محمد فيصل الدوسري يكتب:
الإمارات.. حاضنة الأخوة الإنسانية
شكّل موقف دولة الإمارات تجاه تصريحات جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، ما يجب أن تكون عليه مواقف الأمم الفاعلة ضد العنصرية.
وكان "بوريل" وصف أوروبا بـ"الحديقة" وما سواها بـ"الأدغال"، قبل أن يعتذر عن التصريحات، خصوصا بعد استدعاء وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، في دلالة على موقف دولة الإمارات الشجاع والرافض لكل أشكال التمييز والعنصرية، وهو منهج يعكس النموذج الإماراتي للتسامح والتعايش، في دولة تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف الثقافات والأديان على أرضها.
إن العالم اليوم يمر بأزمات وتحديات معقدة، وفي أشد الحاجة إلى تأكيد أهمية التعايش كلُغة عالمية في مواجهة لغة الكراهية.. ومن السهل الحديث عن القيم الإنسانية كأقوال، دون تطبيقها كأفعال، وقوة الأمم الفاعلة وحقيقة مفاهيمها النبيلة تظهر في الأوقات الشديدة، وعند الحديث مثلا عن جائحة "كوفيد-19"، راقب العالم موقف الاتحاد الأوروبي المتباطئ مع الدول الأوروبية، التي عانت من الجائحة، فجاءت أولى المساعدات لأوروبا من خارج أوروبا، وشكّلت دولة الإمارات وحدها 80% من الاستجابة الدولية للدول المتضررة خلال الجائحة، بحسب منظمة الصحة العالمية، بما فيها أوروبا، أو "الحديقة"، كما يقول "بوريل".
لم تقبل الدبلوماسية الإماراتية النزعة العنصرية في تصريحات مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، والذي كان يقوم بتوجيه الدبلوماسيين الجدد في الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية إلى انطلاق عملهم الدبلوماسي المستقبلي عبر لغة تمييز وكراهية، ما يعكس دور الإمارات الفاعل، كونها صانعة سلام، وحاضنة للحوار بين مختلف الحضارات والأديان والشعوب، ما جعلها تواجه خطاب الكراهية والتمييز بكل حزم.
لقد اتخذت دولة الإمارات منهج التسامح والتعايش كنموذج، ووسمت به القرار السياسي وأنظمتها وقوانينها المحلية، لتكون الأخوة الإنسانية هي المعيار لتعاملها مع دول العالم دون تمييز، وذلك لابتعاد دبلوماسية الإمارات عن سياسة المحاور والتحالفات.
لذلك، كان من الممكن أن تمر تصريحات "بوريل" دون اعتراض أو ملاحظة، لو لم تلفت الإمارات انتباه الرأي العام العالمي لها، ما كشف عن ثقافة عنصرية لا تزال تجري في عقول نُخب سياسية وفكرية باسم نظريات التفوق والهيمنة، وهي مفاهيم عفا عليها الزمن، ولم يعد لها جدوى في عصرنا الحالي.
الموقف الإماراتي الراقي والصُّلب تجاه خطاب التمييز يؤكد عدم اتباعها منهج تكتلات الاتجاه الواحد، لأنها ترتبط بعلاقات مميزة مع دول العالم كافة، وفق مصالحها السياسية والاقتصادية، ولكون التجربة الإماراتية نموذجا دوليا لدولة استطاعت تحقيق نتائج استثنائية، فضلا عن تمسكها بقيم التعايش والتسامح وحاضنة للأخوة الإنسانية، من منطلق إيمانها بأهمية احترام الأديان والثقافات.. لذلك كانت الإمارات الدولة الوحيدة التي رفضت رسميا التصريحات العنصرية للمسؤول الأوروبي، وتطلب تفسيرا مكتوبا لما جاء على لسانه، ما قاده إلى الاعتذار.
ويُحسب لـ"بوريل" اعتذاره عن إطلاق هذه التصريحات، إذ أجرى اتصالا بسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية الإمارات، وتم خلال الاتصال استعراض أهمية تعزيز قيم التعددية والاحترام والتعايش السلمي، ما يعكس أهمية رفض المواقف التي تحرّض على الكراهية والتمييز، مهما كانت الجهة أو الشخصية التي تقف خلفها، من أجل تعزيز الأخوة الإنسانية والسلم العالمي.