د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الى أين تذهب بنا الخلافات العربية ؟!!
في طفولتنا ومطلع شبابنا كان جيلنا ومن سبقونا في العمر منذ مطلع القرن العشرين حتى الستينيات منه كانت أحلامنا جميعا تعانق السماء في نيل الاستقلال والتحرر من الاستعمار الأجنبي وتحقيق الوحدة العربية من جبال الأطلس حتى الخليج العربي ومن انطاكيه حتى عربستان في إيران وكانت قلوبنا موحدة رغم بعد المسافات ، واليوم وبعد قرن كامل من المعاناة وبعد كفاح مرير تمكن شعبنا العربي من التحرر من الاستعمار الأجنبي بعد ثورات وتضحيات وكفاح طويل ضربت فيه الجزائر أروع البطولات ولم يجاريها أحد في الوطن العربي كله عندما سقط من رجالها أكثر من مليون شهيد ، وها هي اليوم حرة عربية تجمع الشمل العربي في القمة العربية رقم 31 !!
والسؤال الذي يطرح نفسه علينا اليوم كيف أصبحنا معشر العرب اليوم وماذا تحقق من أحلامنا ؟؟!!
واقع الحال يقول : خلافات بين مصر والسودان وبين المغرب والجزائر وشبه قطيعة بين العراق وسوريا وخلافات بين لبنان وليبيا منذ عام 1978م حول اختفاء الإمام موسى الصدر ، خلافات بين فتح وحماس وتشرذم المنظمات الفلسطينية نزاعات وصراعات شملت العرب والكرد والأمازيغ ،والسنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين، وصراعات بين القوى السياسية في اليمن والعراق ولبنان وليبيا، وصلت إلى مستوى الحروب الأهلية والاستعانة بالأجانب وخلافات بين الزعامات والقيادات العربية والسياسيين وليس بين الشعوب !َ!
وهنا نسأل :
ما الذي يجعل السياسي العربي أنانيا تدميريا في خلافاته؟ لا يأبه بالوطن أو الشعب سواء كان زعيماً أو حزباً أو رئيساً لطائفة أو حتى رجل دين له عمامة كبيرة منغمس في السياسة؟
بل ولازال المعممون الشيعة حتى اليوم يرددون بعد الف عام : يا لثارات الحسين ؟!!!
وهم من خذله وتخلوا عنه في العراق وتنطبق عليهم قصة غزالة والحجاج عندما كان الحجاج بن يوسف الثقفي أميراً على العراق من قبل عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي وكان ظالماً سفاحاً معروف بسفك الدماء خصوصاً اتباع اهل البيت إذ أكثر فيهم التقتيل والتنكيل والتهجير وكان من جراء ذلك ان كرهه الناس وثاروا عليه بثورات متعددة كثورة ابن الأشعث ،وثورة شبيب الخارجي. وكان لشبيب زوجة قوية شجاعة اسمها (غزالة) كانت تقود الخوارج في معاركهم مع الحجاج، فأقسمت (غزالة)ذات يوم أنها ستصلي ركعتين في مسجد الكوفة، وبراً بقسمها هاجمت الكوفة ثم دخلتها ، فهرب الحجاج منها وتحصن في قصر الامارة، فدخلت غزالة مسجد الكوفة فصلت فيه ركعتين وبرت بقسمها
فاستهجن الناس جبن الحجاج وخوفه من ملاقاة امرأة، فقال شاعر الخوارج :
أسد علي وفي الحروب نعامة**فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت الى غزالة في الوغى**أم كان قلبك في جناحي طائر
فاستحسن الناس قوله كرهاً بالحجاج ونكاية به وذهب ذلك القول مثلاً، فما الذي يجعل السياسي العربي لا يتردد إزاء تمزيق بلده أو تقسيمها أو استنزاف مواردها؟ مقابل البقاء في السلطة أو عدم التوافق أو حتى التوسط والتنازل للطرف الوطني الآخر؟
بينما على الجانب الآخر من البحر المتوسط والمحيط الأطلسي يتنازل الزعيم الأجنبي تلقائيا ؟ لماذا يسلم البريطاني والأميركي والألماني والفرنسي والياباني السلطة والقيادة في الدولة أو الحزب لغيره من الناس دون أن يشعر بالخسارة أو “بالإهانة” كما هو الحال عند العرب؟
لماذا لا يلجؤون إلى تزوير الانتخابات وإلى التحايل على إرادة شعوبهم؟
بينما العرب لا يأمن أحد إلى نزاهة الانتخابات إلاّ فيما ندر
ورغم العنتريات والحديث عن الاقتصادات والثروات والفرص بل والأوطان فإن المنطقة العربية بأسرها في حالة هزيمة.
والسؤال الكبير هو : متى نحول الهزيمة الى نصر؟!!
د. علوي عمر بن فريد