د. علي بن تميم يكتب:
محمد بن زايد في إندونيسيا.. زيارة استثنائية
لا يمكن النظر إلى افتتاح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، مسجد الشيخ زايد في مدينة سولو بإندونيسيا باعتباره حدثاً عادياً، فمن يقرأ الأحداث وما وراءها يلمس العديد من الرسائل التي تلقي الضوء على أهمية العلاقات الإماراتية الإندونيسية ومدى عمقها وتطورها.
المسجد الذي أنشئ بتوجيه من الشيخ محمد بن زايد يأتي بنفس التصميم الهندسي لجامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، ليكشف من جهة عن استمرار رسالة الإمارات في نشر قيم الإسلام الصحيحة والأخوة الإنسانية والتسامح في العالم كله، ومن جهة أخرى يوضح مدى عمق العلاقة بين البلدين، هذا العمق الذي لمسناه في الاحتفاء والاحتفال الشعبي والرسمي بزيارة رئيس الدولة بما له من مكانة كبيرة في قلوب الشعب الإندونيسي، وهو ما عكسته مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية المختلفة.
محطات أساسية
وهذا الاحتفاء ليس غريباً على العلاقات الإماراتية الإندونيسية، فقد بدأت قبل 46 عاماً، في 28 أكتوبر 1978 تحديداً، مع افتتاح السفارة الإندونيسية في أبوظبي، ولا ينسى الإندونيسيون زيارة المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، التاريخية إلى بلادهم في العام 1990، حيث كانت اللبنة الأساسية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين، لتتوطد بعدها عرى الصداقة والأخوة، والتعاون الثنائي بين البلدين، في زيارة الشيخ محمد بن زايد في 24 يوليو 2019 إلى جاكرتا التي تعتبر نقطة تحول هامة في مسار التعاون بين البلدين.
وقد ازدادت هذه العلاقات تماسكاً ومتانة مع توجيه الشيخ محمد بن زايد في مارس 2021 باستثمار 10 مليارات دولار في إندونيسيا لتصبح بذلك الإمارات أكبر مساهم في الصندوق السيادي، باستثمارها في قطاعات استراتيجية تشمل البنية التحتية والطرق والموانئ والسياحة والزراعة وغيرها من القطاعات الحيوية.
أخوة وصداقة
وأواصر الصداقة والأخوة بين زعيمي الإمارات وإندونيسيا ازدادت عمقاً حين وجه الشيخ محمد بن زايد في أكتوبر 2020 ببناء مسجد في حي السفارات بأبوظبي يحمل اسم الرئيس الإندونيسي، وإطلاق اسمه أيضاً على شارع المعارض سابقاً أحد أهم شوارع العاصمة أبوظبي وذلك تقديراً للصداقة التي تربط بين البلدين، وتجلت أيضاً في توجيه الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في أبريل 2021 بإطلاق اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على أطول شارع علوي معلق في إندونيسيا، والذي يعد أطول طريق سريع معلق مزدوج في جنوب شرق آسيا، ويربط العاصمة جاكرتا بأهم المدن والمناطق السياحية والاقتصادية الحيوية، وذلك تقديراً وتكريماً لسموه، وقد وصفه الرئيس الإندونيسي بقوله إن "الشيخ محمد بن زايد، رجل ذو رؤية حكيمة ومواقف سديدة وأشعر بالارتياح حيال التعاون معه وينعكس ذلك على العلاقات الوثيقة بين الدولتين".
وتأتي زيارة العمل التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى إندونيسيا للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين تلبية لدعوة من الرئيس جوكو ويدودو، لتبين بشكل أكبر الدور الحيوي الذي يؤديه سموه في تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين وتحويلها إلى شراكة استراتيجية، والحرص المشترك على مواصلة بناء علاقات البلدين للارتقاء بها إلى مجالات أرحب تواكب متطلبات التنمية المستدامة حاضراً ومستقبلاً.
كما تأتي هذه الزيارة والمشاركة في قمة مجموعة العشرين G20، بما لها من أبعاد سياسية واقتصادية، في إطار دور الشيخ محمد بن زايد على الصُعد النهضوية والتنموية التي هي محل تقدير عالمي، وزياراته التي لم تنقطع منذ توليه سدة الحكم، إلى قارات العالم كافة، لتعزيز دور الإمارات الكبير والاستثنائي في اللحظة الراهنة لإحلال الاستقرار والأمن والسلام في العالم، ودعم الازدهار والتنمية من أجل مستقبل أفضل للبشرية.