افتتاحية الخليج:
الإمارات والعالم
قد تكون دولة الإمارات العربية المتحدة إحدى أكثر الدول ارتباطاً بالعالم، بالدبلوماسية كما هي بالعلاقات التجارية، فضلاً عن شبكة الربط الجوية غير المسبوقة لمطاراتها والبحرية لموانئها.
الإمارات التي لديها علاقات راسخة مع العالم غرباً وشرقاً، شمالاً وجنوباً، تعيش أزهى أيامها اليوم في مسيرة تنموية متواصلة مترابطة منذ ما يقرب من 51 عاماً، تطورت خلالها أدوات التنمية، فأمسكت بيد الابتكار والتطوير، وارتقت بسلم التنمية الشاملة، لتنتقل بسلاسة من مرحلة إلى أخرى، وصولاً إلى علوم الفضاء وتكنولوجيا المستقبل.
وفيما شهد العالم ما شهد طوال العقود الخمسة الماضية، من تقلبات جيوسياسية وتغيير في الموازين، وصراعات وحروب لم ولن تنته، كانت دولة الإمارات منهمكة في البناء والتطوير والتحديث، لا بل وتحث دول المنطقة والعالم على البناء والتنمية، في سبيل النهوض بالمجتمعات.
مطلع الأسبوع الجاري، كشفت بيانات وزارة المالية أن الإنفاق الحكومي في الإمارات ارتفع 19.6% إلى 87.4 مليار درهم في الربع الأول من العام الجاري، بعد نمو قوي في الإيرادات بنسبة 39% إلى 123.8 مليار درهم. أي أن الإنفاق الحكومي زاد 14.34 مليار درهم في الأشهر الثلاثة الأولى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
رسالة الإمارات أن مسار التنمية لا يتوقف، وأن ارتفاع الإيرادات المالية ينعكس فوراً ارتفاعاً في الإنفاق لرفد قنوات الاقتصاد بالسيولة اللازمة للتطوير والتحفيز، فلا يزال المشوار طويلاً والأحلام كثيرة.
العالم الذي يعيش اليوم حروباً وأزمات سياسية وتحديات اقتصادية ومناخية، أمامه نموذج وصورة مشرقة لمن يريد الاستفادة منها. صورة البناء الذي بات مع كلمة الإمارات صنوين.. نموذج يتبنى الابتكار بعد المعرفة، والمستقبل بعد التكنولوجيا.. يراهن على الكوادر البشرية للتقدّم، ومثاله في ذلك رحلة المريخ التي بدأت من حيث انتهى الآخر، والهدف الأرقى والأسمى، خدمة البشرية جمعاء.
نموذج الإمارات العربية المتحدة لا يقف عند التعايش والإخاء الذي يجمع أكثر من 200 جنسية في سلام ومحبة، ولا يقف عند مد يد العون للشعوب الشقيقة والصديقة.. فعلم الإمارات مرادف للخير في كل بلد عربي من الماء إلى الماء، وحاضر في كل مكان منكوب من فيضان أو زلزال من الفلبين إلى هايتي.. علم للإنسانية.
نموذج الإمارات، يقدّم الشراكة على الصراع، وما مبادرة "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" التي تقودها الإمارات مع مصر والأردن وأخيراً البحرين إلا مثال على الحرص الإماراتي على التأسيس لعلاقات أكثر عمقاً وصلابة مع محيطها.. علاقة تقوم على الشراكة والاستفادة المتبادلة والاستثمار المشترك لمستقبل مستدام للأجيال المقبلة.
هذا هو مشهد الإمارات في وسط عالم منكوب بالخلافات والمؤامرات والحروب والأزمات.. مشهد يبعث على الأمل، ليضيء نفق العتمة الموحش، بإرادة البناء والشراكة، لأن التجربة الماثلة أمام الجميع خير دليل على أن تحقيق الأهداف الكبيرة يكون فقط بالانكباب على العمل وعدم الاكتفاء برفع الشعارات البراقة.. وبالقيادة الواعية صاحبة الرؤى والطموحات، المنسجمة مع تطلعات الشعوب التي تتوق إلى الحياة الكريمة والسعادة والرفاه.