك مخاطر محدقة تواجه البلاد، فالتراب الوطني مهدد عبر استخدام مفردات العنصرية والشعبوية ، والتجزئة والضم والالحاق والتصنيف ودعوات التخوين، والإقصاء كلها دعوات هدامه لتفتيت الجنوب وإثارة الفتنة فيه .
إن كل العوامل السلبية المذكورة أعلاه وتجريمها بشتى أنواعها سيعزز وحدتنا الوطنية من ناحية، ومن ناحية أخرى يقطع الطريق على مشروعات الأعداء في صب الزيت على النار لتهشيم النسيج المجتمعي لاختراقه وتنفيذ أجندتها.

د. علوي عمر بن فريد