ماريا معلوف تكتب:

سياسة ضبط النفس الأمريكية تجاه إيران

زادت الهجمات ضد القواعد العسكرية الأمريكية في الفترة الأخيرة.

ففي 24 أغسطس الماضي، تم استهداف القاعدتين العسكريتين الأمريكيتين في حقلي "العمر" و"كونكو" النفطيين بريف دير الزور في سوريا بقذائف صاروخية.

وقبلها في 15 أغسطس، أعلن الجيش الأمريكي استهداف هجوم بطائرات مسيّرة لموقع عسكري أمريكي بمنطقة "التنف" عند الحدود السورية-العراقية.

وردا على هذه الهجمات، شنّت القوات الأمريكية غاراتٍ جوية دقيقة، استهدفت منشآت البنية التحتية، التي تستخدمها الجماعات التابعة للحرس الثوري الإيراني.. وأسفرت هذه الغارات الأمريكية عن مقتل نحو ثلاثة من المسلحين الذين نفذوا إحدى هذه الهجمات.

من الملاحظ أن القوات الأمريكية انتشرت لأول مرة في سوريا خلال حملة إدارة أوباما ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، بالشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وتحتفظ الولايات المتحدة بنحو 900 جندي في سوريا، مقسمة بين قاعدة "التنف" وحقول النفط الشرقية للبلاد.

وتوجد القوات الأمريكية في سوريا بدافع "هزيمة داعش"، في إطار عملية "العزم الصُّلب"، التي حقّقت نجاحا ملحوظا، بعدما سيطر التنظيم الإرهابي في السابق على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا والعراق.

ونتيجة تصاعد الهجمات في الشمال السوري، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من الهجمات الأخيرة على طول الحدود الشمالية في سوريا، ودعت جميع الأطراف إلى الحفاظ على خطوط وقف إطلاق النار.

ونتيجة تزايد المخاوف الأمريكية من تصاعد الدعم الإيراني لمليشيات "الحوثي"، قدَّم الجنرال ستيفن تاونسند، القائد العسكري الأمريكي، تقريرًا إلى الكونجرس الأمريكي، يُحذر فيه الولايات المتحدة من الدعم المالي أو ما يطلق عليه "الأصول النقدية"، التي ستتحصل عليها إيران من الولايات المتحدة، بعد التوقيع على الاتفاق النووي الجديد.

ونظرا لتكرار تلك التحذيرات، والتي يتم تقديمها في صورة إحاطات إلى الكونجرس الأمريكي، عمل مشرّعون جمهوريون على تبني تشريعات من شأنها فرض قيود على الرئيس جو بايدن بشأن التوقيع على إعادة إحياء الاتفاق النووي، إلا إذا حصل الاتفاق على ثقة وتأييد المشرّعين الأمريكيين في الكونجرس.

وفي 25 أغسطس الماضي، أرسل الجيش الأمريكي رسالة واضحة إلى المليشيات المسلحة، التي تحاول إلحاق الأذى بالأمريكيين المتمركزين في سوريا، مفادها أن أفعالهم "يجب أن تتوقف".

وفي السياق ذاته، ذكر السكرتير الصحفي للبنتاجون، بات رايدر، أن تقييم الجيش الأمريكي هو أن هذه المجموعات المسلحة تختبر كيف يمكن للولايات المتحدة الرد على مهاجمة جنودها وأماكن تمركزهم، مشيرا إلى أنه بناءً على الضربات الأمريكية أرسلت الولايات المتحدة رسالة واضحة مفادها أن أي تهديد للقوات الأمريكية في سوريا أو في أي مكان "لن يتم التسامح معه".

ونظرًا للتطورات المتلاحقة في سوريا، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية أن القوات الأمريكية ملتزمة بضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم "داعش" الإرهابي، وتسوية الأزمة في سوريا سياسيا.

ورغم المفاوضات العديدة، التي أجرتها تركيا مع الولايات المتحدة لإيقاف أو تخفيض دعمها لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي تصنّفها تركيا "على قوائم الإرهاب" لديها، تستمر الولايات المتحدة حتى اليوم في دعم هذه القوات بهدف محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.

وفي الوقت ذاته، تهدد تركيا بشن عملية عسكرية لاستكمال إنشاء "المنطقة الآمنة" على طول الحدود السورية-التركية بعمق 30 كيلومترا، للوقوف ضد الأكراد في شمال سوريا، والذين تعتبرهم أنقرة "تهديدا لأمنها القومي".

في النهاية، يتضح أن الولايات المتحدة تتبع سياسة ضبط النفس خلال الهجمات المسلحة ضد قواتها في القواعد الأمريكية على الأرض السورية، حيث أكدت إدارة بايدن أن الولايات المتحدة لا تسعى لخوض صراع مع إيران، بالإضافة إلى أنها ستواصل اتخاذ إجراءات لحماية الشعب الأمريكي والدفاع عنه.