حيدر حسين سويري يكتب لـ(اليوم الثامن):
نقاش زنكَلاديشي حول الحصة الغذائية
مشاكل الشعب الزنكَلاديشي لا تحصى ولا تعد، نتعرض اليوم لأحداها عن طريق هذا النقاش الدائر بين ثلة من الموظفين (الطبقة المتوسطة كما هو متعارف) ... يبدأ النقاش بطرح احدى المواطنات سؤال بعد ان أصبح راتب زوجها مليون ونصف (1000 دولار) وقد تم قطع الحصة الغذائية والحصة النفطية عن عائلتها:
- عائلة من خمس نفرات (٣ اطفال مدارس) والام ربة بيت، وساكنين ايجار، ما صدگوا راتب الاب صار مليون ونص، تكافئهم الحكومة بقطع البطاقة التموينية ومن ضمنها بطاقة توزيع النفط بهذا البرد! ليش؟ أحد يوصل للمسؤولين إن المليون ونص مو ثروة! ولا تكفي اي عائلة بهذا الظرف والاسعار اللي بالسوق!
فيعترض أحدهم ليقول: إذا المليون ونص ما تكفيهم لعد حقه المسؤول في الحكومة يأخذ 40 مليون!
فأجابتهُ: مليون ونص تكفي ٥ او ٦ نفرات مع وجود ايجار ومدارس وعيشة وو...؟
- اكو عوائل عايشه ب 500 ألف، تره مليون ونص كافي وزايد
- في بغداد العيشة صعبة، تره مو حجي لسان، يمكن بالمحافظات اهون
- يعني أكثر إيجار بالنسبة للطبقة المتوسطة 500 ألف. والمليون كافي لبقية المصاريف حتى لو 5 او 6 نفرات. أما إنك تتحدثين عن الطبقة الغنية والي احوالهم (طاكَه)، فهؤلاء حتى 5 ملايين ما تكفيهم، لان المدارس والجامعات أهلية، وكل أبنائهم مدرسين خصوصي، وطبعا موبايلات حديثة، وكل طلعة بالأسبوع للمولات يحتاج لها فد مليون.
- ايجار ال ٥٠٠ بأطراف بغداد، ويطلع فرقها بالازدحام والكراوي والبنزين ....
- لا والله بنص بغداد، مناطق مثل الشعب والطالبية والغزالية والرحمانية كلها 500 ألف الايجار، بس أنتم جماعة المناطق الراقية ايجاراتكم غالية، ومصاريفكم جدا مكلفة مقارنة بالمناطق الشعبية والمتوسطة، على كيفكم عمي تره مليون نص كافية للعائلة.
- لا طبعا، هذا الكلام مو صحيح، تره مراجعة وحدة للطبيب تروح ٢٥٠ ألف دينار إذا مو أكثر، شنو الحياة تقيسها بس اكل وشرب حضرتك!
هنا يتدخل طرف ثالث (مو قصدي الطرف الثالث مال مظاهرات خوش؟) ليدلو بدلوه ويشارك برايه:
- عوفيهم أختي، ذولي يغشمون روحهم، خل يستلم مسؤولية بيت وايجار ومولد وخل يغرد براحته، مرات الكلام بدون دراية ينرفز، إذا عندك عائلة مكونة من خمسة يكفيك مليون ونص وانت مؤجر؟ هاي حسبنا بس الايجار ما كلنا مولد ومصاريف يومية وطبيب وامور أخرى، واذ اكو ناس عايشه بأقل، صحيح اكو، بس هذا مجبر ويضطر يشتغل شغلتين يله يكفي عائلته؛ حبيبي انت وين كاعد وكم عدد افراد اسرتك وكم ايجارك وما هو سعر الامبير بمنطقتك بلا زحمة؟ وشنو (متعافين) هاي كلمة تروح تكَولها للنواب وللمسؤولين، انت هاي الاسئلة إذا ما تجاوبني عليها لا تحجي بعد وتعبنا، أني نص راتبي رايح للإيجار وازيدك من الشعر بيت أني مكَاعد بمنطقة راقية ....
بدأ النقاش يأخذ مجرى آخر، وتصاعدت حدة الكلام، وبدت العصبية واضحة، والامر واضح على كل الزنكَلاديشيين بسبب الضغط النفسي الذي يلقونه من طبيعة واقعهم المرير. هنا تدخل صوت ملائكي ليهدأ النفوس ويسكت الجميع، قائلاً:
بالبداية تحية طيبة حبيبتي، وشكراً على هذا الطرح المستلهم الواقعي المر، حقيقةً أكثر الناس المتضررة هم الي ساكنين إيجار، حتى وان كان راتبهم مليونين، للأسف ايقنت مؤخراً من خلالي عملي، انو اغلب المحافظات يتخيلون المليون مبلغ كبير، مقارنةً بمناطقهم طبعاً، زارتني احدى المراجعات عندها مشكلة عالقة بالعائديات الشخصية لبطاقة (....) بعد الضيافة والترحيب والملاطفة، سألتها: شلون شفتي بغداد؟ جاوبتني بلهجتها: خيه احنا ابعد مكان بالتكسي ٣ الاف دينار، وأحسن بيت ايجاره ٢٠٠ ألف، وكانت حيل مصدومة بأسعار التكسيات؛ فالخلاصة المتضرر ابو الايجار في بغداد، اقل بيت ايجاره ٧٠٠ ألف دينار، والمشكلة بصراحة ماكو التزام ماكو وعي، يا اخي ارحم نفسك، شوف نفسك ساكن ايجار، تجيب وتخلف ليش؟ جيش ليش ما يفكرون، مدارس وملابس ومستلزمات و.... هسه شوفي المناطق الشعبية 24 ساعة ضوضاء وهوسه، كل بيت عشيرة، تعالي شوفي شارع ١٤ رمضان وشارع الاميرات ساعة ١٢عبالك مهجورة اطفال ماكو واحد أو اثنين، فالمشكلة مو بس الحكومة كذلك وعي المجتمع ....
بقي شيء...
لي أن أتساءل: ما هي علاقة الراتب الذي هو حق للموظف، مقابل عمل ينجزه، والذي زاد نتيجة ترفيعات وعلاوات واضافة شهادات، وكل ذلك جاء نتيجة سنوات من التعب في خدمة البلد، وبين بطاقة تموينية هي من حق جميع أفراد الشعب؟ الاثنين منفصلين، وكلاهما حق للمواطن، فالأول مقابل عمل يقدمه والثاني مقابل انتمائه لهذا الوطن، ولا توجد علاقة تربط بينهما… وبتعبير أحد الموظفين (ما يخلوك تفرح بشيء أبد والله، هاي شغلات مدروسة لمزيد من عذابات الناس).