محمد خلفان يكتب:

الإنسان العربي هو الحائط الأول لصد الإخوان

أقل من شهر، بين جلسة حوارية نظمتها الصحف المحلية في دولة الإمارات على “فضاء تويتر” وكنت أحد المشاركين فيها بمداخلة حول مرور عقد على الفوضى التي خلقها تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وكانت بعنوان “طي العرب للحقبة السوداء”، وبين الإعلان عن جبهة جديدة خرجت من هذا التنظيم المتطرف وهو “تيار التغيير”، أو ما اصطلح عليه إعلامياً بـ”الكماليون” نسبة إلى مؤسس هذا التيار محمد كمال أحد القيادات الإخوانية المتشددة الذي قتل في 2016، بعدما كانت هناك جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، وجبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، واللذين اختلفا بطريقة أدت لأن يتهم كل طرف الطرف الآخر بالاختلاس المالي ومحاولة الانقلاب على الآخر.

الرائع في الموضوع، أن ردة فعل الرأي العام العربي كما رأيتها في وسائل الإعلام المختلفة على محاولة “إنتاج” جبهة إخوانية جديدة، وتوافقت مع الآراء التي طرحت في تلك الحلقة خلاصتها أن تلك الحقبة “ولت بلا رجعة” وتم تجاوزها، بل وجدت فيها دول عربية فرصا مواتية من بينها زيادة وعي الشعوب العربية بخطر هذه التنظيمات الإرهابية التي تستهدف الدولة الوطنية من خلال دغدغة المشاعر بواسطة الدين، حيث تم شن حملة إعلامية ضدهم ورفض ما جاء في الوثيقة الأولى لهذا التيار والتي تم التركيز فيها على القضية الفلسطينية التي اعتادت كل التنظيمات وأصحاب المشروعات التخريبية استغلالها والمتاجرة السياسية بها؛ والاتفاقية الحدودية بين إسرائيل ولبنان خير مثال.

الإعلان الإخواني الجديد كان بمثابة استطلاع رأي حول تقبل الرأي العام العربي فكانت النتيجة خيبة أمل جديدة لهم. ومع أن الحلقة التي عقدت في سبتمبر الماضي قذفت حجراً في المياه الإعلامية العربية الراكدة لفتح حوار نحتاجه، ليس من أجل التفاهم أو التقارب مع من هدد استقرار الدولة العربية، فهم والمتعاطفون معهم لم يعد لديهم مساحة أو فراغات فكرية لدى الإنسان العربي الذي بدأ يدافع عن وطنه، ولكن من أجل تعزيز المكاسب التي تم تحقيقها خلال هذه الحقبة على كافة المجالات. فإذا كانت مصر قد عالجت الأزمة في بدايتها بالأمن فهي اليوم تفتح حواراً وطنياً لتنظيف العقل من أي تعاطف مع المخربين.

أما تونس التي تغلق ملفات هذا التنظيم بخطوات قانونية وإجراءات دستورية، فهي تعطي انطباعاً أنها ستقضي عليهم وعلى أفكارهم. وفي المغرب الدولة التي تعرف كيف “تحرق” سياسياً من يحاول مسّ استقرارها الداخلي، فقد تمت تصفيتهم مجتمعياً.

بالمقارنة بين تفاصيل نقاش الحلقة التي طغى عليها التفاؤل حول المرحلة العربية القادمة وبين القراءة المعمقة في تفاصيل وثيقة تيار التغيير تخرج بنتيجتين اثنتين: النتيجة الأولى، بإمكانك أن تكتشف بسهولة أنها تحمل ألغاماً وقنابل موقوتة ضد المجتمعات العربية الآمنة وخاصة مصر، وتؤكد بوضوح أن فكر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية لا يمكن أن يتغير وستظل “الجماعة” كما كانت إرهابية، وأن أيّ تشكل جديد هو محاولة للالتفاف على أبناء المجتمع العربي.

النتيجة الثانية، أهمية استنفار الشارع العربي دائما من خلال التوعية الدائمة والتحذير المستمر من مخاطر هذا التنظيم الذي يحاول العودة بطرق ملتوية، فالحرب الفكرية من الصعب القضاء عليها في فترة زمنية محدودة ولكن تحصين المجتمع هو العلاج الحقيقي. ببساطة الوثيقة تندرج ضمن الوسائل أو الحيل التي يحاول بها الإخوان مغازلة الشعب العربي، لكن حالة الوعي التي أبرزتها مواقف المصريين وردة فعلهم من الوثيقة أكدت عن كشفهم وفضحهم لحالة القبح وبشاعة الفكر الإخواني المتأصل لديهم بعدما استعادوا وطنهم.

إضافة إلى كل ما سبق، تبقى المراهنة على ما تم تحقيقه من مكاسب مجتمعية ووطنية وعلى رأسها النهوض بالإنسان العربي هي الأرضية التي يمكن الاستناد عليها مع بعض الإجراءات التي تعيد له الأمل فهو محب لوطنه، وبالتالي هو الحائط الأول لمحاربة أيّ فكر مستورد، لذا لا عزاء للمتعاطفين ولا لمن يحاولون العودة إلى تخريب الأوطان.