حيدر حسين سويري يكتب لـ(اليوم الثامن):
العراق.. تضليل إعلامي
تقترن مفردة (تضليل) في المعاجم والقواميس بالشر والباطل، ففي قاموس لسان العرب لأبن منظور، فأن التضليل من مادة (ضلل) وتضليل الانسان يعني تصييره الى الضلال، أي الباطل. وهذا هو تعريفهِ لغةً، وأما تعريفه اصطلاحاً، فقد عرفه المعجم السياسي الفرنسي طبعة 1978 بالآتي: هو الخبر الكاذب الموجه، الذي يقدم على انه حقيقة، بهدف توريط الرأي العام في الخطأ، لتوجيه العقول وتزييف الجماهير العريضة، وادارة لعبة السياسة بشكل غير نظيف.
كما نستطيع القول: هو تسخير محتوى اتصالي للحصول على نتائج تتعارض مع الحقيقة، وذلك لترسيخ واقع محدد في ذهن المتلقي، يخدم مصالح معينة.
في حوار صحفي سنة 1979 في مجلة المصور سُأل الفنان شكري سرحان عن أهم أدواره فكان رده في كثير من الأفلام ولم يذكر فيلم (رد قلبي)، فتعجب الصحفي وقال له: ليه لم تذكر دور على أبن الجنائني؟! فقال له الفنان شكري سرحان بالنص: لأن علي أبن الجنائني خطف وأغتصب حق مش حقه، ولأن علي هو الغاصب والمعتدي والظالم، مش الباشا ولا البرنس علاء ...
هنا كتب الصحفي علامات تعجب كثيرة، ثم عاود وسأله من جديد: طيب ليه مثلت الدور ده؟ ورضيت تعمله من الأصل؟ طالما دي قناعاتك؟! فأجاب الفنان شكري سرحان رحمه الله: كان مدحوك علينا ومش فاهمين، من كتر الكذب اللي سمعناه.
يمارس التضليل الاعلامي من دون اي احساس بالمسؤولية، تجاه أخلاقيات المهنة الإعلامية، في ضوء خبرات حرفية تُجمل الأكاذيب وتزينها، وبمعنى أدق فإنه يتم اخفاء الحقائق عن الجمهور، عبر الوسائل الاعلامية المختلفة (التقليدية منها والالكترونية) واغراقها بالأخبار والمعلومات المزيفة والمحرفة، مما يحول الوقائع الى مجرد أوهام، تعشعش في رؤوس المتلقين، وتؤسس لأوضاع وصور اجتماعية وسياسية خطيرة.
هنا في العراق تعلمنا مع استلام كل حكومة جديدة زمام الأمور، تبدا باتخاذ قرارات وتقديم قوانين وتطرح أفكار، تقطع وعود و.... الخ، ثم يبدأ اعلامها الخاص بالترويج لها، لكنها تبقى حبر على ورق، حتى تأتي حكومة أخرى فتلعن أختها، فتذهب جميع تلك الامور مع الريح، والحكومة الجديدة تأتي بأكاذيب جديدة، وهكذا دواليك، بالرغم من ذلك فثمة من مازال بثق او يتأمل خيرا في كل حكومة قديمة وجديدة، وهنا اليوم وبعد تشكيل حكومة السوداني لم تختلف عن غيرها، وبالرغم من ان متطلبات الشعب معروفة وواضحة، الا انه بدا بأعلام مضلل، يقوم بتخدير المواطنين كما اسلافهِ من حزب الدعوة، يترك الأزمات المهمة وحلها، مثل سلم الرواتب وأزمة السكن والنقل والخدمات العامة من البنى التحتية، ليستعرض لنا عضلاته في قرارات لا تسمن ولا تغن من جوع! فإلى متى؟
بقي شيء...
إن كنتم احراراً في دينكم ودنياكم، كفوا السنتكم وارونا عملكم، ودعوه يتحدث بدلا عنكم.