حيدر حسين سويري يكتب لـ(اليوم الثامن):
نهاية المقدس في السياسة العراقية
مع بداية ثورة تشرين الخالدة، بالرغم من اختراقها من قبل تنظيمات الأحزاب الفاسدة ثم اسقاطها، الا انها أسست لفكرة (نهاية المقدس في السياسة العراقية)، وتعتبر الشرارة الأولى لظهور طبقة شباب سياسي مثقف واعي مستقل، مع قلته لكنه سيتكاثر وينمو ثم يحكم بالمستقبل القريب على ما نعتقد.
ابن الجنوب بدا لا يريد أن يحكمه ابن كاظمية بغداد او ابن النجف او كربلاء، فهم ليسوا بأفضل منه في شيء، كما كان يعتقد جده وابوه في الازمان السابقة، ويقدسونهم مما جعل الآخر يراهم أقل منهُ وتعامل معهم على هذا الشكل، هذا المفهوم بدأ ينمو عند بعض الجنوبيين، وسوف يكبر ويكبر، حتى يصل إلى مرحلة أنهم ليسوا بحاجة إلى أي زعيم سياسي (مقدس). الأمور بدأت بالتغير. فأهلاً بالتغيير...
لست بصدد التأسيس لفتنة مناطقية أبداً، لكن هذا ما أقرأه من أفكار واطروحات ابن الجنوب، فهو يرى انه مشارك في جميع الأمور الوطنية، السياسية منها والاجتماعية والأدبية والفكرية والاقتصادية وغيرها، ولعل أبرزها العسكرية، فغالبية أبناء الجيش والحشد الشعبي هم من الجنوب، لكنه بالرغم من ذلك يعيش كمواطن من الدرجة الثانية او اقل، لا ذنب له الا طيبة قلبه وسذاجته أحيانا امام ما يظنه مقدساً.
سينتهي كل هذا بعد أن يضع ابن الجنوب بصمته داخل قبة البرلمان، كذلك حين يمسك وزارة او زمام الأمور كمحافظ في محافظته، إن هذا سيكون بتكاتف أبناء الجنوب ووعيهم، من خلال قيامهم بإنشاء وتكوين أحزاب وتكتلات جديدة، بعيدة كل البعد عن الشخصيات السياسة القديمة والمستعملة، كذلك تبتعد في أيدولوجيتها وبرنامجها السياسي وسياقاتها التنظيمية عما موجود حاليا على الساحة السياسية الحزبية العراقية، والمطالبة بحقوقهم وفق سياقات دستورية يفرضها الواقع.
قد يتبادر الى ذهن القارئ أني أعمد الى جعل الجنوبي منفصلا عن باقي شرائح وطنه، لا أطلب ذلك البتة. لكن من حق الجنوبي ان يفكر كما يفكر ابن الشمال وابن الوسط، وان ينهض بمناطقه المنكوبة على مر العصور ولا ينتظر من الاخر الرحمة والعطف ورمي فتات ما تبقى وكأنه صاحب فضل؛ كلا، إن مناطق الجنوب ومحافظاته، سياحية تمتلك من المؤهلات ما يجعلها في مصاف المناطق سياحة المشهورة، كذلك هي تمتلك موارد تجعلها تقارع ما يجاورها من دول الخليج، بل قد تتفوق عليها.
كذلك انا لا اريد الطعن في مقدسات الاخرين، لكني لا أؤمن بالمقدس السياسي الذي يسرقني باسم التقديس، كالإمبراطور والقيصر والملك والخليفة وغيرها من هذه الترهات، التي يُنصب الانسان فيها نفسه كظلٍ للرب ونائب عنه؛ إن هذا ما ثار عليه أبو ذر الغفاري وغيره من الذين فهموا معنى المقدس ومعنى حق المخلوق وانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وان الناس صنفان اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.
بقي شيء...
إنما أنزل الله التشريعات والدين لخدمة الناس لا العكس. فافهم.