محمد خلفان يكتب:
قُتِل إرهابيٌّ.. ماذا عن فكره؟
هل يمكن لنا أن نتفاءل ونجد العالم كله قد نجح يوماً في القضاء على فكر التنظيمات الإرهابية بدلاً من الاكتفاء بقتل رموزها بعد أن “يفرخوا” من يحمل منهجهم التكفيري؟
هذا السؤال يثيره مقتل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة قبل أيام بغارة أميركية في العاصمة الأفغانية كابول، فالمثير في الأمر أنه منذ إعدام واضع النظرية التكفيرية سيد قطب في العام 1966 إلى اليوم، هناك العديد من الشخصيات التكفيرية التي قُتلت منها على سبيل المثال: أسامة بن لادن مؤسس القاعدة، وأبوبكر البغدادي زعيم تنظيم “داعش” وأبومصعب الزرقاوي، لكن هل فعلاً بات العالم الآن، كما جاء في بيان البيت الأبيض، أكثر أماناً؟
الخلاص النهائي من فكر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي المتطرف الذي عانت منه المجتمعات الإنسانية كلها، هو الحل الوحيد لتحقيق استقرار في العديد من دول العالم، عندها يمكن القول إن العالم أصبح أكثر أماناً. مع أن التخلص منه صعب، لكن على الأقل أن يجري التضييق عليه.
أما الحديث عن قتل إرهابي هنا أو هناك، حتى ولو كان بحجم أيمن الظواهري، الذي ظن الكثيرون أنه قد مات أصلاً، فمردوده نفسي يهدف إلى كسر معنويات أتباعه والمتعاطفين مع فكره وهم كثر في العالم، لذلك استدرك بيان البيت الأبيض وحذر من عمليات ثأرية قد يقومون بها.
ومع احتمال أن يكون مقتل الظاهري بمثابة “قربان سياسي” يريد الرئيس الأميركي جو بايدن أن يقدمه للأميركيين باعتباره إنجازا سياسيا له يدخل به الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي خلال نوفمبر القادم، أكثر منه الحديث عن نهاية هذا التنظيم الذي يتكاثر ويفرخ تنظيمات أخرى في العديد من دول العالم.
الخلاص النهائي من فكر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي المتطرف الذي عانت منه المجتمعات الإنسانية كلها، هو الحل الوحيد لتحقيق استقرار في العديد من دول العالم
سيبقى مردود سياسة مكافحة الإرهاب والتطرف فقيراً ولا يرقى إلى الجهد المفروض للقضاء على هذا الفكر، ليس لأن الولايات المتحدة لا تستطيع التخلص من هذا الفكر، بل لأنها لا تريد في حقيقة الأمر ذلك. هناك قاعدة سياسية تقول: إن الولايات المتحدة إذا أرادت أن تفعل شيئاً في العالم تفعله. أعتقد أن هذه المقولة فيها شيء من الصحة والدليل أنها صنفت الحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي “والإخوان” لا يقلون خطورة ولكنها هي لا تريد ذلك ربما لأنهم ما زالوا ورقة سياسية صالحة للاستخدام الأميركي حتى الآن.
منهجان اثنان للتخلص من هؤلاء الإرهابيين الذين تسببوا في تدمير المجتمعات الإنسانية وأساؤوا بتفسيراتهم الضيقة لمقاصد الدين الإسلامي بعد أن قسموا الناس إلى أتباع ومريدين لهم، وهؤلاء من أصحاب العقيدة الصحيحة ومن الناجين معهم. والمجموعة الأخرى أعداء لا بد من تخليص العالم منهم، لأن فكرهم ضال ولا يستحقون العيش.
المنهج الأول: هو التضييق على الفكر “الأم” الذي أرضع هذه التنظيمات الإرهابية الإسلامية، وهو فكر الإخوان المسلمين الذين يتخذون من المجتمعات الغربية ملاذاً لهم ليس حباً فيها، ولكن احتماء وساحة للتخطيط ضد المجتمعات العربية والمسلمة، فمحاربتهم الواقعية تبدأ بأن يتخذ الرئيس الأميركي قراراً بتصنيفهم ضمن قائمة الإرهاب.
المنهج الثاني: رغم أهمية قتل الرموز إلا أنه لا يكفي التركيز في “فلسفة” محاربة التطرف لأن هناك في المجتمعات تفاصيل صغيرة قد لا تكون واضحة مثل رموز الإرهابيين الذين يتم قنصهم حسب الرغبة السياسية (أو هكذا أفهم أنا) هؤلاء هم “الوقود الكامن”، إلا أن بجانب ذلك القتل المادي والمعنوي، يجب تتبع مصادر التمويل العالمية لهم واستثماراتهم هناك وحتى الدعم الإعلامي بالإضافة إلى دحض ما جاء في كتبهم التي ما يزال البعض يستقي منها تفسيراته للحياة الإنسانية والتعايش.
ماذا نريد من كل هذا الكلام؟
الإحساس بالإنجاز بعد قتل أي إرهابي شيء يفرح ويسعد دعاة السلام في العالم، خاصة إذا كان الإرهابي بوزن أيمن الظواهري أو البغدادي وغيرهما؛ لأن ذلك يؤكد استمرارية الجهود الدولية والرغبة في مكافحة التطرف والإرهاب بهدف القضاء عليه كاملا. لكن علينا أن نتأكد أن الإنجاز الأكبر يكون بتزامن هذا النهج مع البدء في التضييق على التنظيم “الأم” فكل الذين قتلتهم الولايات المتحدة من الزعماء الإرهابيين إما أنهم خرجوا، أو تخرجوا، من رحم مدرسة تنظيم “الإخوان”.