د. صبري عفيف العلوي يكتب:
مجلس القيادة الرئاسي.. محاولات إنقاذ التنظيمات الإرهابية الدولية في اليمن
بعد أن نفذ الصبر، وتجلت كل الأقنعة، يتوجب أن نكشف الحقيقة كلها، رغم أنها واضحة ومتجلية لكثير من الناس الذين يدركون أن قوى نظام صنعاء كلهم أجمعين حلف واحد، فمهما تباينت الآراء، فمبدئي " التقية والسلطة" يجمعهم على كلمة سواء، وهذا ما يشهده التاريخ منذ 1000 سنة مضت، فهم يتبادلون الأدوار في سبيل تحقيق أهدافهم الاستراتيجية المرسومة سلفا.
ولو نظرنا إلى الأحداث القريبة جدا، فمنذ بداية الحرب هذه إلى الآن نرى بأنها بين طرفين، شمالي وجنوبي، وما يؤكد ذلك مسرح عملياتها العسكرية والإرهابية والاقتصادية والخدمية في الجنوب كلها، ولم نر حربا هناك لا عسكرية ولا اقتصادية ولا إرهابية، وأن وجدت بعض المناوشات الإعلامية ما هي إلا لذر الرماد على العيون ليس إلا.
وفي سبيل إثبات ما أقول تعالى معي أيها القارئ الكريم لنرى أحداثا برزت بعد تشكيل المجلس الرئاسي، الذي شكل لأهداف واضحة، فأول إجراء قانوني ودستوري أقدم عليه المدعو حمود الهتار، بتلغيم مسودة تنظيم عمل المجلس الرئاسي، حيث نصت بعض مواده على الآتي:
" مادة (١١): يضع مجلس القيادة الرئاسي استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب في كافة أنحاء الجمهورية مع مراعاة الآتي:
1- إجراء الحوار والمناصحة مع المتطرفين الذين لم يرتكبوا أعمالاً جنائية
يعاقب عليها القانون لإزالة الأفكار المتطرفة.
۲- اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية، وإحالتهم للتحقيق والمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل.
3- إصدار قانون مكافحة الإرهاب.
4- تعزيز علاقات التعاون المحلي والإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب طبقا لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات التي تعد اليمن طرفا فيها"
فهذه المادة تعد أعترافا رسميا بأن لا قانون لمكافحة الإرهاب في اليمن يعد اليمن أخطر البلدان في العالم، لكون المشرع اليمني هو البيئة الحاضنة للإرهاب، وهذا المنهج الذي انتجهه الهتار منذ عام 94 م حين جعل قانونه الحوار والمناصحة وأصبح المحامي القانوني والجواز الدولي لسفر هؤلاء الإرهابيين عبر القارات .
علما أن الفقرة رقم(3) تنص على أن يصدر قانون مكافحة الإرهاب وهذا الأمر الذي عارضه الهتار وكتلة الإخوان في بنود وثيقة العهد والاتفاق ومن ثم جلسة مجلس النواب في 2001م عندما فرضته اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر ومن هذا المنطلق كيف لهذه المسودة التي تزعم بمحاكمة متطرفي الإرهاب مادام القانون اليمني لمكافحة الارهاب غير موجود أصلا، بل القانون اليمني هو من يشرع للإرهاب.
مادة (١٢): نصت أن يتولى مجلس القيادة الرئاسي التفاوض مع (أنصار الله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل
إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية من حالة الحرب إلى حالة السلام.
وفي المادة رقم 12 وصف أن الحوار مع (أنصار الله) وكأنهم كتلة سياسية تحكم اليمن وليس عصابات ومليشيات إرهابية تستهدف شعبي اليمني.
ومن هنا يبرز التناقض، فكلما حاول المجلس الانتقالي الجنوبي مساندتهم لتحرير صنعاء تثاقلوا ولذات ألسنتهم بالكذب والبهتان على قيادة التحالف العربي، وعندما أقدمت القوات المسلحة الجنوبية وبمناصرة شعب الجنوب على تحرير محافظتي أبين وشبوة من عناصر التنظيمات الإرهابية التي تحتمي تحت مسمى القوات العسكرية للشرعية اليمنية، استنفر المجلس قواه واحتج بأكثر من طريقة في سبيل حماية تلك المليشيات المتطرفة، ومارسوا ضغوطا كثيرة ضد قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، لاسيما حين أيقنوا پان الهدف القادم هو تطهير حضرموت الوادي والصحراء، وما مليونية الخلاص الجنوبية الحضرمية إلا بوابة للتشريع الشعبي.
لم يقف المجلس الرئاسي(فرع الإخوان) المخترق صامتا، بل سعى إلى تعطيل الهدنة مع الطرف الآخر في سبيل خلط الأوراق، وصرف نظر المجتمع الدولي والعالم عن الانتصارات المتتالية التي حققها المجلس الانتقالي في تطهير الجنوب من التنظيمات الإرهابية الدولية في اليمن، ولم يقف الرئاسي اليمني هنا، بل أعطى الضوء الأخضر للآخر الحليف( أنصار الله) كما يحلو لهم أن يسموها، بأن يهدد ويستهدف المنشآت الحيوية في الجنوب، التي لم تستهدف في ذروة الصراع العسكري ومنذ انطلاق الحرب عندما كان يصل إليهم نصيب الأسد منها، وعندما كانت أول دفعة نفطية ستصل إلى رئيس خزان الأرض (عيدروس الزبيدي) عطلوها عمدا.
وما جاء في بيانهم المشبوه قبل بضعة أيام بتصنيف الحوثيين تنظيم إرهابي وگأن تلك السنوات العجاف التي تحرعها شعبي اليمن، ما هي إلا بروفة أو فرقعات نارية لاحتفالات الأطفال.
أي عقل سياسي يقبل تلك السياسات المفضوحة، أي فائدة مرجوة والعدو المنتصر بدعمهم، أصبح أكثر تنظيما وتسلحيا وقوة بعد أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، وصار ضعيفا، بل أوهن من بيت العنكبوت.
الآن نطقتم كفرا بعد أن صمتم عقدا من الزمن؟
نعم أن الكل يدرك في الجنوب أن البيان رقم (1) ما هو إلا سرابا بالنسبة للحوثي، وما هدفه الرئيس إلا حماية تلك التنظيمات الإرهابية الدولية في اليمن بشقيها الحوثي والإخوانية، وتوفير الغطاء لها وتشتيت الرأي العام الذي بدأ يتشكل لدى صانعي القرار السياسي العربي والدولي عن خطورة تلك التنظيمات على السلم والأمن الدوليين.
مما سبق ندعو صانعي القرار السياسي العربي أولا وصانعي القرار السياسي الجنوبي ثانيا إلى الحزم في الأمر وكشف تلك التحالفات التي تنتهجها قوى صنعاء ضد المشروع العربي وشعب الجنوب، وتفكيك تلك الاستراتيجية التي رسمت منذ بداية الحرب من قبل قوى أقليمية معروفة للجميع.
لا فرق بين الاثنين كليهما خرجا من ايديوجيا التكفير وشعار الوحدة أو الموت ذلك الشعار المنفعي الذي دمر كل شيء جميل في اليمن شماله وجنوبه، نعم أن الإرهاب لا دينه، لكن أن دققنا البحث عن موطنه الأصلي، لوجدناه في قلوب المنافقين الذين يجعلون من الدين غطاء، لتحقيق مصالح شخصية دنيوية زائلة، وذلك ليس أدعاء أو بهتان، بل إنها الحقيقة بعينها، فعجبا لمن لا يرى تلك الحقيقة كما هي!!
الكل شاهد صورة ذلك الشيخ الضال عبد المجيد الزنداني، حين ألتقى بعدد من أعضاء طالبان في عاصمة الخلافة أنقرة، وتلك الصورة استدعت تاريخ الرجل عندما هاجر مجاهدا في التسعينيات من القرن الماضي، هو ورفيقه عبدالله بن حين الأحمر حين ذهبا إلى أفغانستان للقاء بأمير المؤمنين عبدالله حزام، لتجهيز المقاتلين في سبيل عقد الصفقة لغزو الجنوب.
لا فرق إذن بين طائرات الارهاب المسيرة، وسيارات وأحزمة الإخوان المفخخة، تعال معي أخي القارئ لنرى لغة الأرقام لكي أمنحك البرهان والدليل القاطع عما أقوله.
إليك عزيزي الكريم احصائيات للعمليات الإرهابية التي نفذتها مسيرات الحوثي ومفخخات الإخواني، لمدة (6) سنوات، لقد تصدرت هجمات الطيران المسير للحوثيين المشهد منذ عام 2016م حيث بلغ عددها وفقا لبيان التحالف( 313) هجوما كان 60 منها استهدف منشآت سعودية إماراتية، و(190) طائرة تم اعتراضها بينما نفذت ( 40) عملية في النطاق اليمني, وكانت العمليات التي استهدفت مدن الجنوب المحررة بلغت (23) عملية.
ومقارنة مع العمليات الانتحاريةالتي تشنها التنظيمات الإرهابية والإخوانية التي بلغت منذ عام 2016 - 2022م في العاصمة عدن فقط (63) عملية انتحارية بسيارة مفخخة وحزام ذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى.
ما يؤسف حقا هو أن نرى من يصنعوا ويخططوا للإرهاب في مأمن من العقاب، ولم تلاحقهم عداله القانون بعد،